اسيتقظت ذات صباح على صوت والدي الحنون ونبرات صوته المفعمة بالفرح والبهجة والنشاط، واذا به يوقظني ويقطع عليَّ نومي العميق ويناديني: خديجة استيقظي يا دميتي فاليوم عيد... وبنصف عين مفتوحة أجبته: عيد! أبي انت تمازحني بالأمس القريب انقضى عيد الأضحى فأيّ عيد هذا؟..
فتبسم بوجهي وأمسك بيدي وقادني الى حيث يريد، انظري ماذا جلبتُ، ففتحتُ عينيَّ على أكياس الحلوى والفواكة والشموع والبالونات الملونة وأمي واخوتي يحملون الاغراض وكانت فرحة كبيرة قد ملأت أركان بيتنا.. فسألته هل هو عيد ميلاد أحد إخوتي؟ فقال: لا... اذاً أبي أجبني لقد بدأ صبري ينفذ...
فأجلسني بهدوء وقال سأقص عليكِ قصة هذا العيد... متحدِثا ليَّ فقال: لما خرج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم الى أداء فريضة الحج وبعد الإنتهاء من مناسك الحج نزل الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم الى مكان يدعى (بخم الغدير) فجمع المسلمين والمؤمنين في ذلك المكان وخطب فيهم قائلا:
"فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، والعن من خالفه، وأدرْ الحقّ معه حيثما دار، ألا فليبلّغ ذلك منكم الشاهد الغائب، والوالد الولد".
ثم أمر (صلى الله عليه وآله) المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فيهنّؤوه (عليه السلام) بالولاية، ويسلّموا عليه ويبايعوه على ذلك.
ففعل الناس ذلك كلّهم، ويقولون له: بخّ بخّ لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ سبحانه وتعالى برسالتي إليكم، والولاية لعليّ بن أبي طالب بعدي". فيا بنيتي هذا هو العيد الذي سنحتفل به اليوم وهو يوم عيد الغدير هو يوم إكمال الدين وإتمام النعمة على المسلمين والمؤمنين، وهو يوم عظيم يحتفل فيه المؤمنون، ويفرحون فيه، وفيه تجديد للبيعة والولاية لأمير المؤمنين، وواجبي يا أولادي ان اغرس فيكم حب علي (عليه السلام) وأن اجدد البيعة والولاية لأمير المؤمنين في هذا اليوم المبارك والبقاء على العهد والولاية لأمير المؤمنين ويعسوب الدين ما دمنا ودام الليل والنهار..
وعملت أمي في مساء ذلك اليوم المبارك أصناف الحلوى واجتمعنا انا واخوتي واصدقاؤنا وجيراننا واقاربنا ووالدي يهتف بأهازيج بمدح صاحب البيعة وطلب منا تجديد العهد والولاية حتى انصرف الجميع، وفي تمام الساعة الثانية عشر وبعدما أوى كل منا الى فراشه مسرورا، سمعت صرخات أمي تعلو في المنزل ففزعنا اليها واذا بأبي يتلفظ أنفاسه الأخيرة ويشير بأصبعه بإتجاه ضريح امير المؤمنين (عليه السلام) ويقول بأنفاسٍ متقطعة:
انا على عهد الولاية يا أمير المؤمنين وفاضت روحه الى باريها..
لم يكن والدي كبيرا في السن ولم تكُن فيه علة او مرض.... لم استطع البكاء لفقد والدي تلك الليلة، أحسستُ ان الله سبحانه وتعالى قد أطلع على ما كان في قلب أبي من الحب الصادق واليقين في ولاية امير المؤمنين علي (عليه السلام) ولفضل هذه الليلة العظيمة من كرامات لمن يتعبد ويصوم ويصلي ويحييها بالتهليل والتسبيح وتجديد البيعة، ان هناك كرامة لوالدي بأن ينتقل الى جوار ربه وهو يتلفظ البيعة والولاية بأنفاسه الاخيرة في هذه الليلة المباركة، ودعائي أن يدخله الجنة بولايته ليعسوب الدين..
هذه الذكرى الخامسة عشر على رحيل والدي ومنذ تلك الليلة ونحن نُحييها كما شاء ولا نقيم مأتما بل ندعو الأهل والأصحاب للاحتفال بالبيعة وبعيدنا الاكبر كما علمنا أبي، فهنئيا لكل شيعة ومحبي أمير المؤمنين هذا العيد وهذا الحب الصادق الذي سيكون ذخرنا يوم القيامة فنفوز بشفاعة نبينا الكريم عليه افضل الصلوات وعلى آله الاطهار وبولاية علي ابن ابي طالب (عليه السلام).
اعزائي القراء... هذة قصة حقيقية بكل حرف نبض بحب علي لعبد صالح جدد بيعته لأمير المؤمنين وكانت اخر أنفاسه هي حب علي ابن ابي طالب، يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين.... جعلنا وإياكم على العهد والولاية الى اخر العهد..
اضافةتعليق
التعليقات