بينما كانت قدماي تخطو إلى الأمام و تدوس على التراب كنت أنظر إلى تلك الذرات الصغيرة، يا ترى هذه الذرات متكونة من خلايا كم نفر من البشر؟
هل تصدر صوتا عندما أدوس عليها أم أنها بلا شعور وإدراك !
مستحيل أن تكون دون إدراك، يقول العلماء أننا في عالم يشعر بكل شيء ولديه قوانينه الخاصة، إننا في عالم المحسوسات والادراك وقال ربنا في محكم كتابه (وإن من شيء إلا يسبح بحمده).
هل من الممكن أن تكون ذرات عقل جسد شخص عظيم تحت أقدامي؟
أم مثلا ذرة من قلب عاشق كان يهوى محبوبه ، أم يد الولد الذي كان يداعب شعر أمه بحنان وتوفي ، أو عين أم كانت تحلق على الطريق آملة أن ترى ولدها المفقود في جبهات الحرب مرة أخرى.
أو قدم بنت كانت بين الشك والترديد أن تدخل إلى تلك الغرفة وتدوس على الحواجز والمحرمات كي تفعل ما ترغب به وفقدت حياتها بوحشية من قبل حبيبها!
هذه التربة تحمل آلاف الذرات من خلايا الماضين بينهم الملك والوزير، الغني والفقير، المؤمن والمنافق، ولكن بالتأكيد ستتأثر أفعالنا وحياتنا على نهاية أمرنا أيضا على الاستقرار بعد الموت ربما خلايا الرجل العالم ستكون حجرة المرمر التي توضع في الحرم المبارك أو في غرفة من غرف الحوزة أو مدرسة ، إن كان مخلصا مع ربه.
ربما ستكون ذرات خلايا المرأة الصالحة رمال جنب البحر حيث تهدئ النفوس والعقول بمجرد رؤية المنظر، سنكون في المكان الذي حضرناه لأنفسنا حسب أعمالنا وأفعالنا ونوايانا!
ستنتقل الأحجار والأتربة من جميع نواحي العالم إلى بلاد أخرى، هكذا سنعرف مدى دقة الأمور في قانون الله، سيلحق الطيب بالعاقبة الحسنة وسيخلد في المكان المناسب وسيذل الفاجر الطالح ويصبح حجرة أو حائط في سجن ما ويسمع الصراخ والتعذيب و يتلوث كما كان في حياته بالدم والعذاب، هذا إن كان يستحق أن يكون ترابا!
بعد سنوات سنموت جميعنا سيسكن دورنا أشخاص غرباء لا نعرفهم سيمتلكون أملاكنا وأموالنا، سيختفي كل من كان يعرفنا ونعرفه، سنرقد في حفرنا ونرى الأمور بوضوح عندئذ لا يهمنا ما قيل وما حدث إلا إذا كان يغير مصيرنا (لَّقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَٰذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
هذه الأجساد المدللة التي نسعى إلى ترفيهها بأكبر صورة ونخاف عليها من أشعة الشمس والتلوث، أين ستكون في المستقبل؟
هذه بالنسبة إلى الأجساد الفاني ، ولكن الأرواح الباقية أين ستكون؟
ستعيش آلاف ثم آلاف ثم آلاف السنين إلى الأبد ستكون في نعمة أو نقمة؟
ممن (لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)أو من فئة الخاسرة، (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا).
أي تراب؟ لماذا يتمنى الكافر أن يكون ترابا؟ ماذا يعني التراب ليتمنى الكافر أن يكون ترابا؟
عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: قوله تعالى: "يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا" يعني علويا أتوالى أبا تراب.
لذلك عندما نمعن في حياة سيدة نساء العالمين نجد أنها تختصر في كلمة واحدة (الولاية)، في طريق الدفاع عن أميرالمؤمنين علي إلى أين؟
في طريق الدفاع عن امام زماني إلى أين؟
صبت علي مصائب لو أنها .. صبت على الأيام صرن لياليا
هل كانت القضية فقط قضية السقط؟ هل كانت القضية الهجوم على الباب و الضرب؟
هل كانت القضية احراق دار الوحي وانتهاك الحرمات؟
بعد حرق الباب واسقاط المحسن والضرب والشتم، جمعت قواها كي تدافع عن قضيتها وهي (علي)، أين نحن من أبي تراب؟
هل مستعدون للدفاع عن قضية مظلوميته في كل حين؟
هل استعدنا للوقوف جنب ولده المنتظر (عجل الله فرجه الشريف)؟
اللهم إن حال بيني وبينه الموت الذي جعلته على عبادك حتما مقضيا فأخرجني من قبري…
وقبل ذلك اجعل خلاياي تنتشر في أرض كربلاء كي أصبح خرزة في تسبيحه المبارك عندما يردد بأي ذنب قتلت؟.
اضافةتعليق
التعليقات