عندما يكون الحق سيادة القيم الإنسانية والقيم التي تتكفل بتحقيق الخير والرفاه للإنسان، حينها سنجزم بأن الحق هو هدف كل الأديان وكل الرسالات، ويبقى التحرر من قيود المجتمع ومن ضغط الشهوات، والتحرر من تقاليد الجاهلية، هدف مقدس من اهداف كافة رسالات الله، فمن دون الحرية لا يمكن تحقيق الحق، ومن دون الحق لا يمكن الإصلاح.
ان الحرية مطية الحق، كما ان الحق هو الإصلاح والحرية، والميزة التي أعطاها الله للإنسان، وبها كرّمه على كثير مما خلق.
والحرية بالنسبة الى الانسان، كالهواء بالنسبة للطير، من دونهما لن يتحقق وجوده، ويبقى مهملاً من مهملات الكون.
والحرية مطلوبة على كل حال: لكي يجرّب الانسان ذاته، ويحاول اكتشافها.. ولذلك رفع الامام الحسين (عليه السلام) شعار التحرر من الذل والعبودية والقهر والقيم البالية، فكان يقول (ع): "من رأى منكم سلطاناً جائراُ مستحلاً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول كان حقاُ على الله أن يدخله مدخله..".
حين أصبح الحسين (ع) قتيل الظلم من اجل العدالة، وذبيح الجهل والتخلف من اجل العلم والحضارة، وأصبح يكافح باسمه الانسان ضد الظلم والجهل والتخلف وأصبح ابدياً، كما العلم والعدالة والحضارة.
من هنا كانت كلمة الحسين على شفاه الثائرين، لأنها غذت في نفوسهم الحقد على السلبيات والهمتهم روح الكفاح ضدها.
وما دامت القيم السامية أسيرة في عبارات وكلمات تبقى حقائق نظرية لا تثير مشاعر الناس ولا تحرك اعصابهم.
بينما إذا تجسدت القيم في اشخاص ودخلت معهم في تيار الحياة برز للناس جمالها وروعتها وأثارت عاصفة من الاحاسيس والعواطف.
وبالتالي اعطتهم زخماً علمياً يتسبب في تجسيد القيم في نفوسهم بأفضل ما يمكن. فمئة كلمة توجيهية الى الصدق والوفاء والإصلاح لا تثير في نفوس الجماهير الإحساس بروعة الصدق والوفاء والاصلاح، بمقدار قصة رجل مثل هذه الصفات الخيرة، وأصبح تجسيداُ لها.
وثورة الحسين (عليه السلام) كانت مزرعة لألف شتيلة صدق ووفاء وتضحية لذلك الهبت مشاعر الناس ودفعتهم بقوة نحو القيم السامية.
فالحب مثلاً، قيمة مقدسة لا نتحسس روعته إلاّ حين يتجسد في انسان معروف كالحسين، حينها لن نحبه حباُ عميقاُ فقط، بل ونصقل حبنا للأشياء والأشخاص بسببه.
فقد خلفت الثورة اسساً جديدة للولاء، وسقطت الولاءات القبلية، فثار العبيد على الأسياد، وثارت القبائل على رؤسائها. وحطمّت الثورة حاجز الخوف بين الناس وبين الثورة، فإذا كانت "المسلمات الأخلاقية" المزيفة تحول بينهم أن يثوروا، فان الثورة نسفت هذه المسلمات ووضعت ضرورة الثورة مكانها، فقامت ثورات في كل مكان من الأرض الإسلامية.. وكانت الفتيلة هي ثورة الامام (عليه أفضل الصلاة والسلام).
اضافةتعليق
التعليقات