تقول القاعدة الثامنة: [أن يكون لدى المربي معرفة لو اجمالا بالجوانب النفسية بشكل عام، ومعرفة بالعوامل النفسية المؤثرة على مراحل النمو، وأن يتعرف على اهتمامات كل مرحلة وأولوياتها، كالمتوددة، والمستجيبة، والمجادلة، والعنيفة، وغيرها من النفسيات]*.
النفس المتوددة بالأدلة والبراهين والقصص الواقعية*
هي تلك النفسية التي تكون كالأرض الخصبة، المنبسطة التي من السهل التعامل معها والغرس بها، وانماء كل ما هو طيب فيها، وهذا يتبع الأجواء التي نشأت بها هذه النفسية، وكاشفة عن درجة وعي الأبوان، وحسن سلوكهما سواء مع بعض أو معه كإبن/بنت.
وذلك من خلال بناء شخصيته على التفكير والسماح له بطرح السؤال متى ما احتاج، فلا يملان من استقبال السؤال، ولا يزجران إذا ما كثر أو ألح بالاستفهام. فهو بالنتيجة سيتربى على أن لكل سؤال جواب، ولكل شيء دليل وبرهان يمكن أن يحصله، ولكل تجربة مثال وقصة يمكن أن يفهمها من خلالها.
النفس المستجيبة بالكلمة والوعظ الحسن*
هذه النفسية عادة تكون ممن نشأت في أسرة بنيانها ليس قوي بالمقدار الذي يجعله يثبت ويستقيم بشكل كلي، فهو يحتاج إلى أن يُذكر ويوعظ ويسمع ما سمعه ليجدد توجهه، ويحافظ على استقامته، ويقوى أمام الهزائم والأعاصير من فتن وشبهات.
وهذا صنف جيد، لأنه بالنتيجة يكون ملتفتاً لضعفه، فلا هو ممن يستسلم فيبتعد ولا هو ممن يسأم من ضعفه فلا يرى قيمة لما يمكن أن يعيد له قوته، بل هو مدرك لضعفه، ولطاقته المحدودة في الاستمرار، فيعود ليجددها بما ينهض همته، ويشحذ ارادته، بالموعظة والكلمة الطيبة.
النفس المجادلة بالحوار الهادئ والنقاش*
هي تلك النفسية التي عادة ما تظهر صفة العناد، والتعصب للرأي بشكل مجادلة، وهذا يتبع سلوك الوالدين، فالابن الذي يتربى بين أبوين لا يتنازل أحدهما للآخر، فإن أخطأ أحدهما لا يعترف بخطئه، وإن رأى أن الطرف الآخر صائب لا يأخذ برأيه، ولا يحترم وجهة نظره، ولا يقرأنه غير قادر على العمل بما هو صائب.
فإن كانا هكذا مع بعض بلا شك هما سيتعاملان مع هذا الابن بذات الطريقة، فتظهر على سلوكياته وشخصيته هذه الحالة. وهنا الحل أن يتدارك الأبوان الأمر ويبدآن يتنازلان عن عنادهما، وتشبثهما برأيهما، وليس فقط السماح له بطرح رأيه، بل الإصغاء إليه بشكل جيد، والثناء عليه، وقبوله، والأخذ به إن تطلب الموقف ذلك.
فمشكلة النفسية كثيرة الجدل أن الطرفان أو أحدهما هو منغلق بقلبه فلا يرى أي قيمة فيما يقوله الآخر، ومنفتح العقل ليس لما يقال له بل لما في ذاكرته محاولًا استحضار ما يمكن أن يكون رداً يفند قول المقابل، فيحرم نفسه من التقرب من الطرف الآخر إنسانياً، ويخسر فرصة الانتفاع مما يحمله الآخر من طرح ذلك الذي لا يمكن ألا يكون فيه شيء مفيد وجديد يضفي على خبرته وتفكيره.
النفسية العنيفة بالهدوء والصبر وتوظيف طاقاتها*
هذه النفسية عادة تكون مفرغة عاطفيا، فإما هي لم تعطى عاطفة بشكل كافي بقصد من الأبوان أو دون قصد، فبعض الآباء والأمهات لا يولون اهتماما كبيرا لمسألة احتواء الأبناء واحتضانهم، أو قول كلمات ثناء ومدح بحقهم!
بل قد يكون حتى اظهار الحب بصراخ وتوبيخ، فهذا الطفل يكبر وهو لا يفهم إلا لغة العنف، والصوت العالي، والصراخ، وبعض الأبناء لا، هو يعتبر العنف نقطة قوة، لأنه بمجرد أن يصبح عنيفا، بالصراخ أو البكاء الشديد أو غيرها هو يعطى ما يريد لكي يهدأ، وهذا خطأ بحد ذاته وليس حلا.
فالأول حله أنه لما يكون متشنجا وعنيفا بمجرد ما يُحتضن من قبل الأم أو الأب، هو سيشعر بالأمان، سيملأ ذلك الفراغ الصارخ في داخلي بحثا عن حنان أم تملئه، ورأفة أب تلملمه، هو سيهدئ، بل ويستجيب لما تريدانه منه، حتى أنه قد ينسى ما كان يريد، ولما هو كان هكذا عنيفا، لأنه حصل لما هو بالأصل محتاج إليه. وهذا يحتاج إلى أن يتدرب الأبوان على أن يكونا لديهم هذه القدرة على اظهار الحب بشكل سلوك عملي.
أما الثاني فهو أيضا يحتاج إلى الاحتواء ولكن ليس بتلبية ما يطلبه، بل التركيز على أنه لن يعطى وهو بهذا السلوك الفظ وغير الطيب، بل متى ما هدأ سيعطى ويكافئ أيضا، ومع احتضانه، واحتوائه لإعطائه الأمان ولسحب هذه الطاقة من الغضب التي هو عليها الآن، وتحويلها لطاقة عمل وحركة تنميه نفسيًا وبدنيًا وتطويريًا فيما بعد.
________
اضافةتعليق
التعليقات