حياة ُالإنسان تتشابه مع الثمار المتنوعة لها طعوم ونكهات متنوعة والناس في اختيار نوع الحياة التي يستسيغونها أذواقٌ متباينة 'كلٌ يختار نكهتهِ المتميزة '، ومن بين تلك النكهات هناك نكهةٌ تجمع كل الطعوم والأذواق ألا وهي (عين الحياة).
تلك حياة تجمع نكهة حياة آدم وحياة ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد (عليهم السلام)، والحياة عندما تحمل نكهة مهدوية ستنبض بالعطاء والبركة والسعادة الحقيقية وستكون لذيذة بلذة معنوية متنوعة.
وقد دعا الامام الصادق (عليه السلام) لعباد الله أن يحظون بنكهة الحياة المهدوية في دعاءه (واحيي به عبادك) دعاء العهد، هي نكهة تجمع في طعمها كل الطيبات التي تسعد الانسان في الدارين، وسوف يفصح المنقذ الموعود عن شمولية هذه النكهة الجامعة في مذاقها المتفرد مذاقاً يمزج بين نكهة تلك الحياة التي يهبها الأنبياء والأوصياء لمن يتبعهم وبين الحياة التي يهبها الامام المهدي لأولياءه.
حيث يصفها الامام المهدي (عليه السلام) حين يستند إلى جدار الكعبة ويقول: (يا أيها الناس، من يحاجني في الله فأنا أولى الناس بالله. أيها الناس، من يحاجني في آدم فأنا أولى الناس بآدم. أيها الناس، من يحاجني في نوح فأنا أولى الناس بنوح. أيها الناس، من يحاجني في إبراهيم فأنا أولى الناس بإبراهيم. أيها الناس، من يحاجني في موسى فأنا أولى الناس بموسى. أيها الناس، من يحاجني في عيسى فأنا أولى الناس بعيسى. أيها الناس، من يحاجني في محمد فأنا أولى الناس بمحمد (صلى الله عليه وآله). أيها الناس، من يحاجني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ثم ينتهي إلى المقام فيصلي عنده ركعتين وينشد الله حقه) (٢) المصدر كتاب الغيبة للنعماني الجزء ١ ص ١٨٦.
بعد التأمل ملياً بالنص المتقدم يخطر على بال القارئ كيف نميز بين الحياة المهدوية التي يهبها الله للمنتظرين المخلصين في نصرة الإمام المهدي؟.
والجواب هو: إن الحياة التي يهبها عين الحياة تتسم بسمات ثلاثة:
أولها حياة عملية تغير الانسان تغييراً واضحاً كما لو أنه مشى مع آدم وتكلم مع نوح واستمع إلى خطاب ابراهيم.... الخ، لأن المهدي اكسير الحياة وكيمياء الروح بحب الامام يكون الإنسان متوازنا في عواطفه وأفعاله.
وثاني علامة من علامات هذه الحياة، التغيير الذي يحدث للإنسان فيكون شاملاً يشمل الظاهر والباطن.
وثالثاً أنها لا تسلب من الإنسان فهي خالدة وباقية مع بقاء وجه الله لأنها لا تأتي إلا إذا طلبها الانسان ولا يطلبها إلا إذا كان عارفا بحقها مما تجعل الإنسان يعرف قدر هذه العطية الإلهية والهبة الربانية ويشكر الله عليها ولا يختار عليها شيئاً.
فمن يتذوق حلاوة هذه الحياة سوف لا يستطيع أن يفارقها، حيث قال الإمام السجاد (عليه السلام) : (الهي من الذي ذاق حلاوة محبتك فرام عنك بدلاً ومن الذي انس بقربك ابتغي عنك حولاً).
الحياة المهدوية تجمع في طياتها العدالة الشاملة والهداية للبشرية كافة، تشمل الهدف الريادي الذي جمع كلمة الأنبياء والأوصياء في محورٍ واحد، وهي جوهر المحبة الإلهية للعباد.
ومن يحيى بهذه الحياة ويطلبها يفهم أبعادها ويحمل صبراً بلا حدود، ذلك من أجل البقاء في ظلها والتمتع بفيض ألطافها، بغض النظر عن الزمان والمكان، حيث إنه يتبع امام تخطى الحاجز الزماني والمكاني، المؤمن المنتظر يؤمن بإمام حاضر وناظر في كل مكان وزمان.
الثمرة المرجوة من هذه الفكرة هي إن بلاد الله عامرة بأعمال المؤمن الواحد ولو كان بين مئات من الفاسقين، أرضه بمعنى أعماله ووظيفته، وعلاقاته والمكان الذي تطأه أقدامه وكلماته التي ينطق بها، وأفكاره التي تتمركز في ذهنه كلها عامرة وتنبض بالحياة المهدوية ، حتى لو ملأت الدنيا ظلماً وفساداً فأرض الله عامرة بأنفاس المؤمنين المهدويين تلك أنفاس تزرع الخير رغم انتشار الفساد ولا تيأس من قلة العدد وشدة الفتن وتظاهر العدو وطول الغيبة لأن لطف الإمام يخيم عليها كظلٍ لا يفارقها، اللهم أحينا بتلك الحياة المحمدية وأمتنا بها وتوفنا على ملتها.
اضافةتعليق
التعليقات