البحر هو مرآة للحياة البشرية بكل تقلباتها وتناقضاتها. فكما أن البحر يتراوح بين الهدوء والعاصفة، بين السكينة والاضطراب، كذلك الحياة الإنسانية.
عندما يكون البحر هادئاً وساكناً، تماثله الحياة في أوقات السلام والطمأنينة. هناك جمال ساحر في ذلك الهدوء، وصفاء في تأمل صفحة الماء الزرقاء الهادئة تنعكس فيها السماء الزرقاء. وكما يُبهر جمال البحر الهادئ الناظرين إليه، تسر الحياة الهادئة القلوب وتملأها بالسكينة والاطمئنان.
ولكن كما يفاجئ البحر بعواصفه وأمواجه الهائجة الناس على الشاطئ، تفاجئنا الحياة أحياناً بتقلباتها وصعوباتها وأزماتها. فحين يثور البحر ويتكسر الموج على الصخور والشاطئ، تتملكنا الرعبة والخوف والقلق. وكذلك الحياة، فأحياناً تفاجئنا بمحن شديدة وأزمات عصيبة تبعث في قلوبنا الرعب والقلق والخوف من المستقبل. ففي لحظات العاصفة والاضطراب، يبدو البحر والحياة كلاهما كائن مرعب وغير آمن.
وبما أن البحر لا يظل عاصفاً إلى الأبد، وتعقب العاصفة هدوء وسكينة، كذلك الحياة فإن الصعاب والأزمات لا تدوم إلى الأبد. فبعد كل عاصفة تأتي السكينة، وبعد كل محنة تأتي الراحة. وعلينا أن نتذكر هذا دائماً، فنصبر على محن الحياة ونثق أن السهولة ستعقب العسر، وأن الهدوء سيحل بعد العاصفة.
ومن الدروس التي نتعلمها من البحر أننا لا ينبغي أن نخاف من العواصف والأمواج الهائجة في حياتنا. فكما على من يسافر في البحر أن يكون مستعداً للعواصف والأمواج الشرسة، كذلك علينا نحن في الحياة أن نستعد لما قد تخبئه لنا الأيام من تحديات وصعاب. بالحكمة والصبر والثقة في الله، نستطيع أن نواجه ما يأتينا من عواصف وأن نصل إلى بر الأمان.
في هذا التناوب والتغير بين الهدوء والعاصفة يكمن سر جمال البحر وسر قوة الحياة. فالتنوع والتغير هما مصدر الجمال في الطبيعة وفي الوجود الإنساني. ولو كانت الحياة دائماً هادئة لفقدت روعتها، وكذلك لو كانت دائماً عاصفة لما استطعنا تحملها. إنما التوازن بين الهدوء والاضطراب هو ما يجعل البحر والحياة جميلين ومليئين بالمعنى.
اضافةتعليق
التعليقات