ليس من الممكن أن نتصور وجود خصام بين الإحساس بالسعادة وشعور الحب، كما لا نتصور حباً لا يرقد على فراش وثير من السعادة.. فالسعادة والحب متلازمان، وهما توءمان لا ينفصلان.
ونعني بالسعادة تلك النفحة التي تحمل على أجنحتها معاني الشعور باللذة والراحة والاستقرار النفسي، لكلا الطرفين، فقد تكون سعادتكم في تكوين العلاقات الثنائية الحسنة، أو في شعوركم بأنكم محبوبون، أو في وجود من يهتم بأموركم ويلبي طلباتكم، أو في وجود من يتجاذب معكم أطراف الحديث.. إلى آخر الأشياء التي بتوفرها يكون الإنسان مطمئناً مرتاحاً مستقراً.. راضياً..
وأفضل طريق لبلوغ السعادة، هو ذاك الذي ترسمه مشاعر الحب.
إنك تسأم من محادثة الإنسان الذي تبغضه، بل ولا تطيق سماع ترددات صوته، لكنك حتماً ستكون سعيداً عندما تتجاذب أطراف الحديث مع من تحب، وتستأنس عندما يشنف صوته سمعك، وتتذوق حلاوة الحروف التي تتقاطر من ثغره.
ولعل هنالك بعض الفروق فيما يخلق الشعور بالسعادة بين الزوج والزوجة، لكونهما رجلاً وامرأة يختلفان في الجنس وفي ما يستتبع ذلك من الأحاسيس والنفسيات، فالرجل قد يشعر بالسعادة عندما يشعر بأن كل شيء يسير على ما يرام وعندما يحس بالثقة بالنفس.. لكن هذا الاختلاف الطفيف لا يعيق دور الحب في تكوين السعادة، لأن الحب بدوره يجلب ذلك الإحساس عند الطرفين من دون فرق بينهما، فحب الزوج لزوجته يعني سعادتها، وحب الزوجة لزوجها يعني سعادته..
يقول جون جري بخصوص إحساس النساء بالسعادة: "النساء يكن سعيدات عندما يثقن بأن حاجاتهن ستلبّى، وأكثر ما تحتاجه المرأة هو عشرة بسيطة عندما تكون منزعجة، مقهورة مشوشة، مجهدة وفاقدة للأمل. فهي بحاجة إلى أن تشعر بأنها ليست وحيدة، بل محبوبة، مدللة".
وحتى نتعرف على كيفية ولادة توءم السعادة عندما يولد الحب، يجدر بنا أن نتعرف على هذه الحقيقة، وهي أن للمشاعر تأثيراً على الجهاز العصبي للإنسان، من طريق نفوذه إلى مراكز الانفعال في المخ، وبالتالي فهو يؤثر على الأعصاب.. إذ يقوم مركز الانفعال بإفراز مادة (السيروتونين) التي تؤثر على توتر الأعصاب، ففي حالة إغداق مشاعر من الحب من جانب أحد الزوجين سوف يحسان بهدوء الأعصاب والارتخاء وحالة الرضا، والطمأنينة والراحة واللذة، التي تجتمع لتكوّن الإحساس بالسعادة.
وقد جاء في الحديث عن الإمام الحسن العسكري عليه السلام: "أقل الناس راحة الحقود".. إذاً من أكثر الناس راحة الودود، المحب.
ويعرّف مؤلف كتاب (كيف تحيا سعيداً) السعادة كما يأتي: "السعادة هي الملاءمة بين قلب الإنسان وواقع الحياة التي يعيشها".
فالحياة التي يعيشها الإنسان لها تأثير على قلبه وإحساسه.. فإن كان واقع حياته زوجة يربطه بقلبها عقال الحب فإن ذلك سيمثل السعادة..
لأنه سيشعر بالراحة والانسجام بين حياته وقلبه.
الحب المتبادل بين الطرفين بحد ذاته يشيع جواً من السعادة الزوجية، لأنك إذا أحسست بأنك محبوب، فستزداد بلا شك ثقتك بنفسك وستشعر بالراحة والأمان.
وأبلغ ما قيل في تأثير الحب على شعور الإنسان وسعادته، وأصدقه هو قول الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم - :"ما ضاق مجلس بمتحابّين".
فما أجمل هذا التعبير الذي يعبّر عن حقيقة ما يفعله الحب في قلوب المحبين حتى في كدر الضيق، إذ ينبثق نور الحب من القلبين ليحوّل ضيق المكان إلى سعة السعادة، لا بهدم الجدران، وإنما بإزالة الترسبات الجاثمة فوق إحساس الإنسان، ليتحرَّر وينطلق نحو سعادة القرب وأنس الحبيب.
الحب يخلق النجاح
لابد أن يكون للإنسان هدف في هذه الدنيا يسعى لتحقيقه في أي مجال يختاره ويرى فيه مصلحته وصلاحه، ولكن، هل يستطيع أن يفعل ذلك وحده، أم أنه يحتاج إلى من يدفعه ويساعده؟
والمرأة كذلك سواء أكانت رسالتها في تدبير منزلها وتربية أولادها ورعاية زوجها، أم كانت عاملة أم دارسة، أم تمارس عملاً اجتماعياً، أو خيرياً أو كليهما معاً، تبقى بحاجة إلى دافع مساعد يدفعها ويشجعها لإتمام أعمالها بتفوق ونجاح، فالزوج يدفع بحبه زوجته للنجاح، والزوجة تدفع بحبها زوجها للنجاح أيضاً.
ولتقريب هذه الصورة نذكر مثالاً واقعياً.. لقد صدر كتاب خاص يتحدث عن دور الزوجة في صنع الفاعلية لدى زوجها تحت عنوان "ادفعي زوجك إلى النجاح" تأليف دوتي كارينجي، زوجة المؤلف الشهير ديل كارينجي، وقد جاء فيه الكثير من النصائح التي تستطيع الزوجة من خلالها أن تدفع زوجها إلى النجاح، ملخصها كالآتي:
- ساعديه في تعيين الطريق وتحقيق الهدف.
- كلما حقق هدفاً، اصنعي له هدفاً جديداً.
- كوني مستمعة طيبة له.
- شجعيه، وعاونيه على أن يصبح الرجل الذي ينشد.
- عندما تسوء الأحوال.. تذرعي بالإيمان.
- تعاوني معه.. وألمي بعمله.
- شجعيه على مواصلة التعلم.
- لا تجعلي من البيت جحيماً
- لا تكوني معول هدم.
- شاركيه في ما يمتعه.
- وفري له وقتاً يخلو فيه لنفسه.
- جسّمي فضائله.
هذا ملخص نصائح الكاتبة للزوجة حتى تدفع بزوجها للفاعلية والنجاح، والآن لتسألي نفسكِ سؤالاً: هل بمقدوركِ أداء هذه الأعمال؟..
من الواضح أنها مهام جسام، تأبى الجبال حملها ويعجز الصبر عن إتمامها..
فإن قرأتِ هذه المهام بعين مجردة، فستصابين بالذهول من ثقلها على عاتقكِ، ولكنكِ إذا نظرت إليها بعين منقّعة في وعاء الحب فسوف تكون في نظركِ يسيرة جداً، كشرب الماء في عذوبته وسهولته، وكالعسل في حلاوته..
اضافةتعليق
التعليقات