الأطفال والمراهقون الفئة الأصعب في التوجيه بنظر الأغلبية، فبعضنا يعاني من تصلب العلاقات مع أبنائنا وخاصة خلال سنين المراهقة الأولى من حياتهم، في ظل الأساليب التربوية المستحدثة ذات التنوع أدت إلى إحداث تغيير كبير في بعض الرؤى والمعتقدات غير المجدية، مع ذلك فإن هذه المدخلات الطارئة لا تضاهي ما لدينا من ثروة تربوية نبوية متمثلة بقوله صلى الله عليه وآله ((لاعبه سبعاً وأدبه سبعاً وصادقه سبعاً))، منطلق تربوي ذات أبعاد أخلاقية أسست عليها البشرية بعد أن شهدت عصور مظلمة من الجهل والتخلف بعث الله فيهم نبي الرحمة والخلق السامي.
الكثير منا قد يقع في خطأ فادح خلال السنين الأولى من حياة أطفالنا، فنستعجلُ على ادخال التأديب في أساليبنا متغافلين عن مدى استيعاب هذا الكائن ومدى قدرته على فهم المواقف، فنبحث عن المثالية في سلوكيات أطفالنا بوقت مبكر، وهذا ليس بالأمر الخاطئ وإنما ينبغي عدم الاستعجال في تطبيقه بشكل حرفي، فاللعب والملاطفة يعد الأسلوب الأمثل للتعامل مع الفئة العمرية المذكورة في الحديث الشريف، فيكون غرس المبادئ المستهدفة بطريقة احترافية تتمثل بالتصابي، التمثيل، الأسلوب القصصي، التجاهل في بعض الأحيان، التحفيز، فكلها طرق تعطي نتيجة طيبة ومرضية للوالدين إن لم تتخللها صور العنف بشتى أشكاله.
أما بالنسبة للتأديب فيبدأ عند سن السابعة فما فوق، حينها يكون الطفل متهيئا جسميا وعقليا لاستيعاب القيم والمبادئ، شريطة عدم احتوائه أي شكل من أشكال التعنيف الذي ينتج شخصية متمردة ويؤدي إلى تغذية العصيان في شخصية الطفل، وهذه المرحلة العمرية يجب التعامل معها بحذر بالغ، وتوجيهه بطريقة ودية مرة وحازمة مرة أخرى مع مراعاة طريقة تفكيرهم وحجم وعيهم، كما يتوجب محاولة التعمق في آلية تفكيرهم فهي تعد المفتاح للوصول إلى وعيهم ومداركهم الحسية والمعنوية على حد سواء، وهذا يساعد المربي على تقمص شخصية الطفل والنظر بمنظوره مما يمكنه على مجاراة أفكاره فيكون التوجيه ذو أثر واضح على السلوك العام.
أما مرحلة المراهقة تصنف بحسب مختصين بأنها الأكثر صعوبة على الوالدين ومن يعمل في حقل التربية والتعليم كونها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الشباب وتشهد هذه المرحلة تغييرات متنوعة على الانسان من حيث التكوين الخارجي والداخلي كما أن سعة الادراك الواسعة والتفكير في كل شيء واحد من أبرز خصائص هذه المرحلة، يرى المراهق في أول بلوغه أن له الحرية المطلقة في الاختيار مما يستوجب تكثيف الجهد من قبل المربين حتى لا تجرفه مغريات الحياة بما يؤدي إلى انتكاسه معنويا وماديا بعد أن يصطدم بمتناقضات الحياة أما إذا تركت له الحرية بالاختيار فهنا تنتفي فائدة التأديب والتصحيح التي تم العمل فيها في المرحلة السابقة، لذا يتطلب من المربي أن يتبع أسلوب التوجيه الخفي الناعم حتى لا يخدش شخصية المراهق التي يراها أنها خط أحمر لا يمكن المساس به ويجبره على الانجرار بطريق خاطئ، محاولةً منه لإثبات ذاته فهي فترة تثير صراعات داخل المراهق حين انتقالة من مرحلة الصبا لمرحلة الشباب.
والقول هنا يجب أن يكون تعاملنا مع أولادنا بطريقة مدروسة وفق قواعد دقيقة خيرها ما ورد عن أهل بيت النبوة (عليهم السلام) فلا افراط ولا تفريط والابتعاد عن أسلوب الالحاح في أي مضمون حتى لا ينفر المتعلم من أسلوبنا، فأبناؤنا غرسنا ورسالتنا في الحياة يتوجب أن تكون رسالة نافعة فهم امتدادنا الذي يجب أن نوليه جل اهتمامنا.
اضافةتعليق
التعليقات