إن العالم اليوم ينشطر إلى نصفين؛ واقعي وافتراضي، وفي كلاهما نعيش حياة قد تختلف شخصياتنا فيها حسب ما نواجهه من سلبيات وايجابيات أو قد نُقدم أنفسنا كما هي بلا رتوش، وفي بعض الأحيان يحصل تبادل أدوار جراء التأثر بما يجري في أحدهما، وبلا شعور قد تُكتسب بعض العادات من هنا وهناك وتُطبق على أرض الواقع دون وعي..
العالم الافتراضي أصبح اليوم شاشة عرض لما يحدث في العالم الحقيقي وبات الجميع يميل لقضاء أغلب ساعات فراغه في قلب تلك الشاشات ليُكمل ماقام به من عمل في الواقع تارة, أو يبحث عما ينقصه تارة أخرى من سماع بعض الآراء أو تلقي بعض الدعم والاشادة وكلمات جميلة من ثناء ومديح وما إلى ذلك في أمور تخصه حرفيًا..
إذن عندما تصبح الخصوصية فيه شبه معدومة حيث يَطّلع الجميع على الكثير مما يدور في حياتنا خلال ساعات يومنا؛ في هذه الحالة يصلح أن نطلق على هذا العالم "بالواقع الافتراضي!" لما صرنا ندركه من اهتمام فعلي وانفتاح واسع لغالبية الأفراد في نطاقه، فلِما لا نحاول التفكر جيدًا بشأن ما نقرأ أو نشاهد مما يُعرض علينا من خلال مواقع التواصل وأخذ الحيطة والحذر من التأثر بالأمور السلبية من خلال اهمالها وتخطيها للبحث عن الايجابيات هناك للاستفادة منها وتطبيقها في واقعنا الحقيقي إن أمكن؟!.
على سبيل المثال؛ كُرسي الاعتراف: فقرة من فقرات لبرامج عدة تتداولها المجموعات بكل تخصصاتها على فيس بوك، أثارت انتباهي واهتمامي, تُطرح من حين لآخر حيث يقوم المسؤول عن المجموعة أو أحد افرادها بإختيار عضو معين للجلوس الافتراضي على هذا الكُرسيّ لتوجه إليه بعض أسئلة من قِبل الأعضاء عامة ينبغي له الاجابة عليها؛ تبدأ بسؤاله عن هويته وشخصيته ومن أي دولة أو محافظة وحالته الاجتماعية وهكذا تنهال عليه الاسئلة عن كل شيء يخصه وقد يبدو له الأمر أشبه باستجواب وديّ!.
الغريب مما لاحظته في هذه الفقرة أن الشخص المختار يعطي كل الوقت الذي يملكه للرد على الجميع! وغالبًا ما يجيب برحابة صدر وانسيابية عالية وردود صادقة بالأخص عن السؤال المحبب لديه؛ كماذا تتمنى أن تُصبح وعلى ماذا تود الحصول، وهل هناك من تفتقده، أوَ لديك رفيق تتمسك به؟ وهل هناك من يخاف عليك أو تخاف عليه أو من يحقد عليك و يقف بطريق نجاحك؛ وهل فشلت يومًا، وما هي الأسباب والخ..؟!
فتجده مستعدًا للبوح بكل ما يجول بخاطره، بل ويطرح مشكلاته ويشكو متاعبه ويمضي يناقش الآخرين عما يشعر وما يرغب وكيف لهم أن يساعدوه وهو لا يعلم حقيقة شخصية المتحدث معه وهل هو على خطأ أم صواب وكأن كل المتحدثين تبدو عليهم الخبرة العالية في مناقشة القضايا الاجتماعية وكل واحد فيهم سيقنعه بوجهة نظره المعينة! وتجده الآخر يقدم كلمات الشكر والتقدير وكل الامتنان لمن اهتم بأمره!.
هنا أود القول؛ ياعزيزي الرائد المحترم في هذه الشبكات على مواقع التواصل ينبغي عليك الانتباه لكونها شبكات عنكبوتية قد توقعك في شباكها الخطرة وتلحق بك الضرر على المدى البعيد، فهَلا توقفت لتسأل نفسك للحظة لمَ تبوح للغريب البعيد بما يخصك وقد يخص القريب إليك القريب عليك, بدلًا منه؟!.
لا شك بأن الكثير سيُقدم اجابات مجحفة بحق ما يعانيه من معضلات مع أقربائه أو عامة الناس من حوله، وانهم لن ينصتوا إليه أو لا يفهمونه وووو..
لكن ما رأيك عزيزي المعنيّ لو تجرب ولو لمرة, أن تختار كُرسي اعتراف حقيقي من أثاث منزلك الآمن لتجلس عليه وتدعوا من يهمه الأمر لسماعك, وتسرد عليهم ما تحمله في جعبتك عن كل ما تحتاجه أو ما تعاني منه أو ما تود حصوله، وتطلب مشورتهم ومساعدتهم لك بأسلوب جديد وبكل لُطف ومحبة؟ فَبِرأيك أليسوا هم أولى بكشف أسرارك والحفاظ عليها ضمن محيطك الخاص بدل الغرباء المجهولين؟!
وفي النهاية تأكد أن ما بعد هذا الاجراء السديد، حينها فقط سيُحتكم بأمرك وفي كل الأحوال أنت الرابح إن كان الحُكم لصالحك أو لصالحهم!.
اضافةتعليق
التعليقات