تتعالى بشائر الخير، وينثر الإحسان لآلئه أجرا إن احتضن الكرم فضائل بيت النور ، وشرف المعرفة ، ويتوج بروعة الفكر المتميز، وإمتياز الموقف المتصف بالحزم ، وصفاء منهج من سوء الطالع المكفهر.
مورد لا يلابسه فقه الغي، وشماتة التكفير، الإمام الحسن المجتبى، ابن الكلمة الشاملة، والنصيحة الجامعة، إمام تفتخر الجنان به فهو سيد شباب أهل الجنة كلل علم أزلي، في قمة التعالي وكبرياء الحديث ذا بصمة الطاعة المطلقة للجليل المتعال.
لم يترك في زمنه ثغرة الضياع المتأججة من أقاويل مبتورة إلا وألجمت بفكره المتأطر بنور السماء وأزل النبوة.. كيف لا، وهو سبط رسول الله، والقريب إلى سره وعلمه، ونور قلبه.. كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) أولى الكلمات التي تناهت إلى سمعه من فم رسول الله صلوات الله عليه وآله، وهو في حضن الولادة المعتصمة بحبل الله.
(في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه)..
عامود من نور الغيب، يغدق على بلسم شفاهه الكريمة، ف تنبت ديمة مستقرة دائمة لأهل العلم وطلاب المعرفة على مر العصور.. طفولة، نمت وتألقت وترعرعت من نبوءات الغيب وغذاء العرش ونوره المستديم، أجواء خضمها دين وعقيدة، ورسالة، ممهورة بالمنع وبالطبع الثابت .
قال الإمام الحسن عليه السلام :
(لَا مَوَدَّةً لِمَنْ لَا هِمَّةً لَهُ)* .
في زمان الأزل ومبدأ الروح ونور العرش هو سيد الجنة والوجود، وفي زماننا هو سيد الأكوان وقد علم الوجود معنى الجنان وأسرار العلوم ووثيقة ختم النبوة ب جده المصطفى محمد عليهم أزكى الصلاة والسلام .
لذا عند فقده تغوص الدمعة زحلا، فلا تبرأ من عظمة الواقعة، ف تطهر حناياها وتحميها من هزة الأفكار الواهنة، وتزيد من حبة المطر غردقا يصيب شفاء، وعمر من التكامل .
قال الإمام الحسن عليه السلام :
(المَجْدُ حَمَّلَ المعازم وابتناء المَكَارِمَ) *
عندما تسكن الرحمة عنق الرفض للباطل، تتملكها ضمانات تصل إلى حد العطاء اللامتناهي، وتكون الفكرة هي المسيطرة وسيف قاطع لاتجابه ف تكسر طوق النفوذ المتجبر، وإن قل داعيه، فتكون القوة ب ألف، والساعد المأجج ب القناعة وعمق التكليف ، كفيل للمواجهة ..
في زمن حكومة أبي بكر يروي المحدثون موقفاً للحسن عليه السلام يعكس جليا ما يختزنه الإمام على صغر سنه من رفض واحتجاج للباطل ووجه الكفر: فقد رأى الامام الحسن عليه السلام ، أبا بكر يخطب من فوق المنبر فيندفع نحوه بشجاعة وإصرار وهو يقول: "انزل عن منبر أبي، فيقول له: لعمري أنه منبر أبيك، لا منبر أبي" .
ولعل أبرز واجهة موثوقة ، تلك التي تتقبل لغة السجود للأفضل واللأولى، والإنصياع للأبهى والأكمل، وإلا، كان السقوط حليفها والخوف كهفها، وضياع القيمة مستقبلها.. تلك إذن كرة خاسرة.
قال الإمام الحسن المجتبى عليه السلام :
(بِالعَقْلِ تُدْرِكُ سَعَادَةُ الدَّارَيْنِ، وَمِنْ حُرَمِ العَقْلُ حَرَّمَهُمَا جَمِيعًا)*.
وعموما، فإن كفة الميزان ترفض النقص وماعدت ميزانا متيقظ الشفرة أذن، إن أتكلت على فراغات ليس لها حكمة..
لذا جعل الله سبحانه كل الحكمة في سيد الاحسان وجمال الكرم ، الامام الحسن عليه السلام، ل يرسم الشارع شريعته وفق أفق تام المعنى ومتكامل الحرف وجمال الموقع فيه ..
قَالَ الإمَامُ الحَسَنُ (عَ): (عَلَيْكُمْ بِالْفِكْرِ فَإِنَّهُ حَيَاةُ قَلْبِ الْبَصِيرِ وَمَفَاتِيحُ أَبْوَابِ الحِكْمَةِ) *
وعلى الوجه الأخص فيه، تحاكي الشريعة ضمير الأمة، وتساعدها على خوضها تجربة تقبيل يد الكرامة في شخص الامام الحسن غير عابئة ب هوامش متصدية تعلن الكفر، وتطلب الدينار، وتستعمل العقار لفرض نفوذ ظالم لايتكلم بلغة الدين والوقار.
ولكن، هيهات ثم هيهات ل نفس ركعت ل شيطان، أن تفهم معنى الخير وطاعة الرحمن إنساً كان أو جان ف يصيبها نفاقا إلى يوم يبعثون .رآه رجل والنبي يحمله على رقبته فقال: نعم المركب ركبت يا غلام. فقال الرسول: "ونعم الراكب هو".
نعم إن الإمام الحسن عليه السلام سفينة النجاة ب لسان واضح، ومن نطق فاصح، قول جده بحقه، لهو أكبر دليل وتقرير .لقد خلدت الروايات تلك المواقف العظيمة بحق الامام الحسن عليه السلام، وجل الكلمات النبوية، التي رسخت عظمته في أذهان أمة الإسلام ووجدانهم، وعززت مكانته بصدق .
إضافة إلى آيات الوحي النازلة في تمجيد أهل البيت عموماً وأصحاب الكساء، والإمام الحسن عليه السلام أحدهم، وعموم الكتب والمصادر المختلفة ومن المخالفين، أمثال صحيح مسلم وغيره.
ولا ننسى حادثة الهجوم على دار علي وفاطمة، ودور الوصي والإمام فيها وكيف أن الإمامان الحسن والحسين عليهما سلام الله كانا حاضران المأساة، وقد انجلت غبرة الفاجعة ب فضيحة الظالم وظلمه، وآثارها المفصلية الإستثنائية والفعلية الزمنية على قلب الحدث.. في شخص الإمام الحسن عليه السلام.
ورد في كتاب (كنز العمال) للمتقي الهندي: عن أنـس بـن مالـك، قال: دخل الحسن، على النبي صلوات الله عليه ، فأردت أن أميطه عنه. فقال صلوات الله عليه: ويحك يا أنس! دع ابني وثمرة فؤادي، فإن مـن آذى هـذا فقد آذاني، إني لأجد نفسي صغيرة جدا في الكتابة، وصرف الحروف بيت الجمل لتصوغ عظمة سيد أهل الجنة الإمام الحسن عليه السلام .
إنه لألق ورواء أن نتحدث عن من فاضت نفسه قيمة ووساما وعظمة، لا يمكن أن يدانيه أحد حتى وإن توج ب فضائل الصفات والمناقب .وإن معاني العظمة ل تتصاغر وتضيق أمام شخص الإمام الحسن عليه السلام، لأنه القاعدة المتينة ليس لها منتهى في قيادة الإصلاح وعجلة الثبات ومكنون الحق في كل نص وحديث.
اضافةتعليق
التعليقات