• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

موسم الاضطهاد: مرحلة تعرقل الوصول لتحقيق الذات

ليلى قيس / الأربعاء 17 آب 2022 / تطوير / 1692
شارك الموضوع :

مع بروز التيار الاضطهادي، تكون الحالة النفسية للإنسان قد بلغت درجة عالية من التوتر

إن فشل تحقيق الذات، فشل الوصول إلى قيمة ذاتية تعطي للوجود معناه، يولد أشد مشاعر الذنب إيلاماً للنفس، وأقلها قابلية للكبت والإنكار، هذه المشاعر تفجر بدورها عدوانية شديدة تزداد وطأتها تدريجياً بمقدار تراكمها الداخلي. وعندما تصل العدوانية إلى هذا الحد لا بد لها من تصريف يتجاوز الارتداد إلى الذات وتحطيمها، كي يصل حد الإسقاط على الآخرين.

مع بروز التيار الاضطهادي، تكون الحالة النفسية للإنسان قد بلغت درجة عالية من التوتر الانفعالي والوجودي العام، يدخل في مرحلة من الغليان الداخلي للعدوانية التي كانت مقموعة بشدة، والتي بدأت تفلت من القمع وتطفو على السطح، بعد أن كانت مرتدة على خلال أولية التبخيس الذاتي، وما يرافقها من رضوخ مازوشي، إذ إن كل أولويات مرحلة الرضوخ تظل عاجزة عن التصريف الملائم للتوتر العدواني الناشئ عن القهر.

إنها لا تفي بالحاجة إلى التوازن النفسي الضروري لأن الإنسان لا يمكنه احتمال التبخيس الذاتي بشكل دائم، لا بد له من الإحساس بشيء من العزة والكرامة، بشيء من الاعتبار الذاتي في نظر نفسه ونظر الآخرين.

إذ أن لب الشعور الاضطهادي هو التفتيش عن مخطئ يحمل وزر العدوانية المتراكمة داخلياً. الإنسان الاضطهادي بهذا المعنى، لا يستطيع أن يكتفي بإدانة ذاته. إنه بحاجة لإدانة الآخرين ووضع اللوم عليهم، الإنسان الاضطهادي يصاب بذعر لا يمكنه احتماله إزاء إمكانية شعوره بالذنب، إنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية ذنبه، لأن العدوانية في هذه الحالة تهدد وجوده بالانفجار.

وهكذا لا يجد أمامه من سبيل إلى اتهام الآخرين بالذنب، وبالتالي بالعدوانية. إنه يصب عدوانيته فيهم وعليهم ويجعلهم ممثلين لها، حاملين أوزارها وأوزار تقصيره الوجودي، تحويل الآخر بهذا الشكل إلى مصدر للعدوانية ورمز لها، يفسح المجال في مرحلة تالية لإمكانية تبرير الاعتداء عليه، الاعتداء مشروعاً لأنه يتخذ طابع الدفاع عن النفس.

إذا كنت عدوانياً تجاه الآخر، فما ذاك إلا كي أدافع عن نفسي ضد التهديد الذي أتعرض له من عدوانيته. ثم إن إلصاق العيب الذاتي بالآخر يحوله إلى رمز للنقص والعار. نتخلص بذلك من عارنا الذاتي من ناحية (مما يمكننا من استعادة بعض الاعتبار الذاتي)، ونجعل الاعتداء عليه مشروعاً ومبرراً لأنه عدوان على رمز العيب والعار.

الاعتداء على الآخر انطلاقاً من الوضعية، ليس اعتداء على قيمة إنسانيته، بل هو بكل بساطة تحطيم لرمز السوء والعار.

من خلال الوضعية الاضطهادية يتحول الآخر إلى عقبة تعرقل الوصول إلى تحقيق الذات. وبمقدار ما تترسخ هذه النظرة عن الآخر كعقبة، يفقد إنسانيته تدريجياً في نظرنا، ويتحول إلى أسطورة شر.

ليس هناك من التزامات تجاهها أو حرمة لوجودها، بل على العكس لا بد من القضاء عليها في التشفي.

وهو فعل يتخذ طابع القضاء على العقبة الوجودية، مما يجعلنا نفهم السهولة المذهلة التي يتم فيها العدوان.

في المرحلة الاضطهادية إذاً، تسقط مشاعر الذنب والتبخيس الذاتي على الآخر، لا المتسلط بل الشبيه، الآخر المقهور أو الأكثر قهراً. وتوجه إليه العدوانية المتراكمة متخذة طابع الحقد المتشفي.

والهدف من ذلك هو تحطيم الصورة غير المقبولة عن الذات التي يعكسها للإنسان المقهور من هو أكثر غبناً. منه، مما يعطيه انطباعاً، ولو وهمياً، بالإفلات القهري.

وعلى هذا الاساس يخلق مناخا من العنف العام ومن هذا المناخ وما يتضمنه من أسلوب متوتر استغله المستعمرون والمتسلطون الداخليون، حين فسر بشكل مزور على أنه جزء من طبيعة بعض الشعوب التي عانت طويلاً من القهر.

فاكتسبت تلك الشعوب شهرة الدموية أو العناد وركوب الرأس أو العدوانية، التي فسرت جميعاً بأسباب عرقية أو ما شابهها من التفسيرات المجحفة، التي لا هدف لها سوى تبرير البطش الذي ينزله المستعمر أو المتسلط الداخلي بها، إنهم لا يفهمون سوى لغة القوة.. اللطف لا يجدي معهم.. لا يجوز التساهل معهم، سيستجيبون بالعنف والتخريب، سيتطاولون على أرباب نعمتهم.

هنا نلاحظ مأزقاً آخر يحشر فيه الإنسان المقهور، إنه ضحية عنف مزمن ومنظم، ولكن يطلب منه أن يكون مهذباً، لأنه لا يستطيع أن يتحمل مسؤولية ذنبه، لأن العدوانية في هذه الحالة تهدد وجوده بالانفجار، وهكذا لا يجد أمامه من سبيل إلا اتهام الآخرين بالذنب، وبالتالي بالعدوانية، إنه يصب عدوانيته فيهم وعليهم ويجعلهم ممثلين لها، حاملين أوزارها وأوزار تقصيره الوجودي.

باختصار تام إن عملية تحويل الآخر بهذا الشكل إلى مصدر للعدوانية ورمز لها، يفسح المجال في مرحلة تالية لإمكانية تبرير الاعتداء عليه.

المصدر:
"بتصرف من كتاب التخلف الاجتماعي مدخل الى سيكولوجية الانسان المقهور، للكاتب د. مصطفى حجازي"
المجتمع
السلوك
التفكير
الشخصية
القيم
مفاهيم
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟

    الميثاق الذي لم يُكتب: عبد الله الرضيع وولادة قانون الطفولة

    النوم مع نافذة مفتوحة - مخاطر صحية لا يعلمها كثيرون!

    أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

    القيم والمآثر الأخلاقية في حياة الإمام الحسين

    آخر القراءات

    اختبار مبتكر يقيس فعالية العلاج الكيميائي في مواجهة السرطان

    النشر : السبت 28 حزيران 2025
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    صناعة القيم وبناء الإعمار النفسي عند الإنسان

    النشر : الأثنين 07 آذار 2022
    اخر قراءة : منذ 4 ثواني

    الصمت.. دأبُ الصامدين

    النشر : الأحد 06 آذار 2022
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    العيد: طقوس طغت عليها العزلة وعادات تقاوم الإندثار

    النشر : الثلاثاء 18 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 9 ثواني

    إتحاد أدباء كربلاء المقدسة يحتفي بالروائي علي لفتة سعيد

    النشر : الأثنين 21 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 12 ثانية

    اصدار جديد عن السيدة الزهراء في رؤية معاصرة جديدة

    النشر : الأحد 31 آيار 2020
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1256 مشاهدات

    أنصار الحسين يوم عاشوراء: قصة التضحية والوفاء الأبدي

    • 489 مشاهدات

    بعد تراجع وفيات النوبات القلبية.. ما الذي يُهدد حياتنا الآن؟

    • 465 مشاهدات

    تحدّي عاشوراء: أربعون يوماً لتكون حسينيّاً في زمن الضياع

    • 453 مشاهدات

    محرّم في زمن التحول

    • 452 مشاهدات

    جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية تنظم فعاليات نادي ريحانة الصيفي للفتيات

    • 377 مشاهدات

    القليل خير من الحرمان

    • 1350 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1256 مشاهدات

    وميض من التاريخ: تتويج إلهي بالولاية

    • 1180 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1113 مشاهدات

    قراءة في كتاب: إدارة الموارد البشرية

    • 802 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 654 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول
    • منذ 20 ساعة
    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟
    • منذ 20 ساعة
    الميثاق الذي لم يُكتب: عبد الله الرضيع وولادة قانون الطفولة
    • منذ 20 ساعة
    النوم مع نافذة مفتوحة - مخاطر صحية لا يعلمها كثيرون!
    • منذ 20 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة