يعتبر الاحترام بين الزوجين من الأمور المهمة في نجاح العلاقة الزوجية حيث يتيح لهم تقبل السلبيات الموجودة في شخصية كل طرف وبالتالي يؤدي إلى تكوين علاقة متماسكة وبالتالي تكوين أسرة صالحه وقوية، وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع.
لكن تواجه العديد من العائلات بعض المشاكل الزوجية التي لا تضر الزوجين وحدهما فقط، بل تؤثر سلبًا على الأبناء أيضًا، ومن أشهر المشاكل بين الزوجين هي الظنّ بكمال الطرف الآخر وتقبله الدائم لجميع الآراء، وعدم إعطاء فرصة للطرف الثاني وغالبًا ما تكون الزوجة هي التي تمنع عن التعبير عن رأيها بتصرفٍ ما أو حدثٍ معين، مما يؤدي لسوء فهم بين الزوجين، ويطلق على الزوج في هذه الحالة بالزوج المتسلط، حيث كثيراً ما نصادف ذكوراً يفهمون الرّجولة بأسلوبٍ خاطئٍ، فيُمطرِون زوجاتهم بوابلٍ من الأوامر والتهديدات، ويتحكّمون بعلاقاتهن مع الآخرين، وبأسلوب حياتهن، وذلك دون أدنى مراعاة لشخصياتهن وقيمتهن واستقلاليتهن. وبحسب الدكتورة أميرة حبارير الخبيرة النفسية أن الرجل المتسلط هو الرجل الذي يعطي نفسه الحق في اتخاذ القرارات عن زوجته، واختيار تصرفاتها، ويقلل من آرائها وإنجازاتها. هو هذا الرجل الذي يتحول من اللين إلى الشدة، ولا يشعر بالذنب إزاء ما يسببه من ألم معنوي لزوجته. والرجل المتسلط باختصار هو الرجل المحب للسيطرة والتحكم بكل الأمور المتعلقة بمنزله وزوجته وأولاده.
كيف تبدو الحياة مع شريك متسلّط؟
العلاقة مع شريك الحياة المتسلط ودائم الاعتراض والتحكم بكافة تفاصيل حياة الطرف الآخر، يؤدي إلى شعور الأخير بعدم الراحة، خصوصًا مع الاستمرار والغوص أكثر في تفاصيل الحياة ومع بداية نمو الأطفال وحاجتهم للتربية الصحيحة والتوجيهات السديدة، يبدأ حينها الزوج بالتدخل في كل صغيرة وكبيرة وفرض رأيه دون محاورة شريكته ومعرفة رأيها والاتفاق معها بهدف الوصول لقرار مشترك يرضي الطرفين، صحيح أن هذا لا يعد من المشاكل الزوجية التي يصعب حلها.
ولكن قد تصل هذه المشكلة إلى العنف الجسدي، كما أن السلوك المتسلط يزعزع الثقة بالنفس لدى الشريك الآخر ويؤثر على حياته الاجتماعية بشكلٍ كبير، فبعض الحالات يمكن علاجها بالحوار وتنبيه الزوج حول سيطرته المتزايدة، ولكن في بعض الحالات قد تصل درجة التسلّط والتحكم إلى درجة كبيرة وتبدأ الزوجة بالتفكير في إنهاء العلاقة لهذا السبب، لذا من الضروري التعرف على فن التعامل مع الزوج المتسلط.
ما هي أسباب تسلط الزوج على زوجته؟
من هذه الأسباب التي تدل على تسلط الزوج:
هو المعيل الأساسي المادي لأسرته:
إن المال يعطي للرجل قوة؛ ويعطي له الأحقية في التحكم بزوجته وأولاده كونه هو من يجلب المال بشكل رئيسي.
تعرض الرجل للسيطرة: من الممكن أن يتعرض الرجل لسيطرة مديره او رئيسه في العمل، أو إساءة وإيذاء من زملائه في العمل كونهم بمرتبة أعلى منه، مما يجعل الرجل تحت تأثير السيطرة وضغوطاتها على زوجته وأولاده، وخاصةً إذا كانت الزوجة من النوع المتقبّل لكل شيء أي لا يوجد لها شخصية، ولا يوجد لديها الوعي الكافي لتغيير طباع زوجها المسيطر
قيم العِرض والشرف: هو شيء مرتبط بالمرأة يجب أن تحافظ عليه، وتحت هذا الشعار يتحكم الزوج بزوجته والأب بابنته والأخ بأخته وهكذا.
كيف تعرفين إذا كان زوجك يتصف بالتسلط؟
1_ شعوركِ بعدم القيمة، وضعف الشخصية أمامه.
2_ عدم الثقة بالنفس وبالزوج.
3_ عدم شعور الزوجة بالأمان والاستقرار العاطفي.
4_ الإحساس الدائم بالقلق والحزن والاكتئاب والإرهاق النفسي المزمن.
5_ عدم وجود الوقت لنفسك وللأهل والأصدقاء بسبب انشغالك بمسؤليات عائلتك.
6 _ الشعور بالخوف وعدم الارتياح والانطوائية التي تزداد في حياتك أكثر وأكثر، وهي من أبرز الدلالات التي ترمز على تعايشك مع زوج متسلط.
7 _ زوجكِ لديه القدرة على التلاعب بك، فقد يعتذر عن سلوكه المتسلط، ويمكن أن يقول بعض الكلمات العاطفية المصطنعة، لكنه لن يتغير في الداخل.
8 _ تقبل الزوجة للتمرد؛ فأنتِ على قناعة تامة بأنك تستحقين التصرفات الناتجة عن التسلط السيء وأنت لا تبادرين بأي خطوه نافعة لتخلصين زوجك من هذه الصفة السيئة.
طرق التعامل مع الزوج المتسلط:
استشاري الأسرة الدكتور ماجد عبد المحسن الغامدي؛ ليخبرنا عن طرق التعامل مع الزوج المتسلط.
1 _ الاستبصار بالذات
وهي معرفة سمات الشخصية ومشاعرها وسلوكياتها، أسبابها وآثارها وتقييم الذات، وفهم القدرات الشخصية والرغبات، ومعرفة نقاط القوة والضعف؛ لأن الاستبصار بالذات يحقق المرونة النفسية والتوظيف الإيجابي للشخصية ويقوي المناعة النفسية عند الفرد فالإنسان الذي لا يعرف نفسه وكيفية التعامل مع مشاعره وسلوكياته وأفكاره، يكون عرضة للإصابة باضطراب
التكيف، وهذا ما يعانيه كثير من زوجات الأزواج المتسلطين.
2- التقبل
والتقبل لا يعني الرضا كما يفهمه البعض، والمقصود التقبل الذي يجعلك تتوقع العاصفة قبل وقوعها وتحسن التصّرف حينها، والتي تجعلك تجاريه ثم تقوده. كذلك التقبل يخفف من الصدمة أو ألم الواقع نتيجة التسلط.
3- قاعدة "الشيء الذي تركز عليه يزداد، والشيء الذي تقاومه يزداد أكثر".
جميل لو كانت هذه القاعدة منهجاً للشخص والمرأة التي تتعامل مع المتسلط. لا تركز على تسلطه، ولا تحاول أن تقاومه.
4- تفهم ما الذي يدفعه للتسلط والرغبة في التحكم بالآخرين.
في الغالب الشخص المتسلط هو شخص ضعيف، يحاول دائماً أن يخفي ضعفه وراء قناع التحكم؛ لذا ففي مرحلة التعامل معه لابد أن تدركي سبب خوفه المباشر والذي يدفعه للقلق، فهو يشعر بأن حياته خارج السيطرة وأنه عاجز عن تحريكها في الاتجاه الصحيح، ولذا يكون الخوف من الفشل هو دافعه الأساسي لإبراز السيطرة والقوة للآخرين.
5- تعاملي مع تصرفاته بطريقة إيجابية ولا تكوني سلبية أمامه
إن تفهمك لدوافع الشخص يجعلك تتفهمين أنه يحاول دائماً تقليل ثقتك بنفسك والتقليل من شأن إنجازاتك، لذلك يجب ألا تستسلمي، وأن تثقي بنفسك وبقراراتك أمامه، ولا تمنحيه الفرصة لأن يشعر بأنه سيطر عليك؛ لأنه وقتها سيتمادى أكثر.
حاولي التواصل معه بشكل شخصي، اشرحي له الأشياء التي يفعلها وتثير غضبك، لا تحاولي أن تقولي له إنه شخصية مهووسة بالسيطرة، ولكن أوضحي له أن لك شخصية لا تقبل أن تنصاع لأي أحد ولا تقبل التسلط من أحد.
6- كوني هادئة جداً
بمجرد شعور الشخص المتحكم بأنه استطاع التأثير عليك وإشعال غضبك، فإن ذلك يشجعه أكثر على محاولة التحكم بك؛ لأنه بذلك يشعر بأن له أثراً ما حتى ولو كان سلبياً. لذا احتفظي بهدوئك أثناء التعامل معه ولا تظهري غضبك.
كما أن إظهار الغضب سيجعل منه شخصاً أكثر حدة ولن يتوانى هو أيضاً عن الصراخ والعصبية.
7- محاولة طلب المساعدة من متخصص أو طبيب معالج
قد لا يكون التسلط مجرد سلوك شخصي يسهل التعامل معه؛ لكنه قد يكون مؤشراً على إصابة الشخص بأمراض نفسية مثل (اضطراب الشخصية النرجسية، أو اضطراب الشخصية غير الاجتماعية)؛ لذا من المهم إدراك أن الشخص في حاجة إلى مساعدة نفسية، وهنا لابد من أن يتعامل مع أحد المتخصصين؛ حتى يحددوا ذلك من عدمه، وإن ثبت أن الشخص في حاجة إلى هذا النوع من العلاج فلابد أن يقتنع هو بنفسه بأنه يعاني من التسلط وأن عليه مساعدة نفسه أولاً.
8- التجاهل
أحياناً يكون تجنب التعامل مع الشخص المتحكم هو أفضل وسيلة للتوضيح له بأنه أصبح شخصاً لا يطاق. وإن عليه إما التغيير من سلوكه تجاه الآخرين أو إكمال حياته وحيداً؛ لأن الباقين لا يحبون أن يسيطر أي أحد عليهم.
اضافةتعليق
التعليقات