العمل التعليمي شغل نبيل وقيم، وتعتبره الأديان شبيهاً بشغل الأنبياء، ويكفي في أهميته أن تعرف أن مسألة بناء الجيل وتربية رجال العلم والسياسة والمسؤولين الحقيقيين في المجتمع هي من اختصاصه.
قال أحد الطلاب لمعلمه :
يا أستاذ حصتك نفهمها ونستمتع بها وننتظر موعدها؛ لكننا إذا عدنا لنقرأ الكتاب لم نجد فيه المتعة التي نجدها في حصتك !.
المعلم: مم يصنع النحل العسل؟
الطالب: من رحيق الأزهار.
المعلم: لو أنك أكلت بعض الأزهار فكيف سيكون طعمها؟
الطالب: مرا.
المعلم: هذه مهنة المعلم أن يستخرج من الأزهار المرة عسلا لذيذا نافعا وأن يختصر الوقت فيدور بنفسه على ملايين الأزهار ويضع بين يدي طلابه خلاصة ما جمع من رحيق .
قيمة المعلم ومنزلته
يتمتع المعلم في كل المجتمعات المادية أو المعنوية، بقيمة ومرتبة رفيعة، ومقامه أفضل من مقام العالم باعتبار أنه يمارس العمل التربوي مباشرة، فالعلماء مخزن من الوعي والعلم والمعلمون هم في خدمة طالب العلم وقد ورد في حديث منسوب للنبي، قوله إني بعثت معلماً.
وقد ذكرت بعض الآيات القرآنية تلويحاً أن عمل النبي هو التزكية والتعليم.
ويقول المرحوم الشهيد الثاني في كتاب منية المريد: به قوام الدين وبه يومن محاق العلم، فهم من أهم العبادات.
الفرق بين المعلم والمربي
والمعلم يطرح للطالب المسائل التي هو جاهل بها، ويعطيه دروساً وتكاليف مدرسية، وينصب كل جهده من أجل أن يحصل التلميذ على درجة ممتازة.
مربو الفرد والمجتمع وهم العاملون في مجال تربية الفرد ويشمل ذلك كل من الأب، الأم، المرضعة، الأخ، الأخت، المعلم، عالم الدين، التاجر، وأي شخص آخر يمارس عملية التغيير في الأفراد ويعمل على تغييرهم وتحولهم.
المعلم والتغييرات الاجتماعية
للمعلم بالمعنى العام دور استثنائي في تغيير النظام وفي المسائل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في المجتمع وكل أنواع التحول والتغيير في نظام الحياة الاجتماعية له علاقة بالمعلم. وهذا الأمر سواء كان عن طريق تعليم المعلم أو من خلال قيادته فإنه يعتبر مسألة موجودة في مجتمعات كثيرة .
إن دور وهيئة المعلم في المجتمع حية دائماً، وهو الذي يمهد الطريق لخير الآخرين أو العكس.
إن الطفل يتأثر بجاذبية المعلم خاصة في الأعوام الدراسية الأولى، فيستفيد من سلوكه ونمط حياته وكيفية تعامله وأسلوبه في الكلام. ويحترم أوامره ونواهيه ويطبع أوامره.
سلطة المعلم: وفي نفس الوقت لا نريد القول بأن لا تكون للمعلم سلطة على التلميذ ونحن نرى أن هذا الأمر ضروري في الفترة الدراسية للطفل.
مسألة الاقتداء بالمعلم: يعتبر المعلم بطلاً بنظر الطفل ويحظى باحترامه. وعلى هذا فإن جميع أفعاله وأقواله حجة للصبي. ومع ملاحظة قدرة الطفل على التقليد لما يراه ويسمعه، فإن من اللازم رقابة المعلم لسلوكه وكلامه. والمعلم هو قائد علمي للصبي، ويجب أن يكون أسوة في الأخلاق والنظافة وحسن التعامل والطريقة الإنسانية .
عمل المعلم ووظيفته خطيرة جداً، فعمله هو نقل التراث الثقافي وإحياء الأسس الفطرية والعقائدية وبناء الطفل وتوظيفه.
وللمعلم ولاية أخلاقية على التلميذ وهي ولاية مقرونة بالشرف والقدسية، ويهتم المعلم بالحيلولة دون خطأ الطفل في المسير التربوي وأن لا يميل إلى الشر، ويكون عاملاً بالخير.
ضرورة احترام المعلم: أما مصاحبة المعلم للتلميذ فهي تستهدف بنائه وإصلاحه بشكل أفضل. كما أن ارتباط الصبي بوالده يدخل في إطار التمني منه، في حين يدخل ارتباطه بالمعلم في إطار الحصول على الجانب المعنوي.
وفي كتاب منية المريد للشهيد الثاني استخرج الشهيد الثاني جملة مسائل لها علاقة باحترام التلميذ للمعلم، وذلك من خلال تفسير آيات قرآنية في سورة الكهف، فقد ورد في الآيات (هل اتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا ... ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمرا) والمسائل المستفادة هي :
1- بدأت الجملة بأدوات الاستفهام وهذا دليل على استئذان الطالب من المعلم، أي أن التلميذ لا يتبع المعلم من دون استئذان.
2 - تدل كلمة (اتبعك) على منتهى التبعية والتسليم للمعلم من قبل الطالب، كما تشير إلى عدم الاشتراط والتقييد في هذه التبعية والتسليم.
3 - إن كلمة أن تعلمني هي في الحقيقة اعتراف بمسألتين: جهله باعتباره تلميذ. اعتراف بأنه معلم وأستاذ .
4 - نفهم من كلمة (مما علمت) أنها تدل على البعض، أي بعض ما تعلمه.
ثم يذكر المرحوم الشهيد الثاني حديثاً للنبي جاء فيه: إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض، حتى النملة في حجرها، وحتى الحوت في الماء، ليصلون على معلم الناس.
اضافةتعليق
التعليقات