تشير دراسة حديثة إلى أن احتمال إنجاب أطفال يعانون من مشكلات تتعلق بالنمو العقلي لا يزيد لدى النساء الحوامل اللائي يستخدمن الهواتف المحمولة بالمقارنة بالحوامل اللائي يتجنبن استخدامها. وقال يان ألكسندر كبير الباحثين المشاركين في الدراسة ونشرتها (روتيرز)، وهو من المعهد النرويجي للصحة العامة، ”لم نجد دليلا على أي تأثير ضار من المرأة، التي تستخدم هاتفها المحمول أثناء حملها، على النمو العصبي للأطفال عندما تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات“.
وأضاف ألكسندر عبر البريد الإلكتروني ”بالنسبة لنا كانت المفاجأة هي أنه كلما أكثرت المرأة الحامل من استخدام هاتفها المحمول كلما زادت قدرات طفلها على الحديث والحركة في عمر ثلاثة أعوام“.
وكانت بحوث سابق، وخصوصا في مجال الحيوان، أثارت مخاوف مما إذا كان التعرض لمجالات الترددات الكهرومغناطيسية اللاسلكية من شأنه التأثير على عقول الأطفال. لكن النتائج كانت دوما متناقضة كما لم تكن الدراسات بهذا الصدد مستفيضة بحسب ما ذكر الباحثون في دورية (بي.ام.سي بابليك هيلث).
وفيما يتعلق بالدراسة الحالية اختبر الباحثون بيانات 45389 أما مع ابنها إذ جرى سؤال الأم عن مدى استخدامها للهاتف المحمول أثناء فترة حملها ومدى قدرة ابنها على الحديث والحركة عندما تراوح عمره بين ثلاثة وخمسة أعوام.
وإجمالا قالت عشرة في المئة من النساء إنهن لم يستخدمن الهاتف أثناء حملهن أو استخدمنه نادرا فيما قالت 39 في المئة منهن إن استخدامهن له كان ”قليلا“ و47 في المئة ”متوسطا“ وأربعة في المئة قلن إن استخدامهن له كان ”مفرطا“.
ومقارنة بالأطفال الذين لم تستخدم أمهاتهن الهاتف المحمول أثناء حملهن، أو كان استخدامهن له نادرا، امتاز أقرانهم ممن استخدمت أمهاتهن الهاتف بانخفاض خطر تدهور تراكيب الجمل لديهم بمعدل 27 في المئة وخطر عدم اكتمال القواعد النحوية بمعدل 14 في المئة والتأخر الطبيعي في اللغة 31 في المئة عند عمر ثلاث سنوات.
كما انخفض خطر تدهور مهارات الحركة لدى هؤلاء الأطفال عند عمر ثلاث سنوات بمعدل 18 في المئة مقارنة بأقرانهم ممن تجنبت أمهاتهم استخدام الهاتف المحمول أثناء حملهن.
لكن لورا بريكس، وهي باحثة في معهد برشلونة للصحة العالمية لم تشارك في هذه الدراسة، قالت إن بحثا آخر ربط بين التعرض للهاتف المحمول ومشكلات نمو مثل الإفراط في الحركة. وأضافت أن دراسة واحدة ليست كافية لإيجاد ردود على أسئلة ما إذا كان تعرض الأجنة للهواتف المحمولة آمنا.
وقالت ”رغم أن هذه الدراسة تظهر علاقة مترابطة بين الاستخدام المفرط للهاتف وتحسن اللغة ومهارات الحركة لدى الطفل إلا أننا ليس بوسعنا استنتاج أن هذه العلاقة سببية أو أن هذا الطفل لا يصاب بغيرها من آثار التعرض للترددات اللاسلكية“.
وفي سياق متصل، توصلت دراسة حديثة إلى أن الأطفال الذين كانت أمهاتهم يستخدمن الهاتف المحمول كثيراً والدخول على حسابهن بصفحات التواصل الاجتماعي ”الفيس بوك” يؤثر أثناء حملهن على أطفالهن ويعانون على الأرجح من فرط الحركة بشكل أكبر من أقرانهم الذين كانت أمهاتهم يستخدمن الهاتف قليلاً، نشرها موقع (الاولى).
لكن لورا بيركس رئيسة الفريق الذي أجرى الدراسة لا تنصح الأمهات بالتخلص من هواتفهن. وأوضحت أنه ليس بوسعها قول ما إذا كان الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر عن الهواتف المحمولة، أو أي عدد من العناصر الأخرى مثل أنماط تربية الأبناء، بوسعه تفسير الارتباط بين استخدام الأمهات للهاتف المحمول خلال حملهن والمشكلات السلوكية للأطفال. وقالت في مقابلة لرويترز هيلث عبر سكايب “أريد أن أقول فسروا هذه النتائج بحذر، وكل أمر يؤخذ باعتدال”.
وحللت بيركس وزملاؤها بيانات عن أكثر من 80 ألف حالة لأم وطفلها في الدنمارك وإسبانيا والنرويج وهولندا وكوريا. وتوصلوا إلى أدلة ثابتة على زيادة خطر المشكلات السلوكية، خصوصاً فرط_الحركة عند الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة وسبعة أعوام، كلما كان استخدام أمهاتهم للهاتف المحمول زائداً خلال حملهن.
وقالت بيركس، التي تدرس للحصول على درجة الدكتوراه في الطب الحيوي في معهد برشلونة للصحة العالمية في إسبانيا، إن النتائج كانت مفاجئة مع الوضع في الاعتبار عدم وجود آلية بيولوجية معروفة تدعم فكرة أن الإشعاع المنبعث من الهاتف المحمول قبل الولادة يؤدي إلى زيادة حركة المواليد.
وبعد دراستهم لخليط من المتغيرات، من بينها عمر الأم والحالة الاجتماعية والتعليم، توصل الباحثون إلى أن أطفال الأمهات اللواتي كن يستخدمن الهاتف المحمول أربع مرات على الأقل يومياً، أو من استخدمنه لما لا يقل عن ساعة يومياً تزيد احتمالات إصابتهم بفرط الحركة على الأرجح بمعدل 28 في المئة مقارنة بأقرانهم الذين كانت أمهاتهن يستخدمن الهواتف لعدد أقل من المرات أو لفترات أقل. وأخذت البيانات على فترات زمنية بين عامي 1996 و2011. وكان ضمن فريق واحد من النساء، اللواتي شملتهن دراسة بدأت في الدنمارك عام 1996عدد كاف من النساء اللواتي لم يستخدمن الهاتف المحمول مطلقا أثناء حملهن. وأفادت الدراسة المنشورة في دورية “إنفيرومنت إنترناشيونال” أن أطفال الأمهات اللواتي لم يستخدمن الهاتف المحمول أثناء حملهن تراجعت لديهم مخاطر التعرض لمشكلات سلوكية وعاطفية. غير أن روبين هانسن طبيبة الأطفال والأستاذة في جامعة كاليفورنيا رأت أن هذه الدراسة أثارت أسئلة أكثر من الإجابات. وتساءلت عن الدراسة في مقابلة عبر الهاتف قائلة “هل هذا شيء عن الهاتف المحمول ذاته؟ هل يؤثر هذا على سلوك الأبوة والأمومة؟ هذه أمور لا تجيب عنها هذه الدراسة”.
ولم تشارك هانسن في الدراسة. وينصح أطباء الأطفال في الولايات المتحدة الآباء بالحد من تعرض أطفالهم للهاتف المحمول. لكن هانسن قالت إن الآباء أيضاً عليهم التفكير في تأثير استخدامهم الزائد للهاتف المحمول على أطفالهم. وأوضحت أن الآباء لا يحولون انتباههم عن شاشات هواتفهم المحمولة إلا إذا صرخ الطفل أو ألقى بشيء أو أحدث صخبا. وأضافت أن الأطفال يتعلمون من ذلك أن يحدثوا جلبة من أجل جذب انتباه آبائهم بعيداً عن الأجهزة التي يحدقون فيها. وقالت “هذا يعزز فرط الحركة وسلوك جذب الانتباه”.
اضافةتعليق
التعليقات