كان هناك زوجان عندهما طفلتان، واحدة اسمها سارة والأخرى اسمها كريستي، وعندما كانتا صغيرتين، قررا أن يشتريا لهما جرواً صغيراً، وبعدما اشترياه وعادا به، فكرا أن يطلبا من صديقة لهما أن تتولى تدريبه.
حمل الزوجان الجرو الصغير وذهبا به إلى بيت صديقتهما. وقبل بدء التدريب الأول، سألتهما المدربة قائلة: «ما هدف الجرو؟» تبادل الزوجان النظرات الحائرة؛ فهذا السؤال غير متوقع بالمرة، في الواقع لم يخطر لهما أن يكون للكلب هدف آخر سوى ذلك، فتمتما قائلين: «هدف الجرو؟! قطعا هو أن يصير كلباً؟»، أومأت المدربة برأسها بالنفي بشكل صارم وقاطتعهما قائلة: «يجب أن يكون لكل جرو هدف بعدما تناقش الزوجان، قاما بتحديد هدف للجرو الصغير، وهو: أن يلعب مع طفلتيهما نهارًا، ويحرس منزلهما ليلاً.
فيما بعد، نجح الكلب في أن يُدرّب ليصير صديقا للطفلتين وكذلك أن يكون روحاً حارسة للبيت وما فيه من ممتلكات.
هذان الزوجان هما آل غور نائب رئيس الولايات المتحدة السابق وزوجته «تيبر» فكانت هذه الكلمة دائما حاضرة بقوة في ذهنيهما: (لكل جرو هدف). وعلى نطاق أوسع وقياساً على ذلك يجب أن يكون عندك هدفا لكونك إنسانًا.
ليس للعديد من الناس هدف في الحياة في الحقيقة إن البحث عن هدف ليس أمرا عسيراً فمربط الفرس هو أنه عليك أن تعرف أن هناك أمراً كبيراً وفريداً فى هذه الدنيا ومن ثم تقوم بالسعي من أجل تحقيقه باذلاً كل ما بوسعك فأنت تحتاج إلى هدف خاص بك وحدك، ولا يكون من يتطلع إليه هما والداك أو أستاذك أو حتى رئيسك في العمل، يكون هذا الهدف متعلقاً بك بشكل أقوى من تعلقه بالآخرين أي أنه سيكون الرفيق الأعز والأقرب إلى قلبك، حتى تصلا إلى مرحلة الارتباط الوثيق كارتباط الدم باللحم، ومن ثم ستجتاز علاقتك به علاقتك بوالديك وزوجتك وأولادك، وكذلك علاقتك بزملائك ومديرك.
ربما تفقد كل مدخراتك أو الناس الأعزاء والمقربين إلى قلبك ولكن إذا كان عندك هدف فستملك منظومة كاملة، ولن تكون وحيداً أو محبطاً وفاقداً للرجاء .
دائما ما نتخذ تطلعات الآخرين أهدافا لنا، وهذا يكون منطقياً في فترة الطفولة ولكنك ذات يوم ستكبر تدريجياً وستشعر أن ما يتطلع إليه الآخرون مهما كان جميلاً لا ينتمي إليك ولا يخصك وإن جاء يوم ونجحت فيه أن تغرس أمنية ما في أعماق قلبك ثم نبتت جذورها ونمت وصارت هدفك فحينها سيكون شكل الشجرة قد تغير تماماً، رغم أن أغصانها وأوراقها ستكون امتداداً للشجرة الأم الأصلية التي تتمثل في تطلعات الآخرين، ولكن ستكون قد استمدت غذاءها من أوعيتك الدموية فستنتمي روحها إليك بشكل تام، دائما نتخذ العادات والتقاليد الشائعة أهدافاً لنا.
يكون هذا عصر النقود، فتتخذ أنت أيضًا جني الأموال هدفًا لك ولا يخطر على بالك أن الأموال هي وسيلة وليست هدفاً وبعدما تحصل على الأموال، لا يتوقف الأمر هنا، بل يستمر إلى أبد الآبدين.
إن اتخاذ الأموال كهدف أشبه بتحويل الأوراق إلى جذور راسخة وتحولها من شيء مؤقت إلى شيء أبدي تلهث وراءه.
إن الهدف هو مرادف لكلمة ((بعيد))، يكون معلقاً وسط بحار الحياة مترامية الأطراف، وتبحر أنت تجاهه ولكن دون أن تتمكن من إدراكه بسهولة إن سعادتك تتدفق طوال الرحلة الصعبة وليس عند الوصول إلى الأهداف في حد ذاتها، ومن ذلك المنطلق، فالمال لا يتمتع بمؤهلات الأهداف النهائية بعد فترة يكون الجمال هو الشائع، فتتخذ صناعة الجمال والاحتفاظ به هدفًا لك، ولا يخطر ببالك أن مقاييس الجمال مختلفة وليست واحدة، بل وأن الجمال متغير وغير ثابت أما الهدف فهو شيء ثابت .
إذًا ماذا ستفعل بعد اتخاذ الجمال هدفًا لك؟ إن الجمال يمكن أن تبهت ألوانه وتنطفىء أما الهدف فتظل ألوانه مشرقة زاهية إلى ما لا نهاية.
هناك أناس يتخذون الفرح والسعادة هدفا نهائيا لهم وأعتقد أن هذا شيء جدير بالتأمل والتفكير.
إن السعادة ليست فقط سوى إحساس بسيط بالفرح، كتناول الطعام والشراب والقدرة على الزواج، اكتشف العلماء أن السعادة الأطول والأكثر استمرارية، هي التي تنبع من تجسيد قيمة الذات. ومما لا شك فيه، أن قيمتك تُستمد من هدفك، إذا كيف يمكن لشخص لا يملك هدفًا واحدا أن يتكلم عن القيمة؟
ربما يكون هدف الشجرة هو أن تُزخرف لتصبح دعامة لبناء ضخم أو ربما يكون هدفها أن تصير يد شمسية خضراء يستظل بها الناس أو ربما تتحول إلى قطع لا حصر لها من الورق تتناقل عليه المعرفة وربما تصنع منها عيدان الطعام المستخدمة لمرة واحدة تُفرح قلوب الناس وتجعلهم يستمتعون بالطعام حتى الشبع، هناك احتمالات كثيرة جداً لا حصر لها ولكننا لسنا شجرة ولا يمكننا أن نعرف ولا نفهم ما يجول في خواطر الأشجار، فنحن بشر يمكننا أن نحدد هدفاً لأنفسنا فهذا واحد من واجباتنا لكوننا بشراً.
اضافةتعليق
التعليقات