باتت السيلفي "Selfie" من الظواهر العصرية التي انتشرت مؤخرًا وأصبحت تتضخم بصورة كبيرة في السنوات القليلة الماضية، ازدادت شعبية التصوير السيلفي على مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح أغلب الأشخاص يلتقطون لأنفسهم مشاهد خاصة ونشرها، وهذا شيء عادي في الغالب لكن عندما يتحول إلى هوس وسلوك متكرر على مدار اليوم فالأمر مختلف. شدتني دراسة منشوره لأحد مراكز الأبحاث، تتحدث أن مِن أكثر الكلمات انتشاراً، على مواقع التواصل الاجتماعي كلمة سيلفي. الأمر الذي جعلني أقرأ وأبحث وأكتب عنه كون الأمر يمثل ظاهرة مهمة لدى الكثير من الأشخاص، وجدت دراسات كثيره قامت بالحديث عن الظاهرة، كونها ظاهرة نرجسية منتشرة في أغلب مستخدمي الإنترنت إطلاقا.
يبدو أن التركيز على ذلك أمر لا مفر منه في عصر أصبح يهيمن عليه جيل (أنا)، وإن هوس الحديث مع الذات أدى بشكل واضح بفضل الإنترنت إلى الترويج الذاتي عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى انتشار فكرة "السيلفي" بجوانبها المختلفة السلبي والإيجابي. إن السيلفي ما هو إلا ظاهرة من ظواهر كثيرة تندرج تحت النرجسية الاجتماعية، والتي تحدث عنها الكثير من المختصين والباحثين، كشفت هذه الدراسات في أغلبها وليس كلها، إلى إن الأشخاص الذين يلتقطون صور السيلفي كثيرًا بشكل مبالغ فيه، ممكن أن يصابون بداء العظمة أو مرض النرجسية الذي يدفع صاحبه للتعالي والغرور لأنها غالبًا تدفع الشخص أن يركز على الاهتمام بنفسه فقط حيث يجعله كسولًا في معرفة أخبار الآخرين ومعرفة أحوالهم والاهتمام بهم.
النرجسية.. الجانب السلبي في السيلفي
حب الذات والتقاط الشخص لنفسه صور في الأماكن العامة والخاصة وبجوار الأشخاص المشهورين والمغمورين، ظاهرة سلبية، وهي نوع من الاضطراب النفسي، حيث يقوم الشخص بالتقاط العديد من الصور لنفسه عدة مرات في اليوم ويضعها على الإنترنت، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والرغبة في الحصول على إعجاب الآخرين وحب الظهور والمغامرة والحاجة إلى إثبات الذات والتفاخر بالنفس وتقليد الآخرين، وفي هذه الحالات يمكن أن تعبر عن اضطراب نفسي يسمى "بالنرجسية"، وهو اضطراب نفسي يتميز بحب الشخص بذاته وشعوره بالتعالي والغرور لحاجته بإعجاب الآخرين. يرى الاختصاصيين النفسانيين أن هذه الظاهرة مؤشر لحالة إدمان ناتجة عن تعويض النقص في محبة وأعجاب الآخرين، فكلما حصلت الصورة على أعجابات أكثر، فَسرها ملتقط السيلفي بإعجاب الآخرين به، يشعر بأن الجميع عليهم الإصغاء، لا يهمه إن كانت آراءهم إيجابية أم سلبية أو ماذا يريد هؤلاء قوله.
ويرى أيضا الاختصاصيين النفسانيين لهذه الظاهرة أن المشكلة تنبع من الخوف من أن تتجاوز حدود المعقول والإدمان، حيث أن خطورة مثل هذا الادمان هي أن يصل الأمر إلى حالة مزمنة أمام الرغبة الجامحة للشخص بتصوير نفسه على مدار الساعة ومشاركة الصور في المواقع الاجتماعية والتي قد تصل إلى عدة مرات في اليوم وبشكل مستمر، وهو ما قد يرتبط بنوع من النرجسية المرضية. المشكلة الكبرى بأن صاحب الشخصية النرجسية المرضية، لا يدرك بأنه مريض ويحتاج إلى علاج وتغيير على الرغم أنه يلاحظ جفاء الآخرين وابتعادهم عنه، لأنه يرجع السبب بذلك لسلوكهم هم وليس له هو.
الجانب الإيجابي في السيلفي
من ناحية أخرى يمكننا تفسير هذا السلوك بأنه إيجابي صحي يعكس المشاعر السعيدة واللحظات الرائعة التي يمر بها الفرد بالإضافة لحب الذات الإيجابي والاهتمام بالشكل والهندام بصورة غير مبالغ فيها.
فالتصوير الذاتي هو محاولة تضاف إلى محاولات الإنسان للعثور على أفضل الطرق لتأييد ذاته وحبها فبعدما كان يكتب اسمه على الجدران وأبواب البيوت ويسجل صوته ويحتفظ بمقاطع فيديو للحظاته المهمة، فيواصل التقاط صوره إلى ما لا نهاية و توثيق لكل لحظاته ومناسباته الخاصة وبكل متعة، فهو لا يفسر بأنه أنانية أو فردية بل هو فن مستمر يصور الحياة اليومية، ونوع من أنواع التواصل الاجتماعي.
من وجهة نظري كباحث في علم النفس أعتقد أن السيلفي قد يفسر بأنه تعبير للشخص عن نفسه ووجهة نظره وكذلك زيادة ثقة الشخص بنفسه بالوقوف أمام الكاميرا والتعبير بمشاعره وبحديثه عن نفسه، ثم أن مثل هذه الصور لم تعد للذين يتأنقون ويرتدون أحسن ملابسه ليصوروا أنفسهم فالشخص يصور نفسه في كل وقت وبأي هندام وبلحظات متعددة، وقد يكون عصر الصورة الجميلة قد انتهى بالفعل، فالمهم هو توثيق اللحظة الجميلة. وقد يكون لظاهرة السيلفي سمة الإيجابية في مشاركة الكثير من المنعزلين والذين يشعرون بالوحدة بمشاعرهم وصورهم مع الآخرين ويكون لهم نصيب التشجيع في ذلك وقد يساهم السيلفي بتحسين فكرة الشخص عن شكله ومظهره فيشعر بمزيد من الرضا النفسي وحب الذات، لكن يمكن فهمها كظاهرة نفسية خطرة إذا أصبح الهدف منها التقاط الصور بتهور وزيادة الإعجاب بالنفس، ويمكن أن تسهم بمنح الفرد إيجابيات نفسية عديدة إذا ما مورست باعتدال غير دائم. حسب الجزيرة
مهووسو السيلفي.. كيف فعلوها في تلك الأماكن؟
يحرص أناس كثيرون على التقاط صور "سيلفي"، حتى يحتفظوا بذكريات من أماكن زاروها، لكن توثيق هذه اللحظات الجميلة بالعدسة، ليس أمرا آمنا على الدوام، لا سيما عند التقاط سيلفي في مرتفعات أو مواقع بالغة الخطورة.
وأضحى الخبراء ينبهون بشكل متزايد إلى ما يعرف بـ"سيلفي الموت"، والمقصود به هم الضحايا الذين يلقون حتفهم في مختلف دول العالم، بينما يحاولون التقاط صورة سيلفي.
وبين سنتي 2011 و2017، لقي 259 شخصا في العالم مصرعهم، وهو يحاولون التقاط صورة سيلفي، في أماكن كانت تتطلب قدرا من الحذر.
وصدرت هذه الأرقام المرعبة في مجلة "فاميلي ميديسين آند برايمري كير" المختصة في الشؤون الطبية والرعاية.
وساهمت منصات التواصل الاجتماعي في زيادة إقبال الناس على التقاط صور السيلفي، من أجل مشاركتها مع الأصدقاء أو المتابعين.
لكن حصد الإعجاب على منصات التواصل، أو تلقي تعليقات كثيرة منبهرة، أمران قد ينتهيان بشكل مأساوي.
ويلجأ "مهووسو السيلفي" إلى أماكن مثل قمم الجبال المرتفعة أو شفير الهاوية وأسطح ناطحات السحاب، ثم يوثقون اللحظة، وهم يوزعون ابتسامات عريضة.
ويلتقط محبو السيلفي صورهم، في هذه المواقع الخطيرة، وهم غير آبهين بالمخاطر التي تحدق بهم، رغم أن المسافة التي تفصلهم عن "الهلاك المحتمل" تكون قصيرة جدا.
وفي بعض الأحيان، لا يتوانى بعض محبي السيلفي عن التقاط صورة إلى جانب حيوانات بحرية خطيرة مثل القرش.
ولا تقتصر مخاطر السيلفي على الأماكن الخطيرة فقط، بل تشمل أخذ صور السيلفي أثناء قيادة السيارة والانشغال عن الطريق.
وفي سنة 2014، كشفت وزارة النقل الأميركية، أن 33 ألف شخص أصيبوا في حوادث، لأنهم كانوا يقودون سياراتهم ويمسكون هواتفهم في الوقت نفسه.
وتعد الهند من أكثر دول العالم التي تسجل سقوط ضحايا السيلفي، ففي عام 2016، توفي 27 شخصا على الأقل في العالم بسبب صور سيلفي، كان نصفهم في الهند.
وفي مسعى إلى تطويق هذه الأزمة، طلبت وزارة السياحة الهندية، تحديد "النقاط الخطيرة" التي يلجأ إليها "مهووسو السيلفي" دون اكتراث بالأذى المحدق بحياتهم.
وحث خبراء على زيادة التوعية بمخاطر صور السيلفي المجنونة، لا سيما وسط اليافعين، إلى جانب تقييد الوصول إلى بعض الأسطح المرتفعة، والتي قد يجري استخدامها لالتقاط "سيلفي الموت". حسب سكاي نيوز
اضافةتعليق
التعليقات