تلك الحسناء التي تزداد جمالاً يوماً بعد يوم تجوب محطات العمر برشاقة وذكاء، حيث تُظهر قوتها في كل المواقف والاهوال، وسعادتها في اتعس الظروف والاحوال! ودائماً ما تنجح في ملاحقة جُل ماتريد وتحصل عليه بحبكة وجدارة..
إنها مُحبة للجميع، جدية صادقة في كل ما تقول وتفعل، تتسابق مع الثواني والدقائق ولا تفوت لحظة من وقتها دون نشاط يُذكر، مما جعل منها محط الأنظار، تلتف حولها عيون المعجبين مابين حاسد حاقد ومُحب ودود، على جميل ما يرون من تلك الابتسامة التي تعلو ثغرها على الدوام رغم اختلافها من حين لآخر بين سعادة وألم وسخرية وتحدي، فَرُغم كُل شيء تبقى مبتسمة في احلك الاوقات ضراوة كما في أسعدها..!
كمُهرة برية الاصل بيضاء اللون ينسدل شعرها الطويل على عينيها الواسعتين البراقتين بسواد قاتم، عندما تنظر لمحدثيها ينشغلون بنظراتها ولا يفهمون شيئاً مما يُقال! غير ان لمعة عينيها تسلب العقول التي لا تستطيع تفسير ذاك الغموض الذي يغلف شخصيتها البسيطة..!
لا يعلم حقيقتها سواه، وحده من يعرف كَم الحُزن المختبئ خلف تِلك السعادة الظاهرة وكَم البؤس الذي تكتنزهُ في جوف تلك الابتسامة التي ولدت من رحم البراءة..
ينظر اليها كيف تجاهد وتجتهد بصعوبة بالغة لتنال الرضا، يُراقب تلك العيون الأخاذة اللامعة بفعل سَيل من الدموع التي تَحبسها مكابرةً فتتسابق للنزول خلسة عند اتفه الأسباب..!
يشعر بذاك القلب الذي عُرِف على انه كقلب أسد، وهو ضعيف يرتعش بين اضلع خاوية تأبى الانهيار..!
يراقبها عن كثب بحذر تام ولا يعرف ان كانت تشعر بملاحقته إياها ام لا..?!
أخيراً وعند مفترق الألم الجارف الذي اتى عليها دفعة واحدة وصل بها الوهن عنان الروح وبان عليها الانكسار، رآها تخطو خطوات فاترة لتتوارى عن الانظار وتبتعد قليلاً عن تلك القرية اللعينة ثم تسارعت خطواتها تباعاً وأخذت تهرع نحو السور، يُخال انها تهم بالقفز عالياً صوب الحرية حيث تنتمي..
وفور وصولها ناصية القرار توقفت! وفجأة استدارت الى الخلف، تشيح النظر بعيدا وكأنها تبحر في سفينة يبطئ إندفاعها شراع الذكريات فتتلاطم بأمواجها العتية، هناك شيئا قد عَلِق بهِ قلبها، يسحبها بسلاسل متينة لتعود ادراجها!.
ولكن الخيبة والارهاق اخذا منها مأخذا كثيرا واصبح ذلك بادِ عليها ولم تعد قادرة على الصمود اكثر من ذلك..
ثم طأطأت برأسها وهزته منتفضة غير راضية معلنةً التخلي عن كل ماضٍ سلف فليس بإمكانها بعد الآن البقاء مكبلة لتكمل المسرحية التي تستهلك من طاقتها وتتظاهر بالقوة والسعادة الزائفة! عليها ان تتخذ القرار الصائب وتنعم بحقها في الحرية والأمان، او تعود لتنهي ما تبقى من عمرها أسيرة المخاض! فكيف لها ان تنسى من تناضل لأجله وتهدر كل محاولاتها وصمودها من أجل البقاء؛ ثم ترحل منهزمة غير آبهة عند منعطف آخر يشبه سابقاته لكنه اقساهن ضيقا وأكثرهن عتمة! لتستسلم وتودع مجهودها الحثيث دون اكتراث..!
ظلت تراوح مكانها كناعور الماء الكبير في ارض متعرجة شديدة الحرارة تختلف في كل شيء عن باقي البقاع!..
وبقيَّ هو بين الشك واليقين يرتقب بروز شجاعتها المعتادة علها تلد الثورة التي تكسر قيود التردد في أي لحظة..
اضافةتعليق
التعليقات