شاء القدر ان يجمع للشعب العراقي عيديتين، عيدية الفطر السعيد، وعيدية النصر، ولا يخفى عليكم ان العيد الثاني كان الاكثر فرحا وانتظارا، بعد التضحيات الكبرى التي قدمها جميع اطياف الشعب العراقي، لتحرير ارضه من رجس داعش عسكريا وقهره، وتطهير المناطق من هذه الارجاس، وبعد مخاض طال لسنوات من القتال والنزوح من المناطق التي وقعت تحت سلطة داعش، فكانت هذه المرحلة هي الاصعب والاخطر في تاريخ العراق، لسرعة انطلاقها وسيطرتها وان من يمانع حكومتهم يقتل او يسجن حسب ما جاء في شريعتهم، لذلك كان بزوغ فجر الفتوى الجهادية في الوقت المناسب ومن الرجل المناسب فلولا الفتوى لكان ظلام دولتهم وصل الى ما وصل اليه، لكن تبقى حصانة هذه الفتوى الكفائية ورجالها في مقدمة هذا النصر العظيم.
لا يخفى على ابناء الشعب العراقي المراحل السابقة وكيف تعرض البلد الى نكبات كادت ان تذهب وتسحق امجاده في صفوف البلدان العربية، وكيف توقفت الحياة واصبحت الهجرة الحل الاوفر لكافة المواطنين، ومن شبابها الذين لم يعثروا على بعض احلامهم، وكانت الذريعة هي الهجرة عبر السواحل البحرية وعن طريق قوارب الموت، والمافيات التي تتعرض لهم في الهجرة والتجارة بالاعضاء البشرية، كل هذه كانت بداية النهاية، ولاننا لم نفكر يوما بأنها ازمة وتنتهي، كما انتهت من قبل ازمة الحرب الايرانية والكوتيتة والامريكية، فليست الحرب الاولى في تاريخ العراق، وعلى امل ان تكون الاخيرة.
رغم معاناة الشعب في ظل هذه الظروف الا انه لم يعرض يوما سواد تلك الايام وكيف عاشها، وانها لا تزال باقية في ذاكرته، كما فعلت الدول الاخرى مع العراق ومازالت تدمي الجرح فتعرض الدراما الرمضانية وتربطها بحرب الخليج وكيف كانت الكويت وماذا فعل الجيش عندما دخل والاغرب من هذه الاحداث والصورة السلبية التي نقلها التلفاز الى هذا الجيل، الذي لم يحضر في الحرب لا صورة ولا صوتا لكن بسيناريو عرف كل ما يرغب في معرفته واغلبها هي منحازة لطرف اخر، وفي بلد اخر ما ان تدخل الحدود حتى ترى اثار الحرب معروضة في اول خطوة تخطوها وكأنهم يذكرونك بانك انت من كان يقاتل هنا، ويصفقون لمن يدخل اولا ويكون الحاكم.
الى هذا اليوم لم يعرض العراق فيلم الضحايا التي قدمها في فلسطين، والجولان، والثورات التي كان يدعمها بالسلاح او الجنود، نسيتم كل هذه التضحيات، واصبح العراق بلد الحروب والمصائب، متجاهلين اوجاع هذا الشعب والامة ودفعتموها ثمن جريمة لم يرتكبها هو بل ارتكبها من كان ديكتاتوريا في حكمه، حتى انتم ايها العرب لم تجرأوا يوما لتقولوا فيه كلمة واحدة، فكيف بحال شعب يعيش الحصار والظلام وكل عائلة لديها شهيد او فقيد او سجين سياسي، وعندما ارادوا تغييره وقف ليرى طوق الحرية التي امتنع عن التفكير فيها، فخذلتموه وادخلتم المرض او الدمار، وكأنها البقعة الوحيدة في العالم.
وبين كل هذا بقي العراق يقاتل وحيدا ويضمد جراحه وحيدا، من دون ان يطلب منكم يد العون لانه يعرف ان اليد التي تمد ستقطع او تبيع بلدها، لذلك بقي مكتفيا بما لديه، وكان الله معه في كل مرة يخوض فيها حرب، وهذه المرة اراد الله ان ينتصر على دولة الخرافة بتلك الامكانيات والوجوه السمراء فكان النصر عسكريا واصلا من جرف النصر الى بيجي وتكريت وسامراء واخيرا ارتفعت راية الله اكبر في الحدباء، وهذه بذاتها هي ضربة صارمة في مرمى العدو.
بعد هذه الانتصارات التي اعلنت عنها الحكومة العراقية ماذا نفعل حتى ننتصر فكريا؟!
_تخليد هذه البطولات وارشيف المعركة في تاريخ العراق، فليس من المعقول ان نحتفظ بالماضي ولا نحافظ على المستقبل.
_تسليم المحافظات المحررة واعادة تكوين مجلسها حتى لا يدخل الخائن مرة اخرى ومراقبة الاحداث عن قرب.
_اعادة اعمارها وتصليح الاماكن التي تعرضت للقصف او الرصاص.
_ارجاع جميع اطياف المنطقة من دون اي تطرف او عنصرية .
_جعل الانتصار بإسم العراق من دون التحيز في الالقاب والاسماء وان كانوا جميعهم يستحقون لكن يبقى اسم الوطن هو الحاضن الاكبر لهم.
_محاربة العنف في جميع انواعه وتسليم السلاح .
_متابعة اوضاع النازحين ومساعدتهم.
_محاسبة الاشخاص الذين كانوا يتعاملون مع داعش او من كان معهم.
_ارجاع جميع النازحين الى مناطقهم لاعادة الحياة فيها.
_مع بداية العام الدراسي الجديد ايصال صور التعليم الى هذه المناطق.
_ارجاع الاثار المسروقة وترميم ما تعرض منها للهدم او الخراب.
_عمل لجنة من المتابعة بين العوائل والحكومة لايصال صوتهم.
_تسقيط كل الرايات والاسماء والزرع في نفوس الاطفال فرحة الانتصار.
_احترام الجيش العراقي وقواته الخاصة ورجال الحشد تقديرا لجهودهم.
_تكريم عوائل الشهداء وصرف الرواتب لهم في هذه المناسبة ليشعرون بفرحة النصر.
_ارجاع الاراضي المغصوبة واعادة تأهليها من الزراعة والحصاد.
_عدم السماح بالحديث عن ماجرى ونشر كل ما يضر .
_متابعة الاعلام وبث الروح الايجابية في نقل الوقائع والاحداث لتحسن الصورة عند المشاهد .
_اغلاق القنوات التي كانت تبث اخبار داعش ومحاسبتهم حتى يأخذ كل ذي حق حقه.
_تكريم الاعلامين والصحفيين الذين ساهموا في التغطية الحربية من داخل هذه المناطق .
_جعل هذا اليوم من الايام الوطنية فقد كان يوما عظيما جدا، (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) (آل عمران: 160).
اضافةتعليق
التعليقات