يمر الأطفال بفترات عمرية كثيرة، تتبدل فيها عاداتهم وطباعهم ، ولابد لكل طفل أن ينتهج بعض السلوكيات غير الايجابية وهنا يأتي دور التربية السليمة، بدلاً من ممارسة العنف واستخدامه معهم.
تحديد السلوك الذي نريد تعديله بالضبط:
قد نشعر بعدم الرضا عن وضع الابن، ونحمل مشاعر سلبية تجاهه، ونطالبه بالتغيير، بينما نحن أنفسنا لا نعرف ما يزعجنا فيه بالضبط، وكأن شخصيته بالنسبة لنا عبارة عن خيوط متشابكة معاً، وتلك الخيوط لا يمكن أن نُعيد تنظيمها إلا إذا أمسكنا طرف الخيط، أو بمعنى آخر: إذا جلسنا مع أنفسنا وحددنا بالضبط ما هي السلوكيات التي نريد تعديلها.
الخطوة الثانية: تحديد السلوك الأكثر ضرورة، اكتشاف عدة سلوكيات نريد تعديلها عند الطفل، مثل: الفوضى، والكذب، والكسل، واللامبالاة...، وهنا يُخطئ غالب الأهل خطئا فادحاً عندما يتجهون إلى تعديل كل تلك السلوكيات دفعة واحدة، بل الصواب أن يختاروا السلوك الأكثر ضرورة، ويركزوا عليه، وعندما يصلون إلى مبتغاهم يبدؤون بالسلوك الآخر، والملفت هنا أن تعديل سلوك سلبي ما، في الغالب قد يؤدي بطريق غير مباشر إلى تعديل سلوكيات أخرى، ويوفر عليكم العناء.
ثالثاً: بعد أن حددتم بالضبط السلوك الذي تودون تعديله عليكم أن تجلسوا مع ولدكم وتتحاوروا معه بهدوء، وتذكروا له -بالضبط وبالتفصيل- ما يزعجكم منه، ولا تتوقعوا أن يفهم منكم ما تريدون دون أن تُفصلوا له ذلك! فلا يكفي أن تقولوا له أن فوضويته تزعجكم، أو أن كسله يزعجكم، بل لابد أن تخبروه عن المواقف التي تعدُّ فوضوية، أو تحددوا له ماذا تقصدون بكلمة "فوضوية"، وأيضاً أن تحددوا له السلوك السليم الذي تريدون منه أن ينتهجه، وأن تتناقشوا معه في كيفية تطبيقه.
الأهم هو "جدول متابعة":
وعلقوه في مكان بارز في غرفة الأولاد، ولا تعتمدوا على فكرة أن الطفل سيلتزم بالتعليمات من تلقاء نفسه في البدايات، بل لابد من متابعته وتذكيره بطرق مباشرة أو غير مباشرة، كأن تذكروا السلوك أمامه، أو تقوموا به أمامه كأن تُصلوا مثلاً.
وهنا يرتكب بعض الأهل خطأً كبيراً عندما يستعجلون نتيجة التغيير، ويتوقعون التزام ولدهم من أول يوم، يغيبون عن مشهد تربيته أمداً طويلاً، ومن ثَمَّ يستفيقون فجأة ويريدون له ومنه أنه يتغير بغمضة عين! ويبدأون ببث رسائل سلبية أن الأمل بأن يصبح هذا الابن أفضل هو أمل معدوم!
بعد التغيير ومكافئته المنجز :
أسوأ ما يمكن أن يقوم به الوالِدَان هو عدم ملاحظة التغييرات الإيجابية في بداية طريق تعديل السلوك، أو ملاحظتها لكن دون دعمها ومدحها، والتشجيع عليها، فلا بد من مكافأة التصرف الجيد كي يستمر، ولكي تكون هذه المكافأة فعالة؛ يجب أن تُعطَى للطفل بعد خمس وعشرين ثانية من الفعل، وبعدها يقل تأثيرها حسب خبراء التربية، وهذه المكافأة قد تكون مادية أو معنوية، كالإطراء أو الاحتضان...، .
ومن المهم أيضاً استخدام جدول المكافآت اليومي، فكلما قام الطفل بتصرف محمود، يضع له الوالدان عدداً من النقاط، وفي نهاية الأسبوع تُقدم للطفل هدية أو مكافأة تتناسب مع عدد نقاطه التي جمعها.
وقد قدموا علماء التربية نصيحة أن لا يمارس الأباء سلوكاً سلبياً أمام الولد، ومن ثَمَّ يطالبونه بأن لا يمارسه! وأن يستعينوا بالدعاء في كل وقت، وأن يقوموا بالدعاء للطفل على مسمع منه بأن يلهمه الله السلوك الذي يحبونه له، مثلا: الله يوفقك للصلاة... الله يجعلك من الصالحين، ويتأكد ذلك الحب من خلال القول: (إنني أحبك والله يحبك).
وهكذا، وأن يتعلموا عن خصائص كل مرحلة عمرية لأن بعض السلوكيات تكون مقبولة في مرحلة عمرية معينة.
إن الرسالة الأكثر أهمية التي يريد الأب والمربي هنا أن ينقلها إلى الابن هي: أنه يحبه حبًّا غير مشروطا، ذلك الحب الذي يعني (قبول الابن بمزاياه وعيوبه، فنحن نحب الشخص وليس بالضرورة أن نحب التصرف نفسه، فنحاول أن نفصل الفعل عن الفاعل، وأن نفصل كذلك الأقوال عن الذوات، فعندما يسيئ ابنك التصرف فمن الطبيعي أن تستاء من تصرفه، ولكن يبقى بإمكانك أيضًا عدم الغضب والمحافظة على الهدوء، وهذا ليس بالأمر السهل؛ بل يحتاج إلى التدريب والمثابرة).
ماذا لو غرسنا في نفسه القدرة على القيام بذلك، وتجاوز هذا الإهمال والاتكالية التي يمارسها في حياته، علاوة على إبراز جوانب القوة في شخصيته، ومساعدته في الوصول إلى الحلول المناسبة لمعالجة ما يقع فيه من أخطاء، كي يرتقي بنفسه وبسلوكه.
اضافةتعليق
التعليقات