في العقود الدكتاتورية التي عمل صانعوها على ابتعاد المجتمع بمختلف طبقاته وطوائفه عن التواصل مع العالم وإغلاق جميع منافذ الحرية في التعبير والنمو الفكري كانت المرأة الأكثر ضررا في انحصار معرفتها وتطلعاتها, ساعد في ذلك المجتمع المصاب بداء التفرقة -الذي مازال القسم الأكبر منه لم يشفى بعد- فليس غريبا أن ترى الأهل يلعبون دورين مزدوجين في حياة ابنائهم، يجبرون البنت أو يقنعونها بترك دراستها لأنه الأفضل لها وحرصا منهم على الشرف والعرض ويساندون الابن لاكمال دراسته للتباهي والتفاخر بمركزه أمام الناس.
في ذلك العهد لم تمنح المرأة فرصة لتوازي الرجل بمستوى تطلعاته وذلك بحكم المجتمع المحافظ وسياسة السلطة المستبدة ولوضع الاقتصادي المتدهور والذي طال ما يقارب عقد من الزمن, كل هذا ألقى بسلبيته عليها وحملها وزره ووزر مخلفاته المريضة, وانعكس على أفكارها أحلامها ورؤاها وسعة افاقها في النقاشات أيا كانت دينية سياسية اجتماعية اقتصادية وبالتالي كانت متطلباتها كانسانة نظيرة لأخيها الرجل أقل بكثير من باقي المجتمعات سواء كانت العربية أو الأوربية.
كانت تستمد معرفتها من الأهل، المجتمع، المدرسة لوقت قصير للغالبية منهن والتلفاز وقدر قليل في العدد والتنوع من الكتب هذا في حال كانت من محبي المطالعة وسنحت لها الفرصة الذهبية للمطالعة.
وبعد انتهاء حقبة الدكتاتورية والانفتاح على العالم وعلى الرغم من إن حظي الكثير منهن بفرص مثل أخيها الرجل في الدراسة والعمل وكذلك امتلكت العالم في جيبها متمثل بالهاتف الذكي وتطبيقاته وزخم معلوماته في شتى المجالات ليساعدهن في جعل المعلومات الوافدة ركيزة جديدة لتعمق وتطور أفكار غير مكتملة عن مختلف القضايا أو الساكنة في داخلهن لتأخذ بيدهن لاكمال ونضوج أحلامهن والعمل على تحقيقها بقيت المرأة تعاني في بلد سرق الحكام قوت شعبه وصدر خيراته.
فأصيب البعض وأنا أقول البعض منهن بالتشتت الفكري ومواكبة المظهر الخارجي بما يتناسب مع العصر وتوثيق العقل في سراديب العتمة والموروثات الدخيلة والهجينة، أما القسم الأخر فقد استثمرت كل الفرص التي تستطيع اغتنامها لتشد عزيمتها وتسلح عقلها وتقوي ذاتها لتحقيق أحلامها.
ولكن في الدفاع عن حقوقهن وحقوق أولادهن المسلوبة وقفن بصوت وهدف واحد والشجاعة تملأ صدورهن مطالبات الحكومة السارقة بتنحي ورفعن الأصابع بالتهديد والوعيد والمقاومة الشرسة بكل ثقة وصدق، المرأة اليوم وقفت بجانب الرجل في ساحات الاعتصامات متساوية معه في الأرادة والعزيمة والقدرة على التحمل وفي وسائل التواصل كانت كلمتها واعية وجريئة ولا تخاف لومة لائم، تشاركن الوجع والظلم معا في الماضي واليوم يتشاركن الغاية والهدف والكلمة والحلم ببلد يعطيهن حقوقهن ويمنحهن الحياة المنشودة التي طال انتظارها.
اضافةتعليق
التعليقات