أصبح “التحرش الجنسي” من الظواهر الشائعة في السنوات الأخيرة، ورغم أن هذه الظاهرة ليست حديثة على المجتمع الإنساني، لكن مع ثورة التكنولوجيا في العالم وانتشار الفيديوهات اللاأخلاقية، وسهولة الوصول إلى المحتوى اللااخلاقي على شبكة الإنترنت، تزايدت ملاحظة هذا السلوك في الأوساط العامة، ومع أن التحرش يطال النساء بشكل خاص، فإنه في الكثير من الأوقات يكون موجهًا للأطفال.
تشير الدراسات والإحصائيات العالمية إن 70 % من الأطفال في العالم قد تعرضوا للتحرش الجنسي بنوع أو أكثر فقد أفادت إحصائية ألمانية أن نسبة التحرش الجنسي بالطفل قد تصل إلى 12 – 15 % أي ما يعادل 200 ألف حالة سنوياً.
وقد أظهرت الإحصائيات أن نسبة التحرش الجنسي بالأطفال مرتفعة للغاية، وغالبًا ما تتعرض له الفتيات أكثر من الفتيان، ولكن معظم الحالات لا يتم الإبلاغ عنها بسبب خشية الأهل من أن تبقى هذه الحادثة وصمة تلاحق طفلهم حتى بعد أن يكبر، أو نتيجة عدم إبلاغ الضحية لأسرته من الأساس.
وهناك دراسة أمريكية: أثبتت أن 83 % من الأطفال قد تعرضوا للتحرش الجنسي كما أن هناك بعض الدول العربية أعلنت عن بعض الإحصائيات الخاصة بالتحرش الجنسي بالطفل داخل إطار العائلة مع العلم أن ما يتم الإبلاغ عنهم للسلطات المختصة لا يتجاوز نسبة ضئيلة مقارنة بالحالات الحقيقية نتيجة لحالة السرية والصمت الذي يحاط به هذا النوع من الاعتداءات.
ولذلك فإن تعليم الطفل كيفية حماية نفسه هو أمر غاية في الأهمية، حيث لا يمكنك مراقبته طوال الوقت. لكن يمكن تدريبه على حماية نفسه، خاصة أن الأطفال ربما لا يعرفون معنى وتبعات التحرش الجنسي، لكنهم يشعرون جيدا بأن شيئا ما غير مريح يتعرضون إليه.
كلمة لا
وفقًا لعلماء نفس الأطفال فإنه من الضروري قول كلمة لا في بعض الأحيان والمواقف فهي كلمة مهمة؛ لأنها تساعد طفلكِ على وضع الحدود الكثيرة مما يساعد ذلك على نموه جسديًّا وعاطفيًّا وعقليًّا اشرحي لطفلكِ مفهوم الموافقة؛ فيجب أن يعرف طفلكِ بأن الموافقة ذات اتجاهين أي إنه ليس فقط برفضه وقوله كلمة لا عندما يتعلق الأمر بعواطفه وجسده أو مساحته الشخصية بل يجب أن يدرك أن عليه احترام الآخرين عند قولهم لا له، وبالطريقة نفسها يجب على الآخرين احترامه عندما يقول هو لا.
احترمي كلمة لا لطفلك عندما يقولها وبالذات أمام الآخرين حتى تقوي شخصيته وتقوي علاقة الترابط بينكما فعندما يرفض تقبيل الضيوف احترمي رأيه وبعد انتهاء الموقف تحدثي إليه عن سبب رفضه؟؟
يجب تعليم الطفل حقه في الاعتراض وقول "لا"، في حالة رفضه لأي موقف غير مريح له، واحترام ذلك دون تخويفه، وهو ما عليه فعله إذا شعر بعدم الأمان عند لمس أحدهم له ولا يخاف من قول "لا" حتى للأشخاص البالغين.
-تسمية المناطق بأسمائها
كلما بادرت بالحديث مع طفلك عن حدود جسده زادت قدرته على حماية نفسه من اللمس غير المرحب به. يجب تعليم الطفل أسماء أعضاء جسده بصورة جادة لا مجال للمزاح وخط أحمر أمام كل من يقترب نحوها سواء بالمزاح أو الجد أو أي نية أخرى، وعليك تجنب تسميتها بأسماء مستعار، حتى لا يشعر الطفل بالعار من أجزاء جسده ولا أخيفه. يتسم الشخص المتحرش بالجبن الشديد، فإذا أدرك أن الطفل سوف يصف لأهله ما تعرض له بوضوح سيخشى التعرض له.
- حدود الجسد
علمي طفلك أنه ليس لأي شخص الحق في لمس مناطقه الشخصية، سواء من الأقارب أو شخص غريب أو طفل آخر، وأن إظهار هذه المناطق لا يحدث دون وجود أحد الأبوين وفي حالات خاصة مثل كشف الطبيب. تحدثي إليه عن جسده هو شيء ثمين وملكه الخاص ولا يستطيع أي شخص أن يلمسها أو يقترب منها ولا يحق لأي شخص أن يطلب منه إظهار هذه المناطق من جسده، أو لمسها أو التقاط صورة لها.
- اللمس الآمن والمخيف
عليك الحذر جدا في هذه النقطة لأنها سلاح ذي حدين يتجنب الكثيرون منا الحديث مع الأطفال في مواضيع تتعلق بأجزاء الجسم الحساسة، معتقدين أنهم مازالوا صغاراً جداً على هذا. وهذا ما يمنح المعتدين فرصة. يجب أن تكوني منفتحة مع طفلك، وتتحدثي عن الأمور المناسبة لعمره، وعن أعضائه الخاصة، بتوضيح واحترام.
وذلك لأن الانغلاق في هذا الموضوع وتجنب الخوض فيه يمكنه أن يعطي طفلك فكرة خاطئة. وحتى لو عانى الطفل من تصرف غير لائق، فلن يتجرأ على مصارحتك، معتقداً أن التحدث عن الأعضاء الحساسة سيغضب والديه أو يوقعه في المشاكل.
- طلب الإذن قبل لمسه
تعليم الطفل أن جسده ملكه هو فقط، ومن حقه أن يستأذن قبل لمسه من الأقرباء والغرباء، سواء قبل عناقهم أو تقبليهم له، فكما للكبار الحق في الموافقة قبل لمسهم فكذلك الطفل أيضا، هذا الأمر يعزز معرفته بحدوده الشخصية وحدود الآخرين معه. يبدأ هذا من البيت فيمكنك تعويده على ذلك بطلب إذنه قبل عناقه أو تقبيله واحترام إذا رفض ذلك دون إبداء أي نوع من الانزعاج من قراره، أو إجباره على العناق، ولا يفضل أن يعتاد الطفل على التقبيل.
- تكوين شبكة آمنة له
شعور الطفل بالأمان لا يولد من موقف أو موقفين، ولكنه يبنى منذ سنوات الطفل الأولى ويعزز بالوقت، بوجود رابط آمن للطفل، واستقبال كلامه دون عقابه، أو إبلاغ شخص آخر عما قاله دون إذنه يعزز إحساسه بالأمان، ويمكنه من البوح لأحد البالغين في حالة تعرضه للخطر.
ببلوغ الطفل ثلاث سنوات يجب أن يكون له شبكة آمنة مكونة من خمسة أشخاص من العائلة، ويفضل أن يكون أحدهم ليس من العائلة، قد يكون المعلم أو الاختصاصي النفسي في مدرسته، وهم من يمكن للطفل إبلاغهم بأي شيء حدث دون خوف حتى لو تعرض لتهديد من طفل آخر أو من شخص بالغ.
أخيراً عززي وقوي شخصية طفلك أمام الآخرين وحتى بينكم وكوني له شخصيته المستقلة لأن المتحرش عادة يبحث عن طفل خائف شخصيته متذبذبة لذا اجعلي من شخصية طفلك شخصية قوية يخافه المحيطين وبالذات ذوات النفوس الضعيفة. أولادنا أمانة في رقابنا فعلينا صون الأمانة والمحافظة عليها.
اضافةتعليق
التعليقات