يخلط البعض بين مفهومي الصداقة والتقبل الاجتماعي إلى الدرجة التي تجعلهم يستخدمون المفهومين دون تفريق رغم ما بينهما من تباين، ولذا ينبغي إلقاء الضوء على أوجه التمايز بينهما بعد أن نعرف أولا مفهوم التقبل الاجتماعي.
يشير التقبل الاجتماعي social acceptance إلى درجة نجاح الأشخاص في عضوية الجماعات التي ينتمون إليها كما تتحدد من اختيار الأعضاء الآخرين لهم كرفقاء يشاركونهم في اللعب أو العمل، وفي معظم الأحيان يقدر التقبل الاجتماعي باستخدام المقاييس السوسيومترية التي تمدنا بتقدير للحصول كمي، يعبر عن درجة تفضيل مجموعة الأقران تكوين علاقة اجتماعيا مع الشخص أو مجموعة الأشخاص موضع الاعتبار، ويتضمن الإجراء المتبع عادة في توجيه سؤال لكل عضو من أعضاء الجماعة (وهم غالباً تلاميذ أحد الفصول الدراسية) عن زملائه الذين يفضل اللعب أو العمل معهم، وفي بعض الأحيان يضاف إلى ذلك سؤال عن الزملاء الذين لا يحبون اللعب أو العمل معهم، ثم تتاح لكل تلميذ حرية كتابة أي عدد من الزملاء وفق رغبته، وفي حالات أخرى لا يسمح له بكتابة أكثر من ثلاثة أسماء.
وفي بعض البحوث يطلب من التلميذ كتابة أسماء زملائه مرتبين حسب درجة تفضيله لهم، وبعد فرز الإجابات يصنف كل تلميذ حسب عدد مرات اختيار زملائه له في فئات تعبر عن تقبله بين زملائه، أو رفضهم له، أو تجاهله من جانبهم، وتشمل الفئة الأخيرة التلاميذ شديدي الخجل أو الميالين إلى العزلة والانطواء دون إحسان أو إساءة إلى زملائهم، ولذا لا يشعر أقرانهم نحوهم لا بالحب ولا الكراهية.
هذا عن تعريف التقبل الاجتماعي وطرق تقديره، أما عن وجه التمايز الأساسي بينه وبين مفهوم الصداقة، فيأتي من جهة تميز الصداقة بخاصية الاختيار المتبادل والمستقر عبر الزمن بين طرفي العلاقة الاجتماعية، أما التقبل الاجتماعي فلا يعدو كونه مؤشرا دالا على الشعبية أو النجومية الاجتماعية بين أعضاء الجماعة دون أن يلزم عنه وجود علاقة متبادلة بين الشخص ذي المكانة السوسيومترية المرتفعة وزملائه الذين عبروا عن تفضيلهم لرفقته، وتزيد أهمية هذه التفرقة خاصة مع توافر بعض الوقائع التي كشفت عن وجود ارتباط ضعيف بين الصداقة والتقبل الاجتماعي، وزيادة على هذا تبين أن بعض برامج تنمية المهارات الاجتماعية تحدث تأثيرا فعالا في اتجاه تحسين التقبل الاجتماعي للمتدربين، بينما ثبت عجزها عن تقوية صداقات هؤلاء الأشخاص
وفي تعبير عن اتجاه أقل تشددًا يرى آشر Asher أنه لا يجوز التسرع في تقرير عدم وجود صلة بين الصداقة والتقبل الاجتماعي، ويدعم رأيه بوقائع ترجح وجود علاقة ثنائية الاتجاه بين المفهومين، يشرحها على نحو مؤداه أن شعور الشخص بأنه مرغوب فيه من زملائه يدعم ثقته في نفسه،
ويشجعه على إظهار ضروب سلوكية تتسم بالمودة والمهارة، ومن ناحية أخرى تؤدي التصرفات الودية إلى درجة أفضل من التقبل والشعبية بين الزملاء إذا أداها الفرد بالأسلوب الملائم.
ويفسر مانارينو Mannarino الموقف من جانبه بأن قيام الباحثين باستخدام المقاييس السوسيومترية لتقدير كل من الصداقة والتقبل الاجتماعي قد تسبب في طمس الفروق الدقيقة بينهما مما دفع البعض إلى تناولهما وكأنهما متطابقان، ويقترح حلًا للتغلب على تلك المشكلة المنهجية مع المحافظة في الوقت نفسه على إمكانات الإفادة من الطرق السوسيومترية في بحوث الصداقة، ويتمثل في التحقق وبأساليب سـوسيـومـتـريـة مـن تـوافـر أهـم خصائص الصداقة وهي الرغبة المتبادلة في الأخذ والعطاء، وذلك بأن يطلب من المبحوث تعيين أو ترتيب أحب أصدقائه إليه من بين زملائه في الفصل المدرسي، ثم يقدر بعد ذلك ومن خلال إجابات مجموع التلاميذ. إلى أي حد تتوافق الاختيارات المتبادلة بينه وبين زملائه.
اضافةتعليق
التعليقات