هل أنت ممتنٌّ حقًّا لأنك وجدت شريك حياتك؟ هل ترغب في إظهار هذا الامتنان بطرائق أفضل وأكثر فاعلية؟ هل سبق أن أحجمتَ أنت أو شريكك عن التعبير عن مشاعر الامتنان؟
أنا شخصيًّا أحب الأعياد؛ لأنها تذكرني بالحاجة إلى الشعور بالامتنان لما نملك، ولا سيّما أن كثيرًا من الناس يعانون مشكلاتٍ عدة، لكنهم يؤمنون بوجوب التعبير عن الامتنان للأشياء الجيدة التي وهبنا الله إياها.
قد لا يعلم كثيرٌ منا كيف يُعبّر عن هذا الشعور في الحياة اليومية بصورة تنعكس على تصرفاتنا عامة، وعلى من نحب بوجه خاص. صحيحٌ أن حياتنا لا تسير دائمًا مثلما نخطط لها، ولكننا - للأسف - ننسى بسهولة أننا بحاجة إلى شكر الله على ما وهبنا إياه.
وفي واقع الأمر، فإننا لا نستطيع أن نُساوِم على الامتنان؛ فمثلًا، لا يجدي نفعًا قولك لنفسك: "سأعبر عن شكري وامتناني إذا وقّعت العقد، أو إذا أخبرتني أنها تحبني"؛ فإذا لم يكن الامتنان ملازمًا لتفكيرك، فإنك تدفع الإنسان الذي تحب إلى الشعور بعدم التقدير، وتنقل هذا الشعور إلى شريك حياتك من دون أن تتفوّه بكلمة واحدة.
وفي حال كنت مرتبكًا بخصوص الامتنان، ففكر فيه بوصفه تقديرًا عظيمًا لشيء تملكه (سواء كسبته أو نلته هدية)، واضعًا نصب عينيك أن هذا الشيء قد يختفي في يومٍ من الأيام.
تمرين: كن شاكرًا كل يوم
حتى تتمكن من بناء عادة الامتنان؛ استيقظ كل يوم شاكرًا الله تعالى على الصحة والحياة التي منحك إياهما؛ تضرّع إليه بالشكر بصوت مرتفع أو منخفض، مكررًا ذلك في نفسك.
ردد هذا الامتنان يوميًّا بأن تقول مدة أسبوعٍ كامل:
«أشكرك يا رب على نعمة الصحة والحياة».
بعد ذلك يمكنك الامتنان لأمور أكثر تعقيدًا في حياتك، مثل: شكر الله على منحك علاقة جيدة، أو شريك متفهم، أو إحاطتك بالأشخاص الذين يساعدونك ويساندونك في مختلف مناحي الحياة.
احرص على أن يكون تقديم الشكر لله عادةً يومية؛ لأنها من النِّعَم التي تساعدك على التخلص من الأحاسيس السلبية. إن الالتزام بعادة الشكر والامتنان يؤثر إيجابًا في مختلف جوانب حياتنا. ولا شك أن الأشخاص الشاكرين يحملون في أنفسهم القليل من الضغائن، ويكونون أسعد من غيرهم، بحيث تمتد سعادتهم لتشمل صحتهم الجسدية.
تذكر أن لا شيء يجعل شريكك موقنًا بحبك إياه أكثر من شعورك بالامتنان تجاه وجوده في حياتك؛ فالشعور بالامتنان يوحي إلى حبيبتك بأنك تحبها وتحترمها، ويمتد هذا الإيحاء ليشمل كل ما تفعلانه معًا؛ إنه المفتاح السحري للسعادة التي يتمناها الزوجان أكثر من أي شيءٍ آخر.
أما إذا كنت غاضبًا أو متألمًا، فقد تفتقد الامتنان الداخلي؛ ما يَحتِّم عليك الوصول إلى ما يدور في خَلَدك لحظة الألم، محاولًا السعي وراء السلام بتذكُّر الأمور الجيدة في حياتك.
تمرين: الاحتفاظ بمذكرات للامتنان
لا شك أن إنشاء دفتر مذكرات خاص بالامتنان يُحارب الاكتئاب، ويزيد من وتيرة السعادة.
يساعد هذا التمرين الأزواج على تغيير الطريقة التي يشعرون بها حيال بعضهم؛ لأن الكتابة على الورق تعزز الشعور الإيجابي. وفي ما يأتي الخطوات اللازمة لذلك:
أحضري دفترين (واحدًا لكِ، وآخر لزوجك)، واحتفظي بهما على المنضدة التي بجانب السرير، واكتبي قبل الخلود إلى النوم، في بضع دقائق، الأشياء التي تُقدّرين وجودها في حياتك.
اكتبي أفكارًا جديدة كل مساء مدة أسبوعين على الأقل، وستلاحظين التغير في طريقة نظرتك إلى الحياة وعلاقتك بزوجك.
اختاري الوقت المناسب لإطلاع زوجك على كتاباتك؛ فهذا يساعد على مشاركته المشاعر العميقة في علاقتك.
وفي حال كنت ممتنة لوجود زوجك في حياتك، وممتنة أيضًا لصفاته وأفعاله، فعليك إخباره بذلك؛ لأن التواصل يجعل كلًّا منكما أقرب إلى الآخر.
اكتبي قائمة منفصلة تشمل كل ما يخص علاقتك، ويجعلك تشعرين بالامتنان؛ إذ يُذكّرك ذلك بكل ما هو مفيد لك.
لا شك أن أقوى لحظات الحياة تأثيرًا هي اللحظة التي تُخبرك فيها الحبيبة أنها ممتنة للطاقة التي تتمتع بها؛ حيث تتدفق العواطف الإيجابية خلالك، مثلما يتدفق كوب الشاي الدافئ في ثنايا جسدك، فيملأ قلبك.
إن ما تقدّمه للإنسانة التي تحبها - ولا سيما إذا غيّر هذا حياتها إلى الأفضل - يجعلها تشعر بالاطمئنان، وما إن تعترف زوجتك بأفعالك الإيجابية كلها حتى تشعر بمصداقية مدهشة، فتتحفّز إلى عمل المزيد؛ لأن حب زوجتك يمنحك دفعة قوية إلى الأمام.
يمكن تشبيه الامتنان باللاصق الذي يُثبّت الزوجين معًا عندما يمران بأوقات عصيبة، فيرفعهما إلى مستوياتٍ أعلى من الوعي، تمكّنهما من تَعرُّف المناحي المهمة في علاقتهما؛ لأن الامتنان للحياة التي يعيشانها معًا يجعلها أكثر حلاوة، عوضًا عن التذمر من كل شيء.
تتمثل أولى خطوات الامتنان في الاعتراف بأنك ممتن وفخور بعلاقتك، ولو كنت قادرًا على تخيل حياتك من دون المحبوبة، وعانيت الفراغ الذي يُخلّفه غيابها ولو للحظة واحدة، لعرفت ما أقصده هنا.
إن محبتك للزوجة، وإظهار هذا الحب لها بمسك يدها خلال مسيرة الحياة التي تمضيانها معًا، يُمثّل واحدة من أعظم الهدايا التي تقدمها لها.
إن الاحتفاظ بدفتر مذكرات يُسهم في تقوية أواصر الامتنان تجاه بعضكما بعضًا.
أما الطريقة الثانية لذلك، فهي الجلوس معًا، والتحدث عن امتنانكما لهذه العلاقة التي حظيتما بها، وكيف ترغبان في الاستمرار معًا بوصفكما فريقًا واحدًا.
صحيح أننا نادرًا ما نُخصّص وقتًا لفعل ذلك، بيد أن هذا التمرين البسيط فاعلٌ جدًّا، ويمنحنا شعورًا رائعًا.
وأما الطريقة الثالثة لإظهار الامتنان، فتتمثل في تَذكُّر قول كلمة «شكرًا» للأشياء الصغيرة التي يُتوقَّع من الشريك أن يُقدّمها للآخر؛ مثل: إعداد فنجان قهوة الصباح، أو تدليك كتفي الزوج بعد يوم عمل طويل.
فالشكر يجعل الإنسان يشعر أنه محل تقدير واحترام.
والحقيقة، فقد تكون الأفعال أبلغ كثيرًا من الكلام، ولا ضير في التعبير عن شكرنا بعناق دافئ، أو وردة، أو قصاصة ورق صغيرة على طاولة المطبخ مكتوب فيها:
"شكرًا لأنك معي."
ختامًا، فإن مشاعر السخط مردُّها غالبًا الخوف من فقدان ما نملكه، أو من عدم الحصول على ما نرغب فيه، وهو ما يُفضي إلى عدم تقدير نعمة الحياة التي نعيشها؛ لذا فإن عادة الامتنان تساعدك على إدراك أن ما تملكه أفضل كثيرًا من أي شيء آخر قد ترغب في امتلاكه.
اضافةتعليق
التعليقات