منذ نفحات الفجر الأولى ارتطم في وجهي ذلك الهواء النقي استنشقت عبيره علّهُ يُذهب عني بعض ضيقي ووجعي..
كل عام وأنا أمني النفس بالحضور ورؤية بيت الله وها أنا ذا بين يدي الله وفي بيته وفي أقصى حالات الحزن ياترى هل كُتب عليَّ الحزن أين ماوليت وجهي أم أنا أحث إليه السبيلاً؟
ذلك الشق في جدار الكعبة يؤرقني يريدون أن يطفئوه فلا يحسنون صنعاً وكل من يحاول أن يقترب منه تشعر بالغيظ يخرج من أعينهم..
سبع أشواط ها أنا ذا أطوف حول نفسي وذنوبي ودُنيتي أرمي أحزاني وراء ظهري ذكرياتي طفولتي شبابي بكل ما أوتيت من عمرٍ على هذه الفانية أحلق في الفضاء أتذكر مايقال إن الكعبة هي أقرب نقطة إلى السماء.. فعلاً فسمو روح الإنسان فيها يكون في أعلى درجاته، ترى في عيون من يطوف الندم على ماضيه والعزم على عدم العود في المستقبل لكل عمل عمله وهو يغضب رب هذا البيت وكأنهم في ضيافة لشخص ما وقد أخطأوا بحقه فيشعرون بالخجل يغمرهم إلى أخمص أقدامهم.
ولكن هذا الشق في جدار الكعبة يطغى على كل مشاعري وأحاسيسي ودائماً يراودني سؤالي اللحوح لماذا لم يختفي؟
سمعت والدي ووالدتي يتحدثان يوماً ما حول شخص ولد داخل الكعبة وعند خروجه بقي هذا الشرخ دليلاً على ولادته هناك وعند دخولي قطعوا حديثهما وحولوه إلى آخر وكأنهم يخشون ذكره أمامي أو ذكر حتى اسمه ولكني كنت أشعر بميل كبير نحوه وتيار من الأحاسيس يدفعني كي أبحث عن تاريخه من هو؟ أين ولد؟ من أمه؟ من أبوه؟ هل له امتيازات يتميز بها عن بقية ما خلق رب العباد؟
تساؤلات تفرض نفسها كلما طفت، ها أنا ذا أصل الطواف الرابع واسمه لا يفارق سمعي وكأنه يصل إليّ من جوف الكعبة!
نظرت إلى ذاك الشق وعيني تترقرق بالدمع حزناً على جهلي بالحقيقية.
أطلت الوقوف سمعت همس خفي يقول لي:
- خذ مني الحقيقة فأنا أصدق لساناً من بعض البشر لا أحاول اخفاء الحقائق ولا أتحيز لفئة دون أخرى أنا نقي بكل ماتحمله هذه الكلمة من معنى..
أصغيت أكثر فأكثر إنه يخاطبني نعم يقصدني أنا.. انقطعت عن عالمي عند مناداته لي ورحلت إلى عوالم أخرى..
الحجيج والضجيج يعمّ المكان، أرض متعرجة، لا تكاد قدماي تحملاني فوقها لم يبق أمامي من عالمي سوى ذلك الشق الذي رأيت حوله الناس متجمهرة مابين مصدق ومكذب ومندهش ومتمتم ب (نعم لقد دخلت هنا رأيتها بعيني هاتين) مر على اختفائها ثلاث أيام بلياليها إنها معجزة ولكن لمن هذه المعجزة وماذا يريد أن يثبت لنا رب العزة بها؟
إنه مخلوق غير عادي سمعنا أمه فاطمة بنت أسد تحدثه ويحدثها وهو في بطنها إنه فاق عيسى ابن مريم عليه السلام فمن يتكلم في جوف أمه أكثر أعجوبة ممن تكلم في المهد.
آخر يتحدث بأنها لن تخرج هيَ ووليدها فالكعبة قد التهمتهما للأبد.
كل أدلى دلوه وإذا بالكعبة إنفرجت أساريرها وودعت من حَلوّاُ ضيوفاً عندها تعالت الأصوات لإستقبال من لم يسجد لصنم قط جاء أبو طالب قبّل الصبي ذو الطلعة البهية أسرع محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كي يطفئ اشتياقه للوجه المنتظر.. بين علي ومحمد طالت النظرات كأنما أحدهم يترجم للآخر رحلتهم التي ستبدأ سوياً..
صرخت بكل ما أوتيت من يقين أشهد أن علياً ولي الله.
اضافةتعليق
التعليقات