2تمر فئة الشباب اليوم بمرحلة صعبة وخطيرة جدا مختلفة عن كل المراحل التاريخية التي عاشها الانسان طيلة حياته، إذ تتكاتف عليه الجهود ويتناحر عليه العدوان لتسقيط معتقداته وتوجيه أفكاره إلى حيث الضلال والانحراف.
لأن العدو يعرف جيدا بأن الشباب هم لبنة المجتمع الأساسية وهم الفئة الذهبية الذين بإمكانهم إقامة مجتمع متكامل أو تهديمه.
وذلك لما يتمتع به الشاب من القوة الجسدية والذهنية التي وهبها الله تعالى للإنسان في هذه المرحلة العمرية إضافة إلى الهمة والروح الحالمة، فتجد بأن أقوى خطوات الاعتراض والردع على الظالمين وأصحاب السلطة نبعت من حركات شبابية حملوا في داخلهم روح الثورية والايمان وعدم الخضوع للسلطات الظالمة.
ولأننا نعيش اليوم في دائرة الخطر يجب أن نحذر جدا من المخططات الهالكة التي يرسمها العدو لنا ونتعرف على أساليبه الخبيثة في قيادة العقل الشبابي المسلم والهاءه عن دوره الرسالي الذي كلفه الله تعالى به.
ولعل من أبرز الشخصيات الشبابية التي يجب الاقتداء والحذو بها في هذا المجال هي شخصية علي الأكبر ابن الامام الحسين (عليهما أفضل الصلاة والسلام)، فقد قام بدور رسالي عظيم من خلال عملية التشخيص التي بلورها في أربعة أركان أساسية:
-تشخيص التكليف الإلهي بحسب المكان والزمان: لقد شخص عليه السلام تكليفه الشرعي من خلال الدفاع عن دين الله بالسيف وقت الواقعة، وبالرشد والنصح قبل الواقعة، فلكل مكان وزمان تكليف مختلف، وهذا ما يجب أن يدركه الشباب اليوم، فحين دخول داعش كان لابد للشباب أن يحملوا السلاح ويتوجهوا إلى ساحات القتال وأما في وقت السلم عليهم أن يلزموا المنابر والدور الأخلاقي والثقافي والديني للتوجيه والتبليغ والإرشاد وقيادة المجتمع نحو الهداية والصلاح.
-تشخيص جبهة الباطل: إن عملية تشخيص الباطل هي عملية مهمة جدا فمن خلالها يعرف العدو من الصديق، وإذا عرف الانسان عدوه سيأخذ حذره من الجهة التي يتبعها ولن يضل بعد ذلك على الرغم من كل المخططات والآلاعيب التي ستدبرها الجهة المعادية له إلا انه سيتمكن من التمييز بين الخير والشر.
-تشخيص جبهة الحق: حتى لا يضيع الإنسان في دائرة الحيرة من المهم أن يعرف أين الحق، وإذا عرف الباطل سيعرف الحق، فمن الجهة التي سيعاديها الباطل غير أهل الحق؟، فمن عادى الإمام الحسين الذي مثل جبهة الحق سوى يزيد وأتباعه (جيوش الباطل).
-تشخيص امام الزمان واطاعته: إن اطاعة علي الأكبر (عليه السلام) للإمام الحسين لم تكن اطاعة أبوية بحته، إنما اطاعة لإمام زمانه، إذن إن الإمام الحسين على الرغم من كونه والد علي الأكبر (عليهما السلام) إلاّ أنه إمام زمانه أيضا، واطاعة امام الزمان أولى من اطاعة الأب لأن التسليم لإمام الزمان هو تسليم مطلق دون قيود وشروط.
ولأننا نعيش في مرحلة الغيبة الكبرى لإمام زماننا، فإن هنالك حجج يجب علينا اتباعهم في زمن غيبة الامام والعمل بإرشاداتهم وذلك بحسب وصية الامام لنا: "وأمّا الحوادثُ الواقعةُ فارجعُوا فيهَا إلى رُواةِ حديثِنَا، فإنّهُم حُجّتِي عليكُم وأنا حُجّةُ اللهِ".
ويتمثل الحجج اليوم بالمراجع الكرام وأصحاب الدين الذين يحاولون ارشاد المجتمع نحو الخير والصلاح، وتوجيه فئة الشباب إلى الدين الحقيقي وفضح هواجس العدو الضالة وتذكير الشاب المسلم بعقائده وأصول دينه.
وما يترتب اليوم على الشاب المسلم الرسالي الواعي الابتعاد عن المضللات الغربية والتمسك بالنهج السليم وإقامة الورش والمحاضرات الثقافية لأصحابه ودائرة معارفه بطريقة عصرية تحاكي الثغرات التي من الممكن أن يقعوا فيها الشباب في وقتنا الحالي.
والسعي الدائم لتخطي الحواجز بين فئة الشباب ورجال الدين والتواصل الدائم من أجل خلق بيئة حميمية بينهما لأن الدين للجميع ومناسب لكل زمان ومكان ولكل الفئات دون تمييز.
اضافةتعليق
التعليقات