من المعروف بأن السياسة تبررها المصالح، ولكن عندما يتعلق الموضوع بالدين هنا تُرفع الأقلام، وتبدأ عملية نسج الأوهام، فلا جفاف للصحف في داهية العملية السياسية، لأن مع اقتراب العرس الديمقراطي ستتلون الهتافات بالطابع الديني لكسب ثقة الناس على أساس ان النهج الذي ستتخذه بعض الأحزاب هو نهج إسلامي مقدس!.
وستبدأ الكتل بتغيير جلودها لتأخذ من الإسلام الدستور الذي يخط الكلمات التي ستلقى على مسامعنا الجليلة، وامّا بالنسبة لإسلامهم يا صديقي، فلن تراه الاّ في العناوين الكبيرة التي ستتوسط تلك اللافتات الضخمة في شوارع المدينة.
هؤلاء المسلمون، او بتعبير اصح (مسلمون العملية السياسية)، يحاولون تمثيل الإسلام بأبشع صورة ممكنة، على مبدأ ان الغاية تبرر الوسيلة، وبالطبع الوصول الى الكراسي يحتاج الصعود على كتف الدين.
فيستغلون الدين لمصالحهم الشخصية ليظهروا للناس بالصورة الجيدة، على أساس ان الدين سيستر عورات الفساد السياسي، ناهيك على ان افعالهم هذه ستعكس سلباً على الاعلام الإسلامي، لأن بطبيعة الحال المسلمون يمثلون واجهة الدين التي تطل عليها العالم، فمثلاً لو تعرّف شخص كافر على انسان فاسد وغير صالح وعرف بأنه مسلم بلا شك لن يشعر بأي مشاعر إيجابية تجاه الدين الإسلامي، ولكن لو تعرّف على انسان مهذب ووفي وذو اخلاق سامية وعرف بأنه ينتمي الى الدين الإسلامي ومن واجبه كمسلم ان يتحلى بهذه الصفات بلا شك ان أي انسان مهما كان جنسيته ودينه سينجذب نحو الدين الإسلامي الذي يحاول ان يوصل الانسان الى الانسانية والكمال.
وبعيداً عن الساحة السياسية نلاحظ بأن الميدان الاجتماعي مع الأسف لا يقل حراكاً عن ما سبق، اذ ان هناك حركات خبيثة تصاغ من قبل اشخاص باسم الدين، أي يجعلون الدين واجهة لتخلفهم وتعصبهم الأعمى، فمثلا هنالك شخصيات تحسب على انها (شخصيات دينية) تقدم الدين على انه صورة متخلفة ومغلقة ضمن حدود يصنعها المجتمع، فتحيز الدين ضمن اطار التقاليد والعادات الجاهلية هو جرم بحد ذاته، لأن الأديان السماوية خلقت لتطور وتقدم البشرية. الاّ ان بعض الناس يمارسون أفعال او ينهون عن اعمال معينة ويربطونه بحرام الله وحلاله، فمثلاُ يحرمون تعليم الفتيات وخروجهنَّ من البيت وممارسة الحياة الطبيعية على مبدأ الحرام، ولكن لا تدري أي دين يقصدون؟، بالطبع دينهم لأن دين محمد (ص) لا يمت بحرامهم صلة!.
والكثير الكثير من الحالات التي تحاول ضرب الإسلام، ربما اخرها واكثرها فضيحة هي قضية داعش التي روجت للدين الإسلامي على انه دين عنف وقتل ووحشية، لكن ولله الحمد تصدى رجال مؤمنين لهذه الحركة الخبيثة فدُحضت افعالهم الدنيئة التي حاولت ان تمس الدين الإسلامي الذي خلق ليكون حلاً ودستوراً لمشاكل الإنسان، فكان أساسه الرحمة والإنسانية وباطنه التعايش والتكامل الروحي.
والخطوة الأساسية التي ستقلل وتحد من انتشار هذه الحالات في المجتمعات العربية والعالمية، هو عدم الترويج لأي شخصية تحاول المساس بالدين الإٍسلامي، حتى وان كان ذلك من باب الانتقاد، لأن النقد بخطيه يصنع الشهرة، فبعض الناس يتسببون بشهرة بعض الشخصيات دون قصد، فمن يمثلون الصفر على خط الشمال وكانوا مجهولين في السابق، أخذوا اليوم حيزاً وشغلوا الرأي العام وتسببوا في حراك سلبي داخل المجتمع وخلقوا نظرة سلبية عن ماهية الدين، فأفضل طريقة لمواجهة هكذا مواقف وشخصيات هو التجاهل، لأن الباطل يا سادة يموت بترك ذكره..
والترويج للدين الإسلامي الحنيف الذي يحمل اسمى واعمق معاني الإنسانية والرحمة، ويمثل الشعار الأوحد للعدالة الاجتماعية، وتمثيله بالطريقة التي انزله الله على الناس واجب كل شخص مؤمن صالح في أي موقع اجتماعي ان يكون داعياً للسلام والمحبة التي اقرها الدين علينا، ويتخذ من موقعه منبراً وواجهة إسلامية تحمل كل الأهداف التي جاء بها الدين وسعى في تعميمه ونشره، لأن الله تعالى قرَّ لنا الدين الإسلامي ليكون لنا دستور حياة، نسيّر به حياتنا ونحل به جميع المشاكل التي تعرقل حياة الانسان.
فالدين بمثابة طوق النجاة الذي ينقذ حياة الانسان من الغرق في ظلمات الدنيا، فمن اتخذه حلاً نجا، ومن سعى وراء الغايات وماديات الحياة، رسم لنفسه الهلاك في الدنيا قبل الآخرة.
اضافةتعليق
التعليقات