لطالما كرهت هذا الصنف من البشر، حسنا لنستبدل كرهت ب اشمأززت، هذا حقا ما كان يحدث لي، أصاب بالاشمئزاز عندما يكون جل حديث شخص معي هو ملابسه، عطره وطريقته في المشي.
كم أنه أمضى ليلته الماضية كلها دافنا رأسه في دولاب ملابسه بحثاً عن شيء يرضي تفكيره الغريب في أن يظهر (تريندي)، أو كيف أنه قد أنفق كل أموال أهله (أو حتى إن كانت أمواله) في المحل الفلاني مصاحباً كلامه بضحكة غبية مشمئزة، كيف يمكن للمرء أن يكون فارغا هكذا؟
أن يكون عقله مجوفاً لا يوجد فيه سوى مع أي لون يليق الأصفر!
ليس هدفي قول أن هندامك أو شكلك الخارجي ليس ذا أهمية، على العكس تماما، فالشكل يؤثر بشكل كبير على طريقة تعامل الناس معك ولن يستطيع أحد أن ينكر ذلك، لكن أرجوك على قدر اهتمامك بشكلك وملابسك اهتم بعقلك، املئه بشيء ما، قرأت مقولة في مكان ما تقول (سنغدو رفاتا ويبقى الأثر)، لن يكون أثرك هو ملابسك وقضاءك عشر ساعات بعيدا عن اهلك معتزلا غرفتك تبحث عما تلبس، أو شجارك مع أبيك لكونك تريد المزيد من المال لإنفاقه، ليس هذا ما سيبقى، ما سيبقى كم أنك مضيت من وقتك تقرأ، تشاهد أفلاما تنفعك، تسمع شخصا لتساعده، تبتسم لأهلك وتجلس معهم ساعة أو ساعتين، أستغرب نفسي عندما أقول ساعة أو ساعتين، اعتدنا أنا وأسرتي أن نجلس معا طوال اليوم، تسير السنين بطريقة مريبة سريعة وتسحبنا معها، ها نحن نفسنا لم نجلس معهم تلك الساعات الطوال، حتى هم.
أخطر عدو هو الوقت. أعود لحديثي، أرجوك خفف عني في المرة القادمة ولا تفتح معي موضوعا يخص كم ساعة مضت وأنت تختار ما ترتديه الآن امامي. ارتد ما تريد واصمت، رأسي ليس بفارغ لسماع فراغك.
سيكون من الجميل لو رأينا جمال الأشخاص في عقولهم، أن يسحبونا هكذا إلى هالتهم الخاصة لجمال منطقهم وثقافتهم، ألا ينشغل الجميع هكذا بمظهره فحسب.
لم نسيَ الجميع أهمية العقل، بدأ يسيطر علينا حب اهدار الأموال على الملابس التي تتراكم داخل دواليبنا قطعة تلو الأخرى حتى تُرمى يوما ما كما حدث مع سابقاتها، كيف أصبحنا هكذا ونحن جيل خرج من جيل لطالما أحب صرف ما يملك من مال على الكتب والمجلات والصحف وكل ما يخص القراءة وتطوير الذات والتثقف.
لنحاول جميعا أن نبدأ بأنفسنا، أن نلاحظ إن كنا نحن أيضا كغيرنا نبالغ في التركيز على مظهرنا، بذلك نحن لا نقضي على وقتنا فحسب بل نطور فكرة غبية وننقلها لجيل جديد ليتوالى نقلها من جيل إلى جيل حتى يصبح مترسخا فينا حب الملابس والمظهر ويكون من الصعب أن نتخلص من هذه العادة كونها قد تتحول إلى طباع سيئة متجذرة فينا.
اضافةتعليق
التعليقات