"كانت تجلس على الأريكة تسند رأسها على الوسادة تُقلّب بصفحات الكتاب وتتفحص السطور بينما كان صغيرها منشغلا بمشاهدة التلفاز حتى سمعت صوت انبعث من جوالها ينبهها بوصول رسالة على إحدى برامج هاتفها, ترجلت نحو المنضدة بهمة لرؤية تلك الرسالة لربما تكون من صديقة تطلب حاجة ما أو من احدى شقيقتيها تسأل عن صحتها فهي لم تذهب لعملها اليوم لأنها مصابة بوعكة صحية, وهنا اشتاطت غضبا وكادت ترمي بهاتفها أرضا لما رأته فهذه الرسالة الخامسة والعشرين تصلها خلال يومين لهذا النوع حيث جاء فيها: (أرسل هذا التسبيح لعشرة اشخاص ويصلك خبر سعيد بعشرة دقائق) لم تتحمل سخافة هؤلاء الجهلاء حتى اعادت لهم الرسالة نفسها مع اهانتهم وبعدم ارسال لها أي رسالة من هذا النوع.
هذا ما حصل مع اسماء عبد الحسين ويحصل مع الكثير من الناس فقد طفت العديد من الظواهر السلبية على القاع في العالم الافتراضي (الفيس بوك) هذا العالم الذي قد خدم الكثير من مرتاديه عبر إنجاز أعمالهم باختصار الوقت والمسافة, إلا إن البعض قد لوّث هذا العالم بأفكار رثة ليجعل منها وسيلة لزعزعة الكثير من المعتقدات والمفاهيم التي يرتبط بها الانسان, حيث تناقلت بين الناس مؤخرا ظاهرة الرسائل عبر الخاص بأنواعها الغريبة مثل: "إذا أرسلتها لعشر أشخاص بعد ساعة ستسمع خبرًا يُفرج عليك كذا وكذا، وإذا لم تفعل، سيصيبك حزن أو مصيبة بعد ساعة" ولا توقفها عندك بل "أرسلها لجميع أصدقائك حتى لو كنت أنا منهم".
(بشرى حياة) أجرت هذا التحقيق حول هذه الظاهرة للتعرف على آراء وردود أفعال الناس الذين تصلهم رسائل من هذا النوع..
وجهة نظر
(ما أكثر الرسائل الجاهزة التي تصل إلينا عبر الخاص بأنواعها الغريبة، كم أمقت هذه الرسائل وتثير حفيظتي).. بهذه الجملة استهلت سهام مهدي حديثها, ثم تابعت قائلة: "العديد من الرسائل تصل إلى جوالي من هذا النوع الغريب أو حملات استغفار على حد تسميتها لهم, وما الى ذلك عبر رسائل النسخ واللصق, من وجهة نظري إننا لو استبدلنا هذه الرسائل في بعض الحالات بمساعدة الآخرين أو بصدقة لفقير، وحسن معاملة الجار وصلة الأرحام أو بدعوة بظهر الغيب للآخرين، سيكون هذا أفضل بكثير، ختمت حديثها: طبقوا ما ترسلون في حياتكم وسنكون بإذن اللّه خير الأمم".
بينما قال المحامي يوسف سلمان: "إن هذه الرسائل مقصودة وهي من جهات إعلامية معادية, تجعل المسلم يشك في أمور دينه, فحينما ترده رسالة ومعها قسم يمين كاذب إن بعد ساعات يأتيك خبر مفرح, وإن لم يأتي الخبر المفرح فبعض من الناس البسطاء يأخذه الحزن والشك في قدرة الله تعالى, وهكذا, والغاية هي أن تسيطر هذه الجهات المعنية على عقول أكثر المسلمين, وخاصة الذين يعتمدون في بعض أمور حياتهم على الأبراج, والطالع, والسحر, والفال وما إلى ذلك".
وتشير أنوار النواب/ موظفة إلى إنه "يتوجب على كل مثقف أن يفهّم الناس على هذه الأمور لأن ديننا يعتمد على الإيمان, لا على الخزعبلات, فحينما ترده هكذا رسالة يتوجب عليه أن يتحدث مع المرسل ألا يكرر هذا الفعل مع غيره وأن يتوقف عن إرسال هكذا رسائل".
وأضافت النواب: "إن الأغلبية تعاني نفس الأمر ليس أنا فحسب, والمقصود من هذه الرسائل هو ممارسة حرب من لون آخر ضد الدين الإسلامي, ولطبيعة اغلب الناس الطيبة يرسلون تلك الرسالة ثم ينتظرون أخبارا لن تأتي, فيتزعزع تدريجيا إيمانهم وعقيدتهم, فعلينا أن لا ننساق خلف هذه المعتقدات الواهية دون تفكير, وأن نتفق على إهمال هذه الظاهرة حتى تنتهي تماما".
ومن جهتها تضيف حنين كريم/ خريجة معهد تقنيات: "ما أحوجنا إلى التفكير في هذه الرسائل الجاهزة, وما لها من أهداف أخرى, ومنها تشويه أفكار أشخاص من مختلف الفئات وعلى كل المستويات من جاهل ومثقف وغني وفقير, لقد عودت نفسي على وضع هذه الرسائل تحت المجهر, لأرى مدى سخفها الذي يهدف إلى خدمة أغراض أخرى ولا يخدم واقع الأمة".
فيما قالت المهندسة زينب إبراهيم: "لقد أصبحت هذه الرسائل منتشرة بشكل همجي فتصلني عبر جوالي من أشخاص مثقفين فيثيرون دهشتي, فما عساي أن أقول على الجهلة والبسطاء, ومن المؤسف إن بعض الناس يصدقونها".
وأضافت مؤكدة: "إن هذه الرسائل مدسوسة, وهي تهدف إلى تشويه الدين وجعله من الخرافات, ولاسيما قولهم: أرسلها وسيصلك خبر جميل بعد خمس دقائق, فهي إضعاف لقوة الإسلام, والإسلام أسمى وأعمق, وأدق من هكذا رسائل".
وأضاف مرتضى خضير/ طالب جامعي على ما قالته زينب: "إن هذه لمشكلة تجعلني اشتاط غضبا لكثرة ما تصلني هكذا رسائل, والغريب إن الكثير يصدقها ويداولها, متناسين إرادة الله وقدرته بقضاء الأمور في وقتها".
وتابع حديثه قائلا: "لقد سعيت جاهدا لقضاء حاجة في نفسي وعمدت لتسبيحات عدة وصلاة الحاجة ونذرت النذور, لكن للأسف لم أنل مبتغاي, فاعتراني حزن كبير, وبعد انقضاء شهور حصل شيء غيّر تلك الرغبة التي كانت تجثم على صدري وشكرت الله لأنه لم يستجب إلى دعواتي في حينها, حتى إني وفيت بالنذر لأنه اختار لي الصواب دون أن أدرك ذلك".
ختم حديثه: إن ربنا يقدر الأقدار ليختار للمرء ما هو أفضل له, دون ان يشعر, وهذا ما حصل معي".
رؤية اجتماعية
فيما قال حسنين الموسوي/ باحث اجتماعي: "بالفعل إن هذه الرسائل كثيرة, وانتشرت بطريقة خرافية, ومنها المثير للجدل وللسخرية, والمثير للشفقة أيضا, ومع ذلك الهاتف ملكية خاصة نأخذ منه المهم والمفيد وباستطاعتنا تجاهل ما هو غير ذلك, إن الله عز وجل حين أمرنا بذكره فلم يكن ذلك لأجل ذاته جل وعلا ولكنه لصالحنا إن الله غني عن العالمين".
رؤية شرعية
وكان للشيخ نزار التميمي مشاركة حول هذه الظاهرة حيث قال: "تشكل كثرة الرسائل التي يقوم إرسالها بعض الأصدقاء في (الفيس بوك) ظاهرة سلبية في أغلب الأحيان كونها تمثل حالة من الحرج والإزعاج لدى الآخر, لأن كل القيم والأعراف والتشريعات وعلى رأسها الإسلام تدعوا إلى احترام حقوق الآخر ومراعاة حاله واحترام خصوصيته".
وأضاف التميمي: "يمكن الإفادة من مجمل خطابات الشارع المقدس بالمنع وعدم الجواز بهذه الرسائل لا سيما أن اغلبها تحمل إلزامات ومطالب ما أنزل الله بها من سلطان بل هي تمثل سخف وضآلة المستوى الفكري والعقلي للمرسل".
وتابع مؤكدا: "إن الإسلام يريد منا أن نكون مؤدبين مع الأصدقاء وأن نهتم بخصوصيتهم ومشاعرهم, وأن نتجنب كل ظاهرة أو رسالة تدعوا للسفه أو الإزعاج المتكرر".
اضافةتعليق
التعليقات