انك تراها كل يوم، انها تناديك في كل مرة اجلس امامي ارجوك اود سؤالك؛ فلتجلس قليلًا..
-متى آخر مرة قررت فيها أن تقضي وقت فراغك مع العائلة؛ ان تجتمع انت بهم، اقصد بأنت هو انت بكامل حضورك بلا تشتت بلا ملازمة الهاتف النقال او افكار مرتبطة بالعمل ومشاكل خارج المنزل؟!
تجلس انت بكامل عطفك وحبك لهم، تُلهي نفسك بأحاديثهم، وعينيك برؤيتهم، وجوارحك بإحتوائهم، ويديك بلمسهم لمسات حانية على الرأس او اليد كطبطبة على كتف، او كاحتضان دافىء يقوي الاواصر، او كمصافحة مثلًا تعبيرًا عن الفخر والرضا او ما شابه؟.
-متى سألتهم عن حالهم وانت بكامل وعيك وبإهتمام فِعلي وليس روتينيًا؟!
-متى آخر مرة حاولت ان تكتشف فيها حزن احدهم المختبىء خلف ضحكاته الصاخبة المزيفة واطلعت على معاناته وابديت اهتمامك؟!
- ومتى آخر مرة شددت فيها على يد احدهم وساعدته في تحقيق حلمه حتى لو بالكلام شريطة ان يكون صادقًا وليس لغرض المجاملة؟!
-و متى آخر مرة عدت فيها لحياتك الحقيقية وتركت عيش وتقمص أدوار حياة الآخرين ومتابعة اخبارهم في العالم الافتراضي غالبًا! وتمعنت النظر والاحساس بحياتك "انت" وبما فيها، وهل هي باقية على حالها ام هناك مستجدات طرأت تسترعي الانتباه؟.
-هل انت واعٍ لما يحدث من حولك ولمن حولك من افراد عائلتك او الاقرباء، ام انك دائما ما تغض بصرك وبصيرتك وتقول في قرارة نفسك "لا داعي للقلق كل شخص مسؤول عن حياته ويعرف كيف يديرها في هذا المجتمع"!.
في الحقيقة قد تكون هذه الجملة واقعية ومنطقية بشكل عام ولكن في الوقع لكل منا دور مهم يؤثر فيه على حياة الآخر، وكل منا مسؤول عن آخر وسيُسأل عنه..
قال النبي الاكرم محمد (ص): " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" وبهذا نكون قد عرفنا ان على كل فرد ان يعي مدى المسؤولية التي تقع على عاتقه من خلال موقعه في دائرة العائلة او دائرة العمل او الاصدقاء حتى، وكيفية تحمله تلك المسؤولية تجاه كل من يتعامل معه ضمن محيطه..
بيد ان هناك من يبرر عدم اكتراثه لأمر اقرب الناس اليه مثلًا، بحجة ان هذا الشخص غير صالح ويعرفه جيدًا، ولا جدوى من التعامل معه بالحسنى، وذلك بسبب مواقف سيئة سجلت عليه وطباع رذيلة يتصف بها..
ولكن انا ارى انه من غير العدل الحكم على الاشخاص مهما كانوا سيئين دون التعرف على الاسباب التي جعلتهم هكذا فليس هناك انسان يولد وهو شرير او حقود او اناني او قاسٍ او متعجرف او ظالم او متسلط الخ..
الانسان يأتي الى الحياة وهو طفل صغير بريء لايفقه شيئًا في هذا العالم، انه اشبه بورقة بيضاء تُملأ من قبل المحيطين به، انها الحقيقة! فأي صفة ذميمة هي مكتسبة، واي الشخصيات الغير مرغوب فيها، في الواقع لم يكونوا السبب فيما يبدون عليه من سوء؛ اولئك المسؤولون عما اصبحوا عليه الآن، وهم الآن مسؤولين عما اصبحت عليه انت، وانت المسؤول عما اصبح عليه هو، وهو المسؤول عما سأصبح عليه أنا! وهكذا.. انها سلسلة من السلوكيات الخاطئة الممنهجة التي يعاد تكرارها ويُعتاد تطبيقها من فرد لآخر تباعًا، بفضل عدم وجود الرادع والمصلح الذي يجب عليه التدخل لانقاذ الخاطئين من الوقوع في الخطأ مجددًا وانتشالهم من دائرة الظلمة الى دائرة النور، فبإعتبارك موجود وادركت ما يعاني منه الشخص المنبوذ مهما كانت صلتك به قوية او ضعيفة، لا تتجاهله لتريح نفسك من تعب ترى بأنك في غنى عنه، بل ستؤجر على ذلك حتمًا، فلا تختار التغاظي والصمت لانك بهذا ستجعله اشرس واقوى، ولربما تصبح ضحية مثله لكونه سيعود عليك بالسوء يوما ما! بل اعترض طريقه وواجهه بالبينة والقي حجتك عليه واجعله يرى حقيقة تصرفاته المؤذية وبأنه لا بد ان يرجع عن ذلك ويغير من نفسه ليرتقي نحو الافضل، من خلال تهدأته وارشاده لذكر الله واحتوائك له وتوعيته للتفريق بين الخطأ والصواب وشرح ما يتوجب شرحه للاستبيان والمعرفة؛ وبذلك سيصلح امره لا محاله "إلا ماندر" ويعاد تأهيله من جديد للسير في الطريق الصحيح..
ثمة طريقة واحدة تجعلنا نرتقي نحو الأفضل بفترة وجيزة وبشكل عجيب وهي ان يقوم كل فرد منا بأداء واجبه كمسؤول عمن حوله ممن يصغرونه في السن او العلم اوالمعرفة او الدين او اي شيء يعلم عنه ويفقه جوهره افضل واكثر من الآخر، في ان يوجه ويُعلّم ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويبذل كل ما في وسعه لطلب الاصلاح، وبذلك سيرمم احدنا الآخر لتتسع بقعة النور وتنقشع سحابة الظلام..
فكل انسان منا عاقل جدير بالثقة، كامل الخلقة ويتحلى بالأخلاق لا بد ان يتعرض للمسائلة امام الله تعالى، لكونه لا يشكو من نقص خُلقي او اخلاقي فهو مسؤول عن مساعدة من فيهم نقص ومساندتهم للعمل على مافيه صلاح للجميع، حتى تطمئن النفس للوقوف آملة بالمغفرة والرحمة في يوم السؤال والحساب.
اضافةتعليق
التعليقات