الجميع يبحث عن انقلاب كبير يردي ماهو فوق لدون ماكان ليحل على كل الأصعدة منتظرين زلزالاً يهد أعماق العالم ليحقق امانيهم.
يُطعَم الإنسان بملعقة من مرارة عسلاً صافيا يهز أسوار النفس ويستسيغه اللسان بعد لفظ المرارة فلا يصل حلاوته حتى يكون مارا عليها، فيقسم الناس عبرها درجات لتبث منهم عصارة مدركة بخلاصة عقل تصدر عنه موجات وتقلبات في كل المجالات تحصل بشكل يومي وتستنزف منه مايطيب به الخاطر ويتكدر خاصة التي لها علاقة بالفكر مستنبطة أغلب أحكامها تجارب.
بينما يسير جمع كبير قابعين في أماكنهم مطالبين ببيان اعتذار، لمن ولماذا؟ لانعلم، يطالبون فقط، مثلا أبسطها الحياة الكريمة وعند الحق يتذللون للمجاملة على حساب أنفسهم وفكر وثقافة وتطور وهم الأغلب فيهم أصبح مثاله الأعلى ثلة من مشاهير لا تفقه لغة ولا أخلاق ولا ذوق ولا بذي علم يلدون أعمال ميتة لهذا العالم إذا ماقورنت بما كان ومايجب أن يكون لأصبحت نفاقاً ومثالية ومظهرية تنطلق من مرحلة العرض فقط إلى مرحلة التأثير في الوقت الذي يكون الأغلب فيه يدعي أنها متابعة فقط لا تعطي أي تأثير.
جرعة تفاهة إضافية:
من منطلق القاعدة الجماهيرية الأكبر التي تستقطب فئتي الشباب والمراهقين من كلا الجنسين يحتل فيها الفاشنستات أو المشاهير المركز الأول في التأثير عبر الحاح بالعرض لا تتعدى في بادئ الأمر عن حياة شخصية مثالية من ثم تتطور لتكون تجارة خاصة لزيادة دخولهم وهذا لايعني أن نكون ضد العمل لكن الحقيقة أننا ضد الكذب وعدم المصداقية وتكوين صورة مثالية دون الوعي عن مدى خطورة كثير من الطرح الذي يتابعه ملايين الشباب المتلهفين لحياة مشابهة لما بعقولهم غير مبالين وإن أدركوا فالأهم عندهم هو تقديم مادة تجذب الشباب لأجل الشهرة وزيادة قيمة الاعلان.
وحينما يشعر بعض هؤلاء المشاهير أن المتابعين أدركهم الملل من الشخصيات ذاتها لمدة طويلة وقد يقومون بإلغاء المتابعة وتداركاً لذلك، يحرصون على زيادة الجرعة من السطحية والتفاهة، وأحياناً قد يصل الأمر في الانحلال بما يعرضونه لتتم إثارة فضول متابعيهم لجعلهم في دائرة الاهتمام وتطول هذه التفاهة إلى أن تصل الأطفال والعائلة والأخلاق والمبادئ لتقبع في ذهن أغلب المتابعين أنها شيء لا خلل فيه ويعتبره الأغلب نكتة عابرة يمكن طرحها في أي مجلس دون انتباه لما تحمله من لفظ مسيء أو عقوق محتم وفعل لا يمت لحياتنا بصلة وحين المحاججة يقولون أين وصل العالم وأنتم مازلتهم تراقبون من الأمور صغيرها بينما لا يتبعون ما وصل إليه العالم من تطور وثقافة ولا تجذبهم منه سوى توافه الأفعال.
تلوث سمعي مقصود:
كشرارة بسيطة تسقط على سجادة لا تحرق منها إلا جزءاً يسيراً تاركة أثر ضئيل يتفاقم مع الأيام كلما زارته أخرى على نحو الصدفة فكيف إن كانت هذه الصدفة يوميا لزيادة أرقام بحجة نكتة وهذا مايفعله بعض المشاهير من ألفاظ تترك تلوثا سمعيا مع الأيام تستسيغه الأذن ليصبح كلمة عادية تحل محل الفضيلة بكل فخر ويتم تداولها كأي لفظ طبيعي دون ردة فعل مجتمعية تجاه هذه السلوكيات وعدم كبحها كظاهرة سلبية بل زيادة قيمة هؤلاء من خلال نشر مايدعى بالنكتة على مستوى غير محدود بل ودعوة هؤلاء المؤثرين إلى مهرجانات وافتتاح أماكن ومؤتمرات ليتصدر جلوسهم المقاعد الأمامية.
في الوقت الذي يتم فيه تجاهل المجتهدين الإيجابيين الذين لا يحظون بالتكريم ذاته ولا حتى أقل منه بينما وصل الكثير من مشاهيرنا المبجلين المثاليين أصحاب القوام الفرنسي اشتهروا من خلال تعليقات سطحية مقنعة بغشاء علم مزيف يدعمه حب جمهور أبله عقيم الفكر والرأي يشارك الاستهزاء والألفاظ بشتى أنواعها فقط لأن قولها بادر عن فلان وإن كانت لا تمت للذوق والأسلوب بصلة فتمكث برأس أغلب المراهقين والأطفال الذين لا تشبه مراحلهم العمرية ولا تعبر عن ماكان يجب أن يتعلموه في هذه الآونة دون أدنى احترام منهم للذوق العام فيما يتعدى إلى مناحرات بينهم ومتاجرة في خلافات وهمية واشاعات لرفع رقم المتابعة لالهدف ايجابي.
وفي فلك الرقمنة والإنترنت ومواقع التنافس الاجتماعي، من الضروري خفض المتابعة لهؤلاء المشاهير أو انتقاء المتابعة لأصحاب المحتوى الإيجابي لتضيف للمتلقي ثقافة ووعي يعرف بها ما يفيده وما يمكن اكتسابه منهم، خصوصاً أن بعضهم يعكس صورة مجتمعاتنا للمجتمع الخليجي والعربي والعالمي بصورة سلبية وبطرق منفرة، نحن لا نرفض هذا العالم الافتراضي، ولكن يجب أن نستخدمه للاستفادة منه، وكذلك لا ننكر فهناك بعض المشاهير الذين استغلوا شهرتهم في ما يخدم المصلحة العامة، على صعيد الترويج للأعمال الخيرية والمعلومات المفيدة، سواء كانت طبية علمية وأكاديمية وإخبارية، ولا مانع إن كانت ترفيهية أو اجتماعية.
كما قال علي عزت بيجوفيتش: إن فهم الفن والدين والأخلاق لا يأتي من الذكاء والمنطق وإنما يأتي من الحياة الداخلية للإنسان، فلا يوجد هنا منطق أمام منطق آخر، وإنما قلب وروح بإزاء قلب وروح آخرين.
اضافةتعليق
التعليقات