يلجأ بعض الآباء أحياناً لتلبية رغبات أبنائهم على الرغم من أنها ربما تسبب خطراً صحياً أو نفسياً أو معنوياً عليهم, ويصعب السيطرة على الأبناء خاصةً في أعوامهم الأولى, لصعوبة التفاهم معهم وجعلهم يدركون مدى خطورة رغباتهم والتي تظهر آثارها, سواء على المدى القريب أو البعيد, وهناك من الآباء من يتسم بالحزم والشدة غير مبال بعمر أبنائه, سواء صغار أم كبار, ويفعل ما يراه في مصلحتهم غير مبال بإلحاحههم أو غضبهم, وهناك من ينصاع لطلباتهم رغبة منهم في جعلهم ينالون ما يريدون أو للتخلص من إزعاجهم.
الحياة ليست نجاحات دائماً
تقول دعاء قنديل (تدريسية في جامعة كربلاء): "أنا ضد تلبية طلبات الطفل وخاصةً فيما يتعلق بالتلفزيون والموبايل, لخطورتها على العين والتركيب الدماغي للأطفال.
موضحةً إذا كانت طلباتهم مُلحة جداً وببكاء وصراخ أمنحهم وقت قليل جداً ومن لا يلتزم بالوقت المخصص, (أضع ساعة توقيت وجرس واضح) من لا يلتزم يُحرم من الوقت في اليوم التالي.
مضيفةً: عند الإلحاح بشدة أوفر بدائل مثلاً لعبة فكرية أو رياضية, بحيث أشارك معهم باللعب حتى يتشجعون, لا يجب أن أجعلهم يفوزون دائماً كي يتعلموا بأن الحياة ليست نجاحات دائماً, ويتعلمون معنى الخسارة ليحبوا الفوز والنجاح".
نوبات من البكاء
تقول منى سالم (موظفة): "أتعرّض للإحراج عندما أكون في أحد الأماكن ومع صديقاتي, وتبدأ ابنتي بالإلحاح في طلب شيء كشراء الحلوى, إذ إنها تعاني بعض المشكلات في أسنانها, وعندما أخبرها بالرفض تبدأ في نوبات من البكاء التي لا تنتهي, فأضطر للاستجابة لرغباتها على الرغم من تأثيرها في أسنانها".
رشا عبد الجبار, (كاتبة) تقول: "لديَّ أربعة أبناء, والتعامل معهم يكون قائم على الأخذ والعطاء".
موضحةً: أن يقترحوا أمراً ما ويطرحوه وبالمقابل إذا كان هذا الاقتراح في صالحهم أو ينفعهم بطريقة ما يمكن أن أستشير زوجي وينتهي الأمر على أكمل وجه, ولكن إن كان ليس في صالحهم أو فيه ضرر عليهم فإنني أوضح لهم بطريقة مقنعة, مبينة لهم خطورة الأمر عليهم.
وليس كل شيء سهلاً دائماً, شخصية ومطالب كل فرد تختلف عن الفرد الآخر بطبيعة الحال.
فؤادة عادل, (ماجستير في الطب البيطري) تقول: "ليس دائماً ألبي رغباتهم, وأحاول أن أضع شروط لهذه الرغبات مع أنه أحياناً أستسلم لرغباتهم لكن بحدود وليس فيها خطر عليهم, ولديَّ قانون في كل شيء".
إنني امرأة عاملة وأحمل على عاتقي الكثير من المسؤوليات سواء على نطاق العمل أو المنزل, فلا يوجد لديَّ المتسع من الوقت لقضاء وقت كافِ مع ابنتي, هذا ماقالته نور أحمد, موظفة في شركة خاصة وتشير: "لأن الحياة كلها ضغوط فأضطر لقضاء ساعات طويلة في العمل بعيدة عن ابنتي ذات الثلاثة أعوام, وعندما أعود للمنزل يكون لديَّ العديد من المهام, ولذلك تلجأ ابنتي لإستخدام الأجهزة اللوحية المحمولة ومشاهدة أفلام الكرتون وأغاني الأطفال لفترات طويلة, وعندما أمنعها من ذلك تتذمر وترفض بحجة أنها لا تجد مايشغل وقتها, لذلك أضطر لتركها أمام هذه الأجهزة على الرغم من مخاطرها".
رأي علم النفس
توضح المستشارة النفسية الدكتورة رولا الصيداوي, رغبات الأبناء الملحة وكيفية التعامل معها.
لماذا الإلحاح؟
يأتي الإلحاح على تنفيذ رغبة معينة نتيجة:
أولاً: الشعور بعدم الأمان, عدم الحصول على الحب والاهتمام الكافيين من قبل الأبوين فيسعى إلى لفت الأنظار إليه.
ثانياً: التدليل الزائد وإجابة طلباته دائماً.
ثالثاً: الشعور بالملل, تقليد الآخرين قد يعبر عن رغبة في الاستقلال (طالما ليس بشكل دائم ولافت للنظر).
أشكال الإلحاح على تنفيذ الرغبات من قبل الأبناء:
1-العدوانية.
2-الغضب بالصراخ.
3-الارتماء في الأرض أو إيذاء نفسه.
4-الشكوى الدائمة ومحاولة استدرار شفقة الآخرين.
5-الإصرار للحصول على مايوجد أمامه.
6-الإلحاح للحصول على أشياء بعينها.
7-التمادي في الإلحاح أمام الآخرين على وجه الخصوص.
كيفية علاج هذه الحالة؟
هناك جوانب إيجابية في هذا السلوك, فهو ربما يعكس مهارات في القيادة والقدرة على التعبير عن النفس وعدم الانسياق للآخرين بسهولة. لهذا على الأبوين توظيف هذه الطاقات والصفات بشكل إيجابي بدلاً من كسر إرادته كتوليته مسؤوليات معينة تناسب قدراته وسنه, أو تعليمه كيف يعبر عن رأيه ومشاعره وطلباته بطريقة مهذبة.
ومن الضروري تجنب الضرب فالعنف لن يحل المشكلة بل قد يزيدها حيث سيشعر الابن بالغضب والاضطهاد وحتى لو توقف الابن عن الإلحاح بسبب الضرب فإنه يترك عواقب وخيمة على شخصيته وعلاقته بوالديه.
على الوالدين أن يتجنبوا أسلوب نفذ دون نقاش حيث إنه سيشعل الصراع على السلطة أكثر بين الابن والوالدين!.
إعطاء الابن قدرة على الاختيار أو التعبير عن النفس, تجنب إجابة طلبه حتى يطلب بالشكل المناسب وبالنبرة المهذبة.
الثبات على الموقف.
على الوالدين أن يفعلوا مايرونه صحيحاً, فليسوا بحاجة أن يثبتوا للناس حبهم وكرمهم مع أبنائهم.
وأيضاً من الضروري أن يكونوا قدوة للأبناء في كيفية عرض الطلبات.
وتؤكد الصيداوي على ضرورة الإطراء والثناء على سلوك الابن وعدم استنكار مشاعره, أو محاولة توجيهه ببغض, بل يجب توضيح استنكارهم للفعل فقط, لأنه قد يفهم ذلك إنكاراً لمشاعره وبالتالي يحاول توصيلها بشكل أكثر قوة أو أنه سيجد أن سلوكه يجذب له الانتباه الذي يريده وبالتالي يستمر في سلوكه غير المقبول..
ومن الضروري إخبار الابن بالسلوك المتوقع منه بشكل مثبت بدلاً من قول "لا تفعل "مثلاً" أتوقع منك عندما تريد شيئاً أن تقول من فضلك.
وفي الختام ذكرت الصيداوي:
"أبناؤنا مشاعل نور تنير المستقبل فـلنحسن التعامل معهم ولنستثمر قدراتهم وطاقاتهم الإيجابية التي أودعها الله تعالى بهم بالشكل المطلوب وخير الأعمال أن نكون القدوة الحسنة".
اضافةتعليق
التعليقات