تعاني المحافظات الجنوبية وخاصة محافظة البصرة من أزمة مياه خانقة منذ سنوات، أزمة تشتد كل صيف ليخرج معها المواطنون إلى الشوارع في احتجاجات مناوئة للحكومة تطالب بتوفير الخدمات ومن بينها مياه الشرب، ولقد اشتدت حدة المظاهرات في الشهرين الأخيرين تضمنتها بعض الإعتصامات والمواجهات بين المتظاهرين ورجال الأمن ولكنها تمخضت بالفشل لعدم تلبية مطالب المتظاهرين مع إنها مطالب مشروعة وابسط مايحتاج اليه المواطن ألا وهو الكهرباء والماء خاصة في فصل الصيف حيث تصل درجات الحرارة الى 50 درجة.
وقد تفاقمت أزمة البصرة عشية عيد الأضحى المبارك حيث شهدت المحافظة حالات تسمم لآلاف المواطنين وسط تكتيم حكومي.
وفي أسوأ كارثة صحية تشهدها المحافظة، أصيب أكثر من 4000 بصري بالتسمم والإسهال نتيجة شربهم للمياه الملوثة في مدينة البصرة، حيث أعلنت المؤسسات المعنية في البصرة انها سجلت إصابة أكثر من 4 آلاف إصابة بحالات الإسهال والتسمم، مشيرا إلى أن المسؤولين المختصين أخفوا تلك الأرقام خشية فقدان مناصبهم، وعجز الحكومتين المحلية والمركزية عن معالجة الأمر لانشغال النخب السياسية بتشكيل الكتلة الأكبر المفضية لتشكيل الحكومة القادمة.
“وتعاني البصرة منذ أسبوع من حالات إصابة واسعة بالمغص المعوي والإسهال والتسمم”. حيث بلغت نسبة التلوث الكيميائي نسبة تفوق 90% نتيجة إلقاء المخلفات الصناعية في الأنهار فضلاً عن تآكل الأنابيب الموصلة للمياه في مختلف أحياء البصرة.
تشير الإحصائيات الصادرة عن وزارة الموارد المائية في العراق إلى أن معدل انسياب المياه في نهري دجلة والفرات وروافدهما انخفضت بنسبة أكثر من 50% خلال السنوات العشر الماضية وأنها ازدادت شدة خلال العامين الأخيرين بسبب قطع إيران لبعض روافد نهر دجلة وتحويلها إلى الداخل الإيراني فضلا عن سوء إدارة ملف المياه من قبل الحكومات المركزية والمحلية المتعاقبة، ما أدى إلى استفحال الأزمة مؤخرا.
مدينة البصرة، والتي تتربع على عرش تصدير النفط في البلاد، مدينة يشير خبراء نفطيون إلى أن ما يضمه باطن هذه المدينة من نفط يفوق ما تملكه ثلاث دول خليجية مجتمعة، إنها مدينة البصرة أقصى جنوب العراق، مدينة عانت وما زالت تعاني في كل شيء، فمن البطالة التي تعصف بشبابها إلى سوء الخدمات والبنى التحتية والكهرباء وصولا إلى الكارثة الكبرى المتمثلة بالتلوث الشامل لمياه الشرب في المدينة، الأسطر التالية تقرأ في معاناة أهل البصرة خاصة وجنوب العراق عامة من تلوث المياه.
مدير شعبة تعزيز الصحة في دائرة صحة البصرة “تحسين صادق النزال”، وفي تصريح صحفي له، دعا مواطني البصرة إلى تعقيم المياه عبر منظومات التعقيم المنزلية المعروفة بوحدات الـ R0 أو بمادة الكلور أو عبر غليها قبل استهلاكها خاصة التي تستخدم للشرب، أو استخدام قناني المياه المعدنية المعقمة بالأوزون.
وأشار بعض المختصين، إلى أنه يجب على سكان البصرة استخدام وحدات تصفية وتعقيم المياه المنزلية في سبيل الحد من حالات التسمم، إلى أنه لا يوجد حل قريب لأزمة تلوث المياه، وأن وحدات التنقية التي تباع في الأسواق أثبتت نجاحها في تعقيم وتصفية المياه، محذرا من استخدام المياه الواصلة للبيوت لأغراض الشرب أو الطبخ، ولكن يجب حل الأزمة بأسرع وقت ممكن لأن في ظل الفقر الذي تعاني منه شريحة كبيرة من سكان البصرة، حيث ليس لجميع المواطنين القدرة على شراء وحدات تصفية المياه المنزلية.
الإهمال الذي طال محافظة البصرة من سوء خدمات واهمال البنى التحتية وبطالة وسوء الحالة المعاشية للمواطن تراكمية. ولكن متى تستيقظ الدولة من سباتها وتجد حلول جذرية لهذه المشكلات، وهل ستبقى البصرة تستجدي المياه، وبناءا على مناشدات اهل البصرة اسرع أبناء محافظة الأنبار وتبعتها محافظة تكريت لمد يد العون الى اشقائهم من أبناء محافظة البصرة بأرسال شاحنات من المياه المعقمة وكذلك بادرت هيئة العتبة الحسينية في كربلاء بإنشاء محطات تصفية وتنقية للمياه للمحافظة المنكوبة في ظل زمن الصمت الذي دخلت فيه الحكومة المركزية والتي يجب ان يقع على عاتقها الحل بهذه الأزمة.
يُمكن للإنسان أن يفعل الخير في أبسط الأمور، وليس شرطاً أبداً أن يكون هذا الفعل يحتاج إلى جهدٍ كبير، بل إن البساطة في فعل الخير تبدأ من مجرد ابتسامةٍ عابرة، تُعطي لمن يراها طاقةً إيجابية عظيمة، فالمبادرات التي قدمتها بعض المحافظات والهيئات المدنية لمحافظة البصرة تدل على وحدة الشعب بكل طوائفه وأن الشعب العراقي شعب غيور، بتكاتفهم أسقطوا قناع الطائفية الزائفة، ويثبت العراقيين وحدتهم وتكاتفهم في جميع الأزمات وأنهم نسيج واحد بعراقية واحدة.
اضافةتعليق
التعليقات