يُعدّ تسبيح الزهراء (عليها السلام) من أبرز الهدايا الروحية التي تركتها سيدة نساء العالمين للأمة الإسلامية، فهو ذكرٌ بسيط في ألفاظه، عميق في أثره، يفتح باب الطمأنينة ويمنح القلب سكينة لا تُضاهى.
وإن تأمل هذا التسبيح يكشف لنا قيمة الذكر في حياة الإنسان، وكيف يمكن لجملة كلمات قليلة أن تحوّل الإرهاق إلى راحة، والضيق إلى نور، والقلق إلى توازن روحي راسخ..
في الرواية التي نُقلت عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ومفادها قوله: "لما رأيت ما أصاب فاطمة الزهراء من العناء في خدمة البيت، وقد جاء سبيٌ إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قلت لها: "هلا اتيت أباك تسألينه خادما يكفيك مشقة خدمة البيت؟ " فأتت النبي وإذا عنده جماعة فانصرفت، وعلم أبوها انها جائت لأمر أهمها ، فغدا دارها صباحًا وسألها عما جائت له، فقلت له "انك تعلم ما تلاقيه فاطمة من القيام بشؤون البيت من الاستقاء والطحن والكنس وقد اثر ذلك عليها، فقلت لها لو سألت أباك يُخدمك من يكفيك مشقة ما انتِ فيه من العمل" فقال رسول الله (ص): " أفلا أدلّك يا فاطمة على ما هو خير من الخادم ومن الدنيا؟ " فقالت: "بلى يارسول الله " فعلمها هذا التسبيح المعروف عند النوم وبعد كل صلاة، التكبير (الله اكبر) أربعًا وثلاثين مرة، التحميد (الحمد لله) ثلاثًا وثلاثين مرة، التسبيح (سبحان الله) ثلاثًا وثلاثين مرة.
كل هذا الترابط والتآلف بين أجزاء هذا الذكر العظيم والتسبيح الجليل، يؤكد على خصوصية هذه الكلمات، وعمق وقوعها على النحو الذي وقعت فيه، فهي ذات أسرارٍ لا نعلم منها إلا ما علمنا الله عبر أهل بيت نبيه الأطهار .
قال تعالى في محكم كتابه: {تسبّح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيءٍ إلا يسبّح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورا} سورة الإسراء آية 44. ما يُبين لنا مدى عظمة هذا التسبيح، الذي صار سنة موروثة وعملًا تعبديًا يرتقي بالمؤمن في سلوكه اليومي ويقوي صلته بالله تعالى..
فعن الامام الصادق (عليه السلام) قال: من سبح تسبيح فاطمة الزهراء (ع) قبل أن يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له، وليبدأ بالتكبير". فكان ولا زال هذا التسبيح على مر القرون صفة من صفات تزكية الأعمال، فقد خص الله تعالى سيدتنا فاطمة (ع) بهذا التسبيح، ليس فقط من أجل التخفيف عنها ومساعدتها بالتخلص من الضيق والإرهاق، إنما كانت الغاية أكبر وأعظم متمثلة بذكر مولاتنا الطاهرة بعد كل صلاة وإثر كل تعب، ما يكشف لنا مدى عظمة مكانتها عند الله حيث ارتبط اسمها الشريف بعبادة من العبادات الرفيعة التي تُبجل الخالق وتُقدسه، وتُرفه المخلوق وتنقله من حلقة الضيق إلى أوسع الطريق ..
فوائد تسبيح الزهراء
غفران الذنوب: من سبح تسبيح الزهراء في دبر الصلاة قبل أن يغير هيئته، غفر الله له ذنوبه، ويشمل ذلك الغفران لمن سبح ثم استغفر.
وجوب الجنة: ورد أن من سبح تسبيح الزهراء في دبر الصلاة قبل أن يغير هيئته، أوجب الله له الجنة.
رضا الرب وطرد الشيطان: يعمل التسبيح على طرد الشيطان ويرضي الرب.
فضل عظيم في الميزان: يُعد التسبيح مائة باللسان وألف في الميزان، وهو أثقل في الميزان من جبل أحد ذهباً.
أحبّ من صلاة ألف ركعة: ورد عن الإمام الصادق أنه قال إن تسبيح فاطمة الزهراء (عليها السلام) أحبّ إليه من صلاة ألف ركعة في كل يوم.
ذكر الله الكثير: يعتبر التسبيح من الذكر الكثير لله.
البركة في النوم: من يسبح تسبيح فاطمة قبل النوم، بات وله ألف حسنة، وعند الاستيقاظ يكون له ألف حسنة.








اضافةتعليق
التعليقات