الغزلان تتمايل في أفكارنا والمقاعد ما زالت ثابتة وتأبى الخضوع، والكلمات باتت عقيمة في مدينة مازالت تؤمن أن العلم نور وأغلب سكانها مكفوفين فكريا لايرون سوى ماخلف الستائر، وأيضا الخواطر ليست نتاج قهوة ولا كل تلك الكتب دونت لأسباب التأمل أو مواقف مفرطة ولاحتى فكرة السلام مرتبطة بقتال الشعوب.
أو ليس الحقيقة في الذئب تكمن بقتله للخراف حتى يلتهمهم، ماذا لو الآن خلعنا الأقنعة واعترفنا بكل صراحة، الحب بالنسبة للأغلبية هو مجرد شخصين مرتبطين يسامران بعضهما وكل منهما يسابق الأخر بأكبر كم من الأكاذيب ليكسب الصورة المثالية.
وتحت الستارة تختلف الحياة كثيرا فأغلب الكلمات التي تقال في حالة العشق هي حروف ثملة تتغير بعد مدة من الوقت، وحين يطالب الآخر بنبوءة البقاء يتحول العشق إلى ذهاب أبدي محمل بتوتر وكلمات جارحة انتهت بلا أسباب واضحة، وعجبا بعد اطعامهم قمح الفؤاد كيف ارتضوا فتات الطريق إلا ماندر، عزيزي أكرر (إلا ماندر).
والآن أيضا لنتفق أن أغلب شخصياتنا مصطنعة، نتقمص كل شيء حتى ننسى أي نسخة نحن فيها، بينما الأمر لايتعلق بالسير على الخطى الرفيعة أو التكبر أو رؤية الذات للاشيء، الأمر يتعلق فقط كيف يمر كل هذا الوقت والناس تتقمص أشخاص غيرها، حقا ألا يشتاقون لأنفسهم!، لهيئتهم الأولى التي فطرهم الباري عليها، ألا يملّون التمثيل بتلك المسرحيات البالية وهم لعب تتحرك بخيوط الغير، ألا يؤلمهم جانبهم من تلك الأنامل التي تحركهم فقط لأنها تظهرهم بشكل آخر.
وإن قالوا عنا بلاشخصية مثلا ماذا سيتغير فينا ونحن في الحقيقة نمتلك ماليس فيهم، فلا يرى الانسان عيبا فظيعا يجرح الآخر إلا إذا كان مغربلا من العيوب، وإن قالوا عنا نحن بلا أحلام ما الذي سيتغير ونحن أحلامنا مقدسة لاتدنسها عيونهم الخبيثة.
أليس هذا جيد بالنسبة لنا، ولنتفق أيضا أننا لانملك بالحكم من هو مؤهل، لماذا نلوم أرضنا الحبيبة ونشتم وطننا الجميل وحين المغادرة نطلق عليه أقبح الألفاظ ومن هناك نبث الجمال ونقارنه بأرض الخير التي سلبتها أفكارنا المسموة، وأيضا لنرمي قناع التطور ونتكلم بكل صراحة ألسنا مع حرية المرأة طالما هي ليست جزء من عائلتنا، وكذلك نفتخر بنجاحها ونصرخ باسمها طالما ليست من بلدنا!.
هذه حقيقة لايمكن نكرانها وكثيرون هم من هذا النوع وننعجب ونعشق ويحق لنا كل شيء لكن لايحق لها، لماذا؟ أكثر الأسئلة التي لا أجد اجابة لها، ولنعترف بحقيقة أخرى ونخلع قناعا آخر ألسنا من يرتضي الحزن للغير وحين يمسنا السوء نضجر، نذكر من فقدت القدرة على الحياة انها بلا حياة ومن خسرت الأمان انها وحيدة وكل فاقدة نرمي عليها سهام الفشل، ونرجم الضعيف بضعفه ونتكم باستمرار أمام أصم ونبتسم، ونركل كرة السعادة والقهقهات أمام مقعد الألم!.
ألسنا سيئين كثيرا لدرجة أننا تجردنا من لقب انسان وأصبحنا مجرد بشر، ألم نرتضي لنا الحياة وقيدنا الطفولة ومراحل الزهور كلها بينما كل ما علينا فعله هو أن نكون نحن لأطول فترة ممكنة، فبعد أن يتخلى الجميع عنك إياك أن تكون نذلا وتتخلى عن نفسك كأنسان بينما يمكنك أن تكون عطرا خفيفا يترك أثره أينما حل، أو كتابا ممتعا لايُمل، أو أن تكون ضحكة طفل بريئة بها كل الجلسات تستهل كصوت ملائكي يبقى في اذان المارة، أو كصوت الموج في لحظات الغروب، حتى لو كنت رمال على الشاطئ تكون قصر السعادة ومع المد والجزر يختفي لكنه ترك صورة وأثر جميل في نفس كل من حوله..
وربما كحائط قديم للتو تبلل ففاحت منه رائحة الماضي الجميلة أو كن جميلا كأبتسامة جدي التي تشبه واجهة المسجد القديم منحوت بعناية وملون بألوان القوس وتفاصيله تلهم الجميع انبوءة السعادة، كل ماعليك فعله أن تكون أنت فالنار والقسوة لاتترك خلفها سوى الرماد فلطفا إزرع وردا.
الانسان بطبيعته كائن ضعيف مليء بالعواطف والأحاسيس والغرائز، فقد غرز سبحانه وتعالى فيه نبتة الخير والشر ولكن في النهاية نحن من نقرر اياهما نسقي، ولو نظر كل منا إلى نفسه لوجد أنه مهما كان طيبا هناك نزعة شر تحاوره على غفلة منه لكنه يمكنه ايقافها إن شاء فلماذا نلوث فطرتنا التي خلقنا عليها كما قال تعالى: (وإنه لحب الخير لشديد)، إذا لماذا نجعل الأقنعة هي شعار العصر لدينا وندمي ضمائرنا التي حتما لاترضى على أفعالنا وألواننا التي تتغير بين حين وآخر، يكفي أن نكون نحن لنعيش بسلام مطمئنين.
اضافةتعليق
التعليقات