الأمل هو أساس كل شيء وربما أساس الاستمرار، فماذا لو امتد أملي للخيال وبات يرى أنه هناك دقائق تتعدى الستون دقيقة التي ترويها الساعة، فقد تأملت أن يكون هناك مرسال في هذه الساعة أو أنه هناك يوم ثامن سيحتضن عطلة الأسبوع ويعطينا مزيدا من الوقت فلم نتجرأ بعد على الانهيار والتخلص من كل شوائب الأيام الماضية أو على الأقل أنا لدي ايمان أنه هناك الشهر الثالث عشر من كل سنة هو موعد اللقاء ومتى يعلن هذا الشهر ستعلن النهاية.
أخبرتني احداهن بعد أن رأت تلك الظلمة بدأت تمد جناحيها على ملامحي وترسم ابتسامة الانكسار داخلي إنه علي أن اكتشف مايخفيه شغفي هذا: (خذي خطوتين للوراء ثم انظري وسترين حقيقة البقع السوداء في وهمك الأبيض)، أدركت بعد تلك الخطوتين أنه الآن لايخيفني الفشل ولم يعد يزعجني ضياع المجهودات تلك، فقد كنت طفلة حد البراءة واليوم أدركت أنه ماهكذا تقاس الأشياء فكل مامر هو مخاوف أطفال وحالمين يرفضون الواقع والعقل ويتمسكون بآخر خيوط الوهم..
لكن مايرهبني هو اختفاء الرغبة بكل شيء، هل تعون معنى اختفاء الرغبة لشخص مثلي هو كشعور أن أستيقظ بعد ليلة حالكة بالسواد والدموع، وأجد النار التي مازالت تحرقني بالأمس قد انطفأت، أو كشعور الكتوم حين يبوح للمرة الأولى فيلام على كلامه، أو أن توّهج عيناي قد اختفى وأصبحت باردة لا معالم فيها ولا كلمات ليقرأها المارة وربما أشبه بتمثال محنّط ومعظم عالمي بات يسير ببرود داخل نفسي.
لاداع للتشاؤم فالمصائب تأتي عادة بلا مقدمات، منذ ادراكي للحياة وأنا أستمع إلى الآخرين وهم يتلون أحاديثهم بكل ضجر قائلين أن الحياة معقدة ومملة ولايدوم الفرح فيها فهو ساعة والحزن عدة أعوام.
شخصيا أوافق أن الحياة صعبة لكنني لا أوافق أنها معقدة، إن كان التعقيد هنا مقصود به هو عدم الفهم فكل شيء من حولنا مقرون بقاعدة وسبب ولاشيء وجد عبثا أو دون فائدة، ربما نحن من يكمن فينا ذاك المحنّط المخيف فيجعل رداءنا الأبيض مهترئ بمرور الأيام وأرواحنا تتآكل على مرور الصدمات لأننا مازلنا بنفس أماكننا بلا تغيير ولا إدراك.
لماذا نحن هكذا كثيرا مانصغي للناس ونخشى أن يرونا بجانب أفراحنا بينما نحن نخوض معاركنا لوحدنا، نعم مررت بالحزن لكن لم يكن علي أبدا أن أعتكف به كأنه كهف بل كان علي أن أعبره كجسر إلى ماسواه وكفا بي أن أترك الرياح داخلي تعوي وأنا صامتة متأملة شفقة من أناس لايجب علي النظر إليهم حتى، كفى أنني عشت أياما كثيرة وأنا منصتة لكل صوت وصمت وتاركة إياي بلا مستمع حتى رأيتني الآن منطفأة كموقد مهجور أو كساعة حائط منذ وقت بعيد لم تزرها حجرات الطاقة واستحققت الدفن.
فانعدام الرغبة بالحياة هو أشبه بالموت، أتعلمون ماهو سبب كل مامضى أو سبب انطفاء أرواحنا، كل ذلك بسبب شقاوة أرواحنا وهي تتمسك بالذين قضوا على مستقبلها وعلى أحلامها حديثة الولادة حينما نتخلى عنها لأسباب لم تكن مستعدة للتخلي عن فكرة خاطئة لأجلنا ونسكن التعاسة فقط لنبقي على ارتباطاتنا بهم ونضعف أرصدة تحمل قلوبنا الصغيرة.
وبصريح العبارة نحن مغفلون حين ندعهم يسلبوننا من أنفسنا وطاقاتنا ليحاربونا بشكل أشد ضراوة، ولو أننا ملكنا فقط ادراك بسيط كالذي نمتلكه بعد مرور الصدمات لمحقنا وجودهم في حياتنا بعد أول هزيمة لنا معهم ولما جعلنا هناك دور ثان على أمل النجاح المكسور، هناك أشياء جميلة كثيرة في الحياة غير ذاك البؤس الذي نسعى خلفه بينما لدينا أهل ورفقة وأحباء ينتظرون منا ابتسامة بسيطة.
تأكد عزيزي الحزين الذي مازلت تلبث في قوقعة مظلمة تدعي أنه لانفاذ منها، إن آراء الآخرين بك هي وجهة نظرهم عنك فلا تجعلها واقعك وانطلق نحو أحلامك اليوم ولاتنتظر غدا فالشمس لاتشرق داخلك حتى تؤمن بها، فلا تسمح لأحد بقص جناحيك، وتذكر أيضا أنه لايمكن تغيير الماضي لكن يمكن الاستفادة منه فالاستمرار فيه يفسد المستقبل والسير دون الالتفات إليه يجعلك أقوى وأشد وأكثر فطنة وفهما..
لهذا اطوِ الصفحة ولكن إياك ونسيان الدرس، وتأكد أيضا أن السعادة معدية والكآبة كذلك، أحط نفسك بالايجابيات وابتعد عن كل ماهو سلبي، فكما يقول انشتاين: الايجابيون لديهم حل لكل مشكلة والسلبيون لديهم مشكلة لكل حل.
يا ترى كم هي الأقدار التي تألمنا لها وقت نزولها وجرت لها دموعنا ورُفعت في طلبها أيدينا، ولكن يا ترى هل كان لدينا نور هذه الآية: (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً).
حينما نحزن لفقد قريب أو مرض حبيب أو فوات نعمة أو نزول نقمة، قد ننسى أو نجهل أنه قد يكون وراء تلك الأزمة منحة ربانية وعطية إلهية، فلنكن أثرياء ونسترجع بهجة أنفسنا فحتما الثراء يكمن بمقدار السعادة وراحة النفس.
اضافةتعليق
التعليقات