الحياة مليئة بالمعتقدات، يظنها البعض واهية وآخرين يجدون ضالتهم المنشودة بها، ومن جملة هذه المعتقدات عالم الأحجار الكريمة الموغل بالأسرار التي تشوبها غالبا الخيال، فهناك من يرجح بأنها ذات كرامات وخواص مميزة وكثيرة، ومنهم من يتمرس مهنة العلاج بها حيث يعتبر هذا النوع من العلاج جزءا من الطب البديل..
وللتقرب أكثر حول عالم الأحجار الكريمة أجرت (بشرى حياة) هذه الجولة الاستطلاعية..
مجرد اكسسوار
تعتبر زينة أحمد أن الأحجار الكريمة مجرد زينة حالها كحال الإكسسوار التي تمتلكها، غير أنها تعتز بها لكونها باهظة الثمن كما لها مدلول خاص بالرقي حينما تسألها إحدى رفيقاتها عن اسم الحجر الذي تقتنيه سواء إن كان الحجر في خاتم زين اصبعها أو سوار في معصمها أو عقد يتلألأ في جيدها.
فيما يرى لؤي عبد العباس أن اعتقاد الناس بالأحجار الكريمة الشافية وغيرها من الكرامات هو الايمان بالشيء الذي يصب في تثبيته حاله كحال السحر والدجل إذ يثبت بعقيدة المرء به.
وعن اقتنائه لحجر كريم قال: أنا أرتدي خاتما من الفضة يحمل حجرا يمانيا واقتنائي له امتثالا لأقوال أهل البيت (عليهم السلام) بالحث على التختم باليمن.
حقيقة أم خرافة
بهاء نجم/ طالب جامعي، أدلى برأيه قائلا: لقد زرت في إحدى المرات متجراً لبيع أنواع متعددة من الأحجار الكريمة لإرضاء فضولي، حيث كانت تختلف أسعارها باختلاف أشكالها وألوانها والغرض المراد من استخدامها، وهناك منها باهضة الثمن، كما وجدت أحجار لعلاج بعض الأمراض حسب ما قاله صاحب المتجر، منها علاج العقم، والسرطان، وبعضها لحل المشاكل أو قضايا الحب، والمثير في الموضوع هو إيمان البعض بها الأمر الذي يدعوني دائما للتساؤل إن كانت تلك المعتقدات حقيقة أم خرافة.
تكوين رباني
وفي جولتنا التقينا بالحاج كامل صبحي صاحب محل خاص بالأحجار الكريمة قائلا: تجذب الأحجار الكريمة إعجاب الزائرين العرب والأجانب، وهناك الكثير من لديه يقين بأنها تستعمل كأداة للشفاء والتداوي وإبعاد الحسد وجلب الرزق، ويتختم بها البعض من أجل ذلك أو تبركاً لخاصية الحجر لكونه كريم، وذلك بحسب ما نبتاعه نحن من أصحاب الاختصاص إلا إني ما زلت في شك دائم حول هذه المسألة.
وعن تكوينه قال: تتكون هذه الأحجار تكوينا ربانيا من الأبخرة والأدخنة التي تنتج في باطن الأرض بقوة الحرارة العالية ثم تتصلب تلك المواد ومن ثم تجف وعلى حسب نوعية المادة وتفاعلها واتحادها ينتج حجر أو معدن تام التركيب وهناك أحجار تتولد من النباتات مثل الكهربا والسندروس.
وللأحجار الكريمة أنواع وأشكال واستعمالات متعددة حسب الأحاديث الشريفة وأقوال وتوصيات الأئمة (عليهم السلام) منها الياقوت بأنواعه وأشكاله، والعقيق، والزبرجد، والزمرد، والمرجان، والفيروزي، والكهرمان، أما أشهر هذه الأصناف هو العقيق اليماني.
وعن أكثر المتبضعين لهذه الأحجار تابع قائلا: الكل سواسية عرب وأجانب، ففي المناسبات حينما يقصدنا الزائرون من مختلف مدن العراق الكثير من يبتاع الأحجار الكريمة، فضلا عن السائحون الأجانب من دول الخليج وإيران ولبنان والهند وباكستان وحتى دول الغرب.
رؤية نفسية
الاستشارية النفسية نور مكي الحسناوي تفسر اعتقاد بعض الناس بقوى الأحجار قائلة: إن هذا الاعتقاد يدخل ضمن جانب الإدراك أو الشعور، وهو جانب نفسي ناتج عن موقف معين، ربما حصل مع شخص ما عن طريق الصدفة أو الحظ، أثناء حمل قلادة أو حجر معين، لكن هذا الموقف سرعان ما يكون له صدىً كبيرا، وهذا من صنع المجتمع.
كما أرى أن الفقر والعوز هو أحد الأسباب التي تدفع إلى الاعتقاد بمفعول الأحجار الكريمة، والبطالة والاضطهاد والمرض وغيرها من المسببات الأخرى، التي كثيراً ما يقف الإنسان بسببها عاجزاً عن تحقيق أمنياته ورغباته ما يدفعه بالتالي إلى الإيمان بأهمية هذه الأحجار أو السحر أو الشعوذة كمخلص أو منقذ من هذه العوامل.
ونلاحظ أن سكان المناطق الشعبية والفقيرة هم الأكثر تمسكا بهذه الأحجار، والاعتقاد بالأحجار الكريمة هي من الظواهر القديمة التي تواجدت مع المجتمعات البشرية، ونسبة الإيمان بمفعولها تتفاوت من مجتمع إلى آخر حسب درجة الوعي الثقافي.
رؤية شرعية
وحدثنا الشيخ كاظم العبادي في صدد هذا الموضوع قائلا: من بدائع وعجائب صنع الله الأحجار الكريمة وخواصها ومنافعها إذ لا تختلف عمن سواها من حيث كونها صخورا مكونة من المعادن المختلفة الملونة، ومن خلال عملية التنقيب يتم اكتشاف هذه الأحجار، وهي بحسب نوعية المعادن التي تتكون منها، والضغط والحرارة والزمن الجيولوجي الذي تعرضت له تأخذ ألوانها وأشكالها وملمسها وشفافيتها.
وأضاف: هناك دول تهتم كثيرا بهذا النوع من العلاج، والكثير من الشعوب القديمة استخدموا الأحجار في الشؤون الطبية مثل الهنود الحمر وبعض القبائل الأخرى التي انتشرت حول العالم.
أرى أن حقيقة هذه الأحجار ومكنون سرها بقي مخفيا لا يعلمه سوى الله سبحانه وتعالى، غير أنها لا تخلو من الجمال الروحاني الذي تحمله ويفضله أغلب الناس، وفي الختام تبقى ماهية الأحجار الكريمة تشوبها الحقيقة والخيال، وعالم موغل بالأسرار لا يدركه غير خالقه سبحانه جل وعلا.
اضافةتعليق
التعليقات