إن ما يجعل الحياة الزوجية تنجح شيء بسيط لدرجة مذهلة فالأزواج السعداء ليسوا أكثر ذكاء، أو ثراء، أو نضجاً نفسياً من غيرهم، بــل هـم أنـاس يستخدمون في حياتهم اليومية آلية تطرد أفكار كل منهم السلبية تجاه أزواجهم وهي أفكار لدى كل الأزواج، ويمنعونها من السيطرة على أفكارهم الإيجابية تجاههم، إن حياتهم الزوجية ذكية انفعاليا.
ببساطة أن الزيجات السعيدة تقوم على صداقة قوية، أي احترام متبادل من كلا الزوجين للآخر، واستمتاع بصحبته.
عندما بدأ دكتور جون جوتمان دراسة موضوع العلاقة الزوجية في بدايات السبعينات من القرن الماضي لم يكن هناك إلا القليل من المادة العلمية الموثوقة عن الزواج وما يجعله ينجح ، وكان مستشار و العلاقات الزوجية يعتمدون على المحكمة التقليدية، والرأي الشخصي، والحدس، والمعتقدات الدينية، وأفكار المعالجين النفسيين لتقديم النصيحة للأزواج مما نتج أن مساعداتهم للأزواج عنه لم تكن ذات كفاءة عالية.
يرتاح الكثيرون ممن يحضرون ورش العمل التعليمية التي يعقدها "جوتمان" عن الحياة الزوجية عندما يسمعون فيها أن كل الازواج يتشاحنون بمن فيهم الأزواج الأكثر سعادة واستقراراً وان ما يعمل على إنجاح الزواج ليس"توافقا" بل كيفية حل الأزواج لمشاحناتهم.
و يعلن"جوتمان" تحت عنوان(لماذا يفشل معظم أساليب علاج العلاقة الزوجية)
وهي أن التواصل بين الزوجين هي أساس الزيجات السعيدة الطويلة، حيث يقول هؤلاء المستشارون إن المشاكل الزوجية نتيجة لضعف التواصل، وإن الاستماع الهادئ المحب لوجهة نظر الزوج سوف ينجح الزواج. وبدلا من الصراخ، فإن تكرار ما يقوله الزوج، ثم تقييم دقته، ثم التعبير بهدوء عما تريد سوف يخلق زيادة هائلة في التفاهم.
الخلافات الكبرى في الآراء تدمر الحياة الزوجية.
يعلن"جوتمان" حقيقة بشعة عن الصراع الزوجي عندما يقول:"معظم المجادلات الزوجية لا يمكن حلها".
فقد اكتشف من خلال بحوثة أن نسبة ٦٩ % من الصراعات الزوجية تتضمن مشاكل دائمة ولا يمكن حلها، كأن يريد أحد الزوجين إنجاب أطفال بينما لا يريد الآخر هذا، أو أن يريد أحد الزوجين ممارسة العلاقة الزوجية الحميمة بصورة أكبر، أو أن يكون احد الزوجين يحب الحفلات ويكره الآخر أو كأن تختلف نظرة الزوجين بشأن كيفية تربية الأبناء.
يقضي الزوجان سنوات طويلة ويبذل كل منهما جهداً هائلاً لمحاولة تغيير الزوج الآخر رغم أن خلافاتهما الكبرى بشأن القيم وكيفية رؤية العالم هي أشياء لا تتغير أما الأزواج السعداء ، فإنهم يعرفون هذا ويقبل كل منهما زوجه كما هو .
الزيجات السعيدة يتحلى الزوجان فيها بالانفتاح والصراحة الحقيقة أن الكثير من الزيجات الناجحة تتضمن الكثير من المشاكل المخفية، في الكثير من الزيجات، يهرب الزوج لمشاهدة التليفزيون إذا حدثت مشادة مع زوجته، وتهرع الزوجة إلى التسوق كنوع من العلاج، وبعد ساعتين تكون المشادة قد انتهت ويسعد الزوجان برؤية كل منهما الآخر من جديد، يظل الكثير من العلاقات الزوجية ثابتا قويًا دون التنفيس عن المشاعر العميقة.
إن اختلاف الجنسين مشكلة كبيرة في الحياة الزوجية يقول"جوتمان" إن حقيقة أن الرجال من المريخ والنساء من الزهرة قد تؤثر على المشاكل الزوجية، ولكنها لا توجد هذه المشاكل، حيث قال ٧٠٪ من الأزواج إن صداقتهم القوية مع أزواجهم كانت العامل الحاسم في سعادتهم دون الالتفات إلى اختلاف الجنسين أو أي شيء آخر.
بعد سنوات كثيرة من البحوث، يزعم "جوتمان" زعما مذهلا بقدرته على توقع وقوع الطلاق بين الزوجين أو استمرارهما معًا بنسبة دقة ٩١٪ بعد أن يلاحظهما لمدة خمس دقائق فقط. لا يقع الطلاق بين الزوجين نتيجة للمشادات، بل نتيجة للطريقة التي يتجادل كل منهما معا الآخر خلال مشاهدته كما يقول"جوتمان" الذي استطاع من أن يحدد عدة ساعات لانهائية من الأفلام المصورة لأزواج يتعاملون مع بعضهم دلائل على وقوع الطلاق إن آجلا أوعاجلا.
ومن تلك الدلائل:
البدايات القاسية
تتسم المناقشات الزوجية التي تبدأ بالسخرية، أو التهكم، أو الازدراء بما يطلق عليه جوتمان اسم البدايات القاسية ما يبدأ بداية سيئة ينتهي نهاية سيئة.
الاحتقار
وهو يضمن أية صورة من صور السخرية، أو النظر بجانب العين، أو الاستهزاء، أو إطلاق الأسماء القبيحة على الزوج لإشعاره بالضيق. ومن أسوأ صور الاحتقار، والتي غالبا ما تتمثل في السؤال: "وماذا يمكنك أن تفعل؟".
الدفاعية
وهي محاولة إشعار أحد الزوجين لزوجه بأنه هو المشكلة، وكما لو لم يكن من يستخدم أسلوب الدفاعية قد أسهم في المشكلة بأية صورة.
التبلد
التبلد هو "تجاهل" أحد الزوجين ما يحدث لعدم قدرته على قبول الانتقاد، أو الازدراء، أو الدفاعية لأن هذا التبلد يقلل شعوره بالألم.
يقول"جوتمان" إن الرجال هم من يتبلدون في %٨٥ من الزيجات، نظراً لأن الرجل أقل تعافياً من الضغوط من المرأة، فإن الاحتمال أن يتمثل رد فعله على الصراع في صورة نقمة أكبر مصحوبة بمحاولة الانتقام، أو أن يتبنى توجه (لا يهمني هذا).
أما النساء، فإنهن يجدن تهدئة أنفسهن بعد المواقف الضاغطة، وهو ما يفسر أيضا المحاولة شبه الدائمة من النساء لإثارة المشاكل في العلاقة الزوجية ومحاولة الرجال تجنبها.
الغمر
الصورة المعتادة للـ "غمر" هي تعرض أحد الزوجين لهجمات لفظية مكثفة من زوجه. إننا نحن البشر عندما نتعرض لهجوم يزيد نبض القلب، وضغط الدم، وإفراز الهرمونات لدينا بما في ذلك هرمون الأدرينالين ومما يجعل أجسامنا تستشعر الهجوم اللفظي كما لو كان هجومًا على الجسم بشكل مسألة حياة أو موت.
عندما تعرف ما يجعل الزواج ناجحاً بصورة علمية، فإنك تصبح في وضع أفضل لتحسين علاقتك الزوجية وحمايتها من الفشل ومن المحتمل أن نظل لمدة خمسين عاماً قادمة نعاود النظر في دهشة لنتساءل عن مدى ضعف معرفة الشخص العادي بردود أفعاله البدنية والنفسية للصراع، علاقاته بوجه عام. ومن العجيب أن لدى العلم الكثير مما يعلمه وكيفية تعامله مع لنا عن هذه الأشياء الحب والرومانسية والصداقة بما يجعل حياتنا تستحق أن نحياها.
اضافةتعليق
التعليقات