"دلهم هي زوجة زهير بن القين" هذه السيدة العظيمة التي شاركت في واقعة الطف، التي نقشت اسمها في سجلات التاريخ الإسلامي، يقول رجل من بني فزارة: (انني رجعت مع زهير بن القين "دلهم" من مكة متخذين طريق العراق، لكن كنا نتحاشى ملاقاة الحسين بن علي (ع) في أي مكان نزلناه، وقد عزمنا على أنه كلما تحرك الإمام الحسين (ع) نزلنا، وكلما نزل تحركنا، لكنه اتفق أن نزلنا متجاورين معه، وخيمتنا كانت بجانب خيمته، عندما كنا نتناول الطعام وصل فجأة رسول من الإمام (ع) فسلم علينا وقال: "يا زهير بن القين إن أبا عبد الله يريدك"، استولت عليَّ الحيرة عند سماعي لهذا الخبر، ولم أنتبه إلى اللقمة التي كانت بيدي كيف سقطت، أمَّا "دلهم" قالت لزهير: "ابن رسول الله يرسل في طلبك وأنت تتأسف في إجابته! سبحان الله ما المانع في أن تتشرف بلقائه وتسمع خطابه ثم تعود").
اقتنع زهير بكلامها، فقرر ان يذهب إلى الإمام (ع) والتشرّف بملاقاته دون تردد، وتوقف وازدادت ارادته وحث زوجته (دلهم). فرجع إلى خيمته وأمر ببيعها مشترياً بذلك الإمام الحسين (ع) "الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور".
جعلت دلهم زهير ان يسجل اسمه في سجل الشهداء والصالحين، وجعله هذا الموقف من عظماء التاريخ الإسلامي.
وأمّا دلهم فرجعت إلى أهلها بعد أن حصل هو على الشهادة في كربلاء، الأمر الآخر الذي رفع من قيمة هذه المرأة وشهد التاريخ لها به، ما جاء في كتاب تذكرة السبط وتاريخ الطبري قال ابن سعد صاحب (الطبقات الكبرى)، وايضا قال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص)، وايضا كما ذكر في مقتل الإمام الحسين عليه السلام للأزدي: ص 74).
أنه حينما استشهد زهير قالت (دلهم) لغلامه اذهب وكفن سيدك، وعندما وصل الغلام رأى الإمام (ع) بدون كفن. فقال: أأكفن سيدي وأترك الإمام الحسين (ع) ملقى هكذا! والله لن أفعل هذا.
يظهر لنا المشهد قوة تأثير كلام الزوجة في اصلاح زوجها، وحثه على الجهاد ونصرة ابن بنت رسول الله (ص)، وعدم التردد ولو لحظة للدفاع عن الدين والعقيدة وتحويل مسار زوجها من نار جهنم إلى جنات الخلد، وحظي جسده الشريف بمجاورة الامام الحسين (ع) وجاء في زيارة الناحية: السلام على زهير بن القين البجلي القائل للحسين وقد أذن له بالإنصراف: لا والله لا يكون ذلك أبدا أأترك ابن رسول الله صلى الله عليه وآله أسيراً في يد الأعداء وأنجو لا أراني الله ذلك اليوم.
وكان زهير بن القين فصيحاً بليغاً ويذكر أنه خطب في جيش عمر بن سعد خطبتين وفي الخطبة الثانية ناداه رجل من خلفه يا زهير إن أبا عبد الله عليه السلام يقول لك أقبل فلعمري لئن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، لقد نصحت لهؤلاء وأبلغت لو نفع النصح والإبلاغ فذهب إليهم.
اضافةتعليق
التعليقات