الذكرى ترسم على صفحات التاريخ صورة مشرقة لتوثق أسمى معان التسابق في الشهادة من أجل رفع هامة الوطن عاليا ولتعود أرضه مزارا يُقَبّله الجود تمننا وإكراما، وطنٌ تنازعت المجاورات عليه وتكالب الغرب على خيراته فأرادوا لها نهبا مدروسا.
لن ينسى أحد ذلك اليوم الذي استفقنا فيه لنرى تراثنا نهبا حيث توغلت آفة داعش في عقر بيت البنت الكبرى لعراقنا وما أصعبها حين أُفجع الوطن بمرضها.
لحظة الخروج من الامتحان الأخير هي نقطة فرح ووداع أما نحن فخرجنا على صياح أحد الزملاء من الموصل حين اُخبر بإحتلال داره وقتل أخيه، تلك اللحظة وقفنا بعجز وما أصعبه من شعور حين تترى عليك الأخبار وترى آثارها أمام ناظريك، فوضى تبعتها فوضى حتى مرت بضعة أيام فأُرْسَت قاعدة النظام التي كسّرت نوايا من أردوا ارضاخ أبناء العزة، وحطمت مخططاتهم، فتوى الخامس عشر من شعبان كانت المفصل الذى أرجع انتصاب ظهر الوطن حين وعدتنا المرجعية بالنصر فكان نصرا تشهد به الأجيال وتفاخر به الأحداث فخرا منقطع النظير.
وقع تلك الدعوة جردت الرجال من منازلهم يحملون الأرواح على الأكف ليهدوها لهذا الكهل الذي أتعبته الدهور احتلالا، لحظها كل شيء مترع الأبواب.. الوطن... الناقلات... السوح... الجنة.
تتلاقف المشاعر بين الخوف والفرح، الأجسام اقشعرت لوقع التساؤلات.. هل ننتصر... هل يموتون... ما عدد ضحايانا.. هل نترك البلاد.. أم نشهد احتضارها؟
منهم من حمل نفسه مغادرا تاركا بيته يحترق ومنهم من وقف يطفئ النيران حتى يفقد أنفاسه ومنهم من ساعد في إطفاء الحرائق وذلك الذي ازداد عليها اشتعالا.
لحظات وأيام وسنوات أوقفت الانسان أمام نفسه ليعرف بأي درجة يحب هذا الوطن!
وكشفت عن كرم المحافظات الأخرى بإستقبالهم لأهالي المدينة المنكوبة.. سفرة طعام امتدت جمعت الشمال والجنوب.. عوائل توغلت بأخرى جمعها النسب.. صديقة تحولت إلى أخت.. اخوان يجمعهم رحم الوطن... أديان وحدها حب الأرض... دماء رُفِعتْ إلى السماء بأمل النصر.. أي الصور تحتاج الى رسم وفي أيها نكتب.
بين الصبر والفقد وبين الحب والتفاني وقف نصر الوطن متباهيا مفتخرا بما قُدِّم فردد مع المرددين:
هل أراك سالما منعما منثرا عبير التضحية في رباك
هل أراك عزيزا مقدسا عاليا في سماك
هل أراك قرير العين تحتضن بقايا رفاك
أراك.. وأراك.. وابقى أراك عراق للحسين عنوان الفداء وتاريخ يحفل بأمجاد النصر.
اضافةتعليق
التعليقات