في ليلة سوداء اجتمع فيها ظلام الليل، وظلمة قلوب البشر في عصر الجاهلية..
اهتزّ عرش كسرى وأيوانه.. سقطت الأصنام التي وقفت حول وداخل البيت الحرام منذ زمن..
الدنيا كلها ليست كعادتها..
وكأن امر غريب حدث لها..
كيف لا؟! وهي تستقبل حبيب خالقها
وسيد بشرها.. فسيطأها خير من خلق..
شعّ نور من بيت عبد الله ابن عبد المطلب معلنا ولادة المنقذ.. النبي الموعود.. هادي الامم محمد صلى الله عليه وآله..
حملت الرياح شيئا من النور.. واخذت تدور بسرعة لتشرف كل ارجاء المعمورة بنور هذا المولود.. بنور من سيباد الظلم على يده ويد اوصياءه..
وحتى يعلم الجميع ان خير خلق الله قد ولد..
ولد يتيما فكان الكافل للأيتام..
وحيدا فكان ملاذ التائهين ومن يعاني الحرمان..
لايعرف قدره فأصبح النور الذي يهتدى به في كل زمان..
فعندما يدقق الانسان في صفات هذا الرسول العظيم يجده انه اعظم شخص في آخر سلالة متصلة بالسماء.. فهو الذي يمثل الإنسانية بسماتها الحميدة..
واخلاقها الفاضلة.
مع كونه يعيش كفرد من تلك الأمة، فيأكل مما يأكلون، ويلبس مما يلبسون، ولم يرَ في نفسه يوما ما انه خارج عن هذا الكيان الإنساني المركب من المادة الترابية والروح الإلهية..
رغم ما منحه القرآن من خصوصيات ومميزات عالية، فقال تعالى: (وانك لعلى خلق عظيم).
وهي شهادة من الله العلي الاعلى برسوله الحبيب محمد (صلى الله عليه وآله)،
والعظيم عندما يصف شيئا بالعظيم عندها لايدرك معنى للعظمة سواه..
ولا يمكن لأحد ان يجعل لها مقياسا في تحديد مفهوم خُلق الرسول (صلى الله عليه وآله)..
حيث روي في الحديث عن الحسين بن علي (عليه السلام) أنّه قال: سألت أبي أمير المؤمنين عن رسول الله كيف كان سيرته في جلسائه؟ فقال: كان دائم البِشر، سهل الخُلُق، ليّن الجانب، ليس بفظّ، ولا غليظ ولا صخّاب، ولا فحّاش، ولاعيّاب، ولا مدّاح، يتغافل عمّا لا يشتهي، فلا يؤيّس منه ولا يخيب فيه مؤمّليه، قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث كان لا يذمّ أحداً ولا يعيّره، ولا يطلب عثراته ولا عورته ولا يتكلّم إلاّ في ما رجا ثوابه، إذا تكلّم أطرق جلساؤه كإنّما على رؤوسهم الطير، فإذا سكت تكلّموا، ولا يتنازعون عنده الحديث...
نعم لو لم يكن يحمل هذه الأخلاق الكريمة، لما تمكن من ترويض تلك الطباع الخشنة والقلوب القاسية التي كانت تسود المجتمع.. ولتفرّق الجميع من حوله بمصداق قوله تعالى:
(لانفضّوا من حولك).
لو أن كل شخص منا حمل شعاع من اخلاق الرسول لتفعل نظام الاسلام الحقيقي ولعمت اخلاق القرآن الفضيلة في كل الامم.
الحمد لله الذي شرفنا بالاسلام، وفقنا الله وأياكم لتجسيد اخلاق نبينا كلا حسب قدرته..
اضافةتعليق
التعليقات