لا أستطيع أن أنسى اليوم الأول للتدريس لي حيث سألتُ التلاميذ عدة أسئلة وأثارتْ انتباهي ورقة لذي التسع سنوات حيث أجابَ عن (ماذا تتمنى أن تكون؟) بعملة نقدية!
وأجابَ عن (ماذا تكره؟) أيضا نفس الإجابة، تلك الاجابات التي جعلتني أبحث عن كاتبها وأطفئ فضولي في الأسباب التي جعلته يجيب بهذه الإجابة، فسرتُ معه في الممر بمصادفة مفتعلة فسألته عن نقود صديقه الضائعة هل وجدها، أجاب بتهكم: ليت كل النقود تضيع، غُرنا في حديث عن الأسباب تبين أنَّ والداه يهتمان بما ينفق وما ينفقان عليه أكثر منه، فعندما أضاع نقوده يوما أنباه عليها بشدة أكثر من تأنيبهم عندما تدنتْ علامته في الاختبار، بالرغم من أنهم من العوائل الثرية إلا أنهم بقصد أو بغيره لم يبدوا اهتمامهم على النحو المطلوب حتى تراكمتْ المواقف فغدا يكره النقود بشدة.
إن مقارنة الأشياء المادية بالأشخاص أو جعلها تأخذ الصدارة أو حصة من الأهمية تصل إلى تدمير حياة إنسان، كما يحصل مع فتيات كُثر عندما يُحرَمن من دراستِهن فقط لأن أعمال المنزل كثيرة، أو يتركن عملهن لنفس السبب أو مشابه له، مما يجعل الفرد يسخط على نفسه أولا ثم على المحيطين به لأنه يرى نفسه أقل من تلك الحاجيات البسيطة، بل يحاول ألا يقترب من الأشياء التي تبدو ثمينة أو مهمة لأي سببٍ لأنها أثمن منه على كل حال، قد تحصل تلك المقارنات بين العاملين ورئيسهم الجشع، ومشابهات هذه الحالة كثيرة، لكن أن تفضل الأم الماديات على أبنائها تكاد أن تكون مصيبة كبيرة، لأن مشاعر الأم فطرية وأيُّ خدش أو ألم يحرّك هذا الدافع فيها فلا بد من حذر الأم وانتباهها لتعاملها وطفلها لأن من أكثر ما يميت الطفل وابداعه وشخصه هو مقارنته مع الآخرين وتفضيلهم عليه كيف بمن تتم مقارنته مع أشياء مادية تروح وتجيء ببضعة أموال، مثل هذه المقارنات تضع الحواجز بين الطفل ووالديه في النهاية قد تقوده إلى العقوق، بسبب فقدانه لأهم ما يجعله أن يبر بهما وهو العاطفة الأولى التي لم يجد له مكان فيها، وفي النهاية على الأم والأب أن يحملوا رسالة فحواها (مهما كانتْ الأشياء ثمينة لا تعادل روح أي إنسان في الوجود، لأنه لن يعود مجددا)!.
اضافةتعليق
التعليقات