شعور غريب ينتاب كل محب لإمامه الحسين عليه السلام في هذه الأيام وهي أيام شهر محرم الحرام، هذا الشعور هو شعور العشق الحسيني شعور الجنون الحسيني شعور الدمعة الحسينية الفطرية، تبدأ هذه المشاعر بالظهور منذ تبديل رايته عليه السلام لرفع راية الحزن ونقر بوق الدموع والأنين ايذانا بدخول شهر محرم الحرام.
فقبل أيام من تبديل الراية الحسينية لرفع الستار عن حادثة واقعة الطف التي تعاد علينا في كل عام لنسترجع مأساة هذه الذكرى الأليمة.. وهذا لا يعني أن هذه المشاعر غير موجودة في باقي أيام السنة ولكن تظهر تلك المشاعر بصورة مؤثرة ومكثفة في شهري محرم وصفر من كل عام.
عندما تمشي في شوارع كربلاء المقدسة ترى الناس مسرعة وكلها شوق لاستقبال هذا الشهر الفضيل شهر الحسين عليه السلام بروح يملأها الشوق وروح التعاون والمحبة والإخاء وبروح مليئة بالإخلاص والتفاني من أجل القضية الحسينية.
رغم فاجعة هذا الشهر ولكن ترى علامات الابتهاج على وجوه محبين الحسين عليه السلام بسبب قرب موعد الخدمة فهذه البهجة أساسها فرحة لخدمة زوار أبا عبد الله الحسين وهذا أقل شيء يستطيع تقديمه عشاق الحسين إلى سيدهم ومولاهم.
إن أجواء استقبال هذا الشهر في مدينة كربلاء وضواحيها له طقوسه الخاصة والجميلة حيث إن أول علامات بزوغ شهر الحزن هو نصب الخيم والمواكب الحسينية لأستقبال زوار أبا عبد الله الحسين عليه السلام.
فتصرف الأموال وتبذل كافة الجهود بدون كلل أو ملل فداءً لسيد شباب أهل الجنة، تنصب المواكب وترتب على أتم وجه لاستقبال ضيوف كربلاء الكرام بروح تملأها المحبة والاحترام.
فتراهم كخلايا نحل يعملون على توازن واحد وبهدف واحد ونيه واحدة الكل مع الكل وكل واحد يكمل عمل الآخر سلسلة مترابطة ومتكاملة. رغم حرارة الجو التي كادت تصل إلى الخمسين ولكنهم يعملون بروح جميلة والابتسامة على جبينهم ولا يوجد أي علامات ضجر أو تعب عليهم.
بل على العكس يشجعون بعضهم لإتمام العمل بأتم وجه. تستغرب المنظر كثيرا فهؤلاء لو كانوا بمكان عملهم ورزقهم مع هذا الجو الحار لكانت علامات الضجر تملأ وجوههم والتعب مسيطر عليهم، ولكن هنا إن تعب أحدهم شجعه الثاني بأجرك على أبا عبد الله الحسين عليه السلام وتراه وكأنه يسقيه ماء عذبا باردا يعمل بكل همة بلا ملل أو كلل. يالهم من خلايا نحل جميلة اجتمعت على حب الحسين عليه السلام.
حتى لبس السواد للحزن على أهل بيت النبوة ومواساتهم بهذه الفاجعة الأليمة ترى الناس جميعهم قبل شهر محرم تخرج لشراء الملابس السوداء ويرتدي الأسود الكبار والصغار والرجال والنساء بروح يملأها محبة الحسين عليه السلام.
بالرغم من أنه لون الحزن وغير محبب عند أغلب العوائل هذا اللون، وعندما يلبس الأسود في غير هذه الأيام حزنا على شخص عزيز لا سامح الله يكون ثقيل وغير مرغوب به ولكن لبس السواد حزنا على سيد شباب أهل الجنة ومواساة لسيدتنا ومولاتنا زينب عليها السلام وبذلك يكون أجمل على قلوبنا من العسل لا بل الجميع يتسابق للبس السواد وإعلان الحزن قبل غيره.
وتستمر هذه المراسيم بكل مناسباتها خلال شهرين متتالين، الجميع نذروا أنفسهم لخدمة زوار أبا عبد الله الحسين عليه السلام كل حسب موقعه وقدرته واستطاعته.
إنه شعور جميل أن ترى الناس مرتبطة ومتآزرة كخلايا نحل مجتمعة ومتكاتفة بروح جميلة وكلمة واحدة ويجمعها صوت هادر يهتف: لبيك يا حسين لبيك يا حسين.
اضافةتعليق
التعليقات