كان من أسباب التفاف الناس حول الإسلام، أنهم وجدوا فيه برنامجاً روحياً يغذي أرواحهم كما يغذي الطعام أبدانهم، ذلك لأن الروح والبدن كلاهما له متطلبات، فروح الإنسان بحاجة إلى فهم المبدأ والمعاد والغرض من الخلقة، وما أشبه ذلك.
والإسلام يجيب عن كل هذه الأسئلة بأجوبة عقلية يستريح لها البال وتطمئن لها النفس.
علماً بأن القرآن الحكيم والسنة المطهرة زاخران به، لا من باب الشرع فقط، بل من باب العقل أيضاً وقد تطرق العلماء إلى تفصيل ذلك في كتبهم الكلامية.
ثم إنّ الغرب لما استغل رغبة الإنسان في الماديات ومتطلبات الجسم، وقوّى جوانب المادة والجسم، وساعده حاجة الناس الملحة إليهما، فالتفوا حوله، وتركوا المعنويات ومتطلبات الروح كأنها أمور ثانوية في منظار الناس العاديين، وقد ورد: "من لا معاش له لا معاد له"، إضافة إلى أن المسلمين تقهقروا حتى في الجانب الروحي من ملء الفراغ الروحي، ومن عرض الأجوبة والحلول الفكرية والعقائدية بشكل صحيح، وعلى أثر التقهقر في كلا المجالين: مجال الروح ومجال الجسم تفشت أمراض الروح والجسم في المسلمين وعشعش فيهم المرض والفقر والجهل والاستبداد وانفض الناس عن الإسلام إلى من له شيء من المادة.
والغرب بكنائسه وكتبه المقدسة لم يتمكن من ملء الفراغ الروحي حيث كان ما عرضه للناس ناقصاً مشوهاً، ولذا انصرف كثير من الناس إلى الإلحاد الصريح...، أو كان ما عرضه يفصل بين السماء والأرض، وتمسكوا بعبارة "دع ما لقيصر لقيصر، وما لله لله"، ولهذا حصل الانفصام في الإنسان مما سبب له عنتاً وإرهاقاً وقلقاً واضطراباً في داخله ونفسه.
ولا علاج إلا بأن ينهل المسلمون من المعين العذب للعقائد والأفكار والمعنويات الإسلامية، وأن يعرضوا على العالم ذلك، إضافة إلى الأخذ بما أكده الإسلام من الاهتمام بجانب الجسم أيضاً، حتى يفكر الناس في الجانب الروحي الصحيح، فيعود إلى الروح غذاؤها، ويكون الالتئام بين الروح والجسد، قال تعالى: "ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النّار أولئك لهم نصيب مما كسبوا..".
ثم إن الدنيا لا تبقى سالمة لأصحابها من دون أن تجازيهم على أعمالهم، فإن: "من أعرض عن ذكري فإنّ له معيشةً ضنكا...".
والحاصل: إن ما يدفع الناس إلى الالتفاف حول الغرب هو اهتمام الغرب بتوفير متطلبات الجسم وإن كان على حساب الروح وموت المعنويات.
أما المسلمون فأوضاعهم اليوم أصبحت متردية للغاية، لأنهم بقوا لا يستطيعون من توفير متطلبات الروح والجسد - على ما يرتضيه الاسلام – معاً إلا ما شذ، ولذلك تجد في بلادنا القروض الدولية، وتكدس الأموال عند السلطات، والهبات الكبيرة من الغرب حتى لبلاد الإسلام، بينما غالبية المسلمين يعيشون في الفقر وتوابعه.
اضافةتعليق
التعليقات