لطالما كان الضرب أحد أكثر وسائل التربية المُتبعة لعقاب الأطفال حول العالم.
وبالرغم من أن معظم خبراء التربية والأمومة والطفولة ينصحون بتجنُّبه كوسيلة للتأديب، إلا أن الآباء يعترفون بضرب أطفالهم في مناسبات مختلفة اعتقاداً أنها الطريقة الأقرب لتحقيق النتائج المرجوة من سلوكيات الطفل.
وبخلاف سرد التبعات السلبية المتعددة لنمط التربية بالضرب والعنف، والتي تؤدي إلى تشوّه شخصية الطفل وتساهم في إصابته بكثير من الاضطرابات والمشكلات النفسية، إلا أن هناك أكثر من طريقة لتأديب الطفل بشكل إيجابي بنّاء.
في هذا التقرير نستعرض طرق تربية وتأديب الطفل عند ارتكاب الأخطاء من دون استخدام العنف بأي شكل، والحرص على تعليمه الصواب من الخطأ بصورة إيجابية بنَّاءة.
1- تأديب الطفل باستخدام الوقت المُستقطع
يرسل ضرب الأطفال عند اقتراف السلوك السيئ، خاصة العدواني، رسالة مختلطة له في تمييز الصواب من الخطأ؛ لأنه حينها سوف يتساءل لماذا لا بأس أن تضربه، لكن ليس من المناسب له أن يضرب هو أخاه بدوره.
لذا يمثل الوقت المستقطع بديلاً أفضل بكثير لتأديب الطفل وتعليمه أنه قد اقترف سلوكاً غير مقبول. وعند القيام به بشكل صحيح، فإن الوقت المستقطع يعلم الأطفال كيفية تهدئة نفسه والتفكير في تصرفاته، وهي مهارة حياتية مفيدة للغاية.
ولكن لكي تكون هذه المهلة الوقتية فعالة، يحتاج الأطفال إلى قضاء الكثير من الوقت الإيجابي مع والديهم في المقابل، وفقاً لموقع Very Well Family للتربية والأمومة.
بعد ذلك، عندما يُبعدون بعد موقف ما ويجلسون مثلاً على "كرسي الوقت المستقطع" في ركنٍ محدد، سيبدأون في تعلُّم التنظيم الذاتي، والتعبير عن مشاعرهم بشكل مناسب، واتخاذ خيارات مختلفة في المستقبل.
2- الحرمان من الامتيازات
الهدف ليس معاقبة طفلك لإجباره على الخضوع وسماع أوامرك، ولكن مساعدته على تعلم اتخاذ خيارات أفضل للمستقبل. وهذا يتطلب الممارسة والاستمرارية.
ومع ذلك، إذا اتخذوا قراراً سيئاً، يجب أن يتعلموا أن النتيجة هي فقدان امتياز ما من امتيازات حياتهم، ويجب أن تكون الخسارة مرتبطة بالسلوك.
وعند تنفيذ هذا التكنيك لتأديب الطفل وتعليمه أنه اقترف سلوكاً خاطئاً، يجب أن توضح متى يمكنه استعادة الامتيازات. وعادةً ما تكون 24 ساعة مدة طويلة بما يكفي لتعليم الطفل تجُّب أخطائه.
على سبيل المثال، يمكنك أن تخبره أنه لن يشاهد ساعة الكارتون المعتادة اليومية، على أن يستأنف الحصول عليها في اليوم التالي. وقد تُستخدم أيضاً امتيازات مختلفة، مثل: الدراجة، الكرة، لعبته المفضلة، قطعة الحلوى المسموح بها، وغير ذلك.
3- توضيح السلوكيات الحميدة والتوقعات المطلوبة
يلفت موقع منظمة الأمم المتحدة للطفولة UNICEF، إلى أن إحدى أهم طرق تربية الطفل الإيجابية، هي إخبار طفلك بما تريده بالضبط، لأن ذلك يُعد أكثر فاعلية من إخباره بما لا يجب فعله فقط.
مثلاً عندما تطلب من الطفل عدم إحداث فوضى، أو أن يكون جيداً، فإنه لا يفهم بالضرورة ما يجب عليه فعله؛ لذا يجب أن تحدد الإرشادات الواضحة مثل "من فضلك التقط جميع ألعابك وضعها في صندوق الألعاب".
التوقعات الواضحة والمتطلبات الصريحة تزيد من احتمالية قيام الطفل بما تطلبه.
ومع ذلك، من المهم وضع توقعات واقعية.
كذلك قد لا يكون مطالبتهم بالبقاء هادئين ليوم كامل أمراً يمكن تنفيذه مثل طلب 10 دقائق من الوقت الهادئ أثناء إجراء مكالمة هاتفية مثلاً.
4- توضيح العواقب الواقعية بهدوء
جزء من تربية وتأديب الطفل ومساعدته على النمو والنُضج هو من خلال تعليمه أنه إذا فعل شيئاً معيناً، يمكن أن يحدث شيء ما نتيجة لذلك. ويُعد تحديد هذا لطفلك هو عملية بسيطة تشجعه على تعزيز السلوك الجيد وتعليمه المسؤولية وتبعات الأمور.
وبحسب UNICEF، يُنصح بمنح طفلك فرصة لفعل الشيء الصحيح من خلال شرح عواقب السلوك السيئ.
على سبيل المثال، إذا كنت تريده أن يتوقف عن الخربشة والكتابة على الجدران، يمكنك إخباره بالتوقف لأن الحائط سيتشوّه تماماً، وإلا ستنهي وقت لعبه بالألوان. هذا يوفر له تحذيراً وأيضاً فرصة لتغيير سلوكه.
وإذا لم يتوقف، فاتبع العواقب بهدوء ودون إظهار الغضب أو الانفعال.
أما إذا توقف عن السلوك المرفوض، فامنحه الكثير من الثناء والتشجيع على ذلك. وما تفعله هنا هو إنشاء حلقة ردود فعل إيجابية لطفلك.
وقد ثبت أن العواقب الهادئة فعالة للأطفال لمعرفة ما يحدث عندما يتصرفون بشكل سيئ.
كذلك كونك متسقاً وثابتاً في ردود فعلك تجاه سلوكياته المفروضة هو عامل رئيسي في التربية الإيجابية، وهذا هو سبب أهمية توضيح التبعات والعواقب للطفل.
كذلك يجب جعل العواقب واقعية، مثلاً يمكنك أن تأخذ هاتف ابنك المراهق بعيداً لمدة ساعة، ولكن قد يكون من الصعب حرمانه من الهاتف على خطأ بسيط لمدة أسبوع كامل.
5- إشباع حاجة الطفل في الحصول على الانتباه
يحتاج الأطفال إلى الحصول على الاهتمام؛ لذلك إذا لم تُشبع رغبة الطفل بالاهتمام الإيجابي، سيبحث الأطفال عن أي اهتمام يمكنهم الحصول عليه، حتى من خلال استثارة الاهتمام السلبي عند طريق ارتكاب الكوارث والمشكلات.
سوف يقومون بسلوكيات تُثير غضبنا واستفزازنا لأنه بالنسبة للطفل، حتى الانتباه السلبي هو طريقة للحصول على الاهتمام الذي يتوق إليه من والديه.
هذا لا يعني أنك يجب أن تكون بجانب طفلك على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وبمجرد قضاء بضع دقائق في اليوم وجهاً لوجه مع طفلك، بشكل خالٍ من الإلهاء والقيام بشيء يريد القيام به، ستطرأ تغيرات إيجابية هائلة على سلوكه.
وينصح موقع Positive Parenting Solutions للتربية الإيجابية، بتخصيص 10 دقائق مرة أو مرتين يومياً مع كل طفل واختيار لعبة يريدونها أو قراءة كتابهم المفضل.
وخلال هذا الوقت دع الهاتف بعيداً، ولا تقم بأي مهام جانبية من أي نوع.
وعند تلبية احتياج الطفل للانتباه بشكل إيجابي واستباقي، سيصبح أطفالك أكثر تعاونًا ويقل احتمال ميله لجذب الانتباه بطرق سلبية.
صحيح أن الحياة مزدحمة، وقد يكون إيجاد وقت إضافي في اليوم أمراً شاقاً على الآباء في البداية، لكن يجب اعتبار هذا الوقت بمثابة استثمار في علاقتك بأطفالك وفي تحسين سلوكهم.
وعندما يتعلق الأمر بمعرفة كيفية تأديب الطفل، فإن منحهم ما يحتاجون إليه لتجنب السلوكيات السيئة في المقام الأول يمكن أن يكون له تأثير كبير. حسب عربي بوست
العنف ضد الطفل: الأنواع الآثار والتداعيات
تزداد تداعيات العنف اللفظي سواء الذي يوجه للأطفال، أو الذي يخرج منهم نحو الآخرين، يوما بعد يوم مع تقدم أعمارهم، بحيث تصل خطورته إلى تهديد كيان واستقرار الأسرة، كما تتراكم أسبابه التي تؤدي إلى نتائج غير قابلة للسيطرة من قبل الوالدين والأسرة، كان من أبرزها بعد الوالدين عن أبنائهما بطريقة يلمسها الطفل، وتدفعه إلى محاولة إدارة حياته بذاته دون الاستعانة بهما.
ما يؤدي، في معظم الحالات، به (الطفل) إلى تخلل المشاعر السلبية داخله، تكون نتيجتها اتباع أسلوب العنف اللفظي، كذلك أسلوب العقاب الجسدي مع الأبناء، مما يتسبب في أزمة نفسية داخل الأسرة، بالإضافة إلى شعور الطفل بأن والديه يسلبان حريته في اختيار الأشياء الخاصة به، مثل ألعابه وأصدقائه، فيبدأ في انتهاج الاستقلال باستخدام أسلوب العنف اللفظي.
تتعدد الأسباب
وعن أسباب العنف اللفظي الذي يصيب الطفل، تقول أستاذة الصحة النفسية، د. داليا الشيمي، إنها 'تتعدد وتزداد مع تطوره العمري، ويكون أبرزها إحساس الوالدين بأن طفلهما ملكية خاصة، وليست له شخصيته ينبغي عليهما تنميتها في إطار نفسي تربوي صحيح، مما يكون له الأثر السلبي على الطفل، يبدأ بمحاولاته للتخلص من السيطرة التامة التي فرضها الوالدان عليه، ويكون من خلال التمرد على طلباتهما وأوامرهما، وعدم الأخذ بنصائحهما ووصاياهما، ويمتد الأمر في حالة عدم جدوى هذا الأسلوب إلى العنف اللفظي، حيث يكون عبر الرفض العصبي والنفسي لكل ما يطلبانه منه، والمصاحب لكلمات جارحة وغير أخلاقية'.
وأضافت الشيمي، أنه 'كما ينظر الآباء عادة لأطفالهم مهما كبروا باعتبارهم صغارا لا يستطيعون الاعتماد على أنفسهم، الأمر الذي يعد من أهم أسباب اتباع أسلوب العنف اللفظي لديهم، حيث يشعر الطفل بعد مرور أول عام بعد ولادته بالرغبة في تحمل مسؤولية تصرفاته، ويبغي التعرف على كل ما هو مجهول من حوله، لذلك يغضب كثيرا عندما يمنعه والداه عن إشباع رغبته، ويبدأ في مواجهة ذلك بالاعتراض اللفظي الحاد'.
وتابعت الشيمي، أنه 'يذكر في علم نفس الطفولة أن عنف الوالدين نحو الأطفال ينتج عنه عنف مقابل يمارسه الطفل بعد مرحلة معينة ضد والديه وكل من حوله، حيث يرى في ذلك نوعا من العقاب لهم على ما اقترفوه في حقه من قبل، فالأطفال تستطيع تسجيل كل ما مرت به بعد العام الأول بعد الولادة، لذلك يتعمد الطفل اقتراف أخطاء متكررة حتى يجذب انتباه والديه ويسبب لهم ضوائق نفسية، يتطور الأمر إلى التطاول اللفظي عليهما، ليثبت من لهم من خلال ذلك أنه ذات شخصية مستقلة وقوية، ولا يمكن لهما معداته أو الوقوف في وجه رغباته'.
الآثار وخيمة
وعن آثار العنف اللفظي على حالة الطفل النفسية، يشير أستاذ علم النفس التربوي د. هشام عادل، إلى دراسة أجريت في جامعة نيو هامبشير الأميركية، تناولت التأثيرات السلبية التي تلحق بالطفل نتيجة العنف اللفظي، ومن أهمها تفكيره المستمر في التخلص من حياته أو إلحاق الضرر الجسدي بنفسه عبر استخدام آلات حادة.
كما أن العنف اللفظي يقلل من ثقة الطفل بذاته، ويجعله غير مؤهل نفسيا في التعامل مع الآخرين، كذلك تسوء علاقة الطفل بأقرانه سواء الأصدقاء أو الإخوة، حيث يصبح غير قادر على إدارة محيطه الاجتماعي، ويكون دائم الشجار معهم كما يقوم بضربهم باستمرار، حيث يشعر الطفل في هذه المرحلة برغبة في العيش بمفرده، وإخراج الطاقة السلبية التي تتمركز داخله.
ويقول عادل، إن 'العنف اللفظي الذي يتبعه الطفل يؤثر أيضا على نموه الجسدي بصورة ملحوظة، حيث يعاني الطفل خلال هذه المرحلة بأزمات نفسية متكررة، بالإضافة إلى الأزمة الأساسية التي أدت به إلى هذا المستوى من التعامل مع الآخرين، تتسبب هذه الأزمات في عمل خلايا المخ، وبالتالي يتوقف المخ عن التطور مع المراحل العمرية للطفل، وكذلك حركة العظام والأعضاء تتوقف جميعها بتوقف المخ، كما أن عاطفة الطفل تتأثر كثيرا بهذه التجربة وإن مرت عليه بسلام دون تأثيرات جسدية، حيث يشعر الطفل بعدم قبول نحو الآخرين بصورة دائمة، ويفقد الرغبة في التعاون والتواصل معهم، ويسمى ذلك بالاضطراب العاطفي، يظهر عبر حرص الطفل على قضم أصابع الإبهام والسبابة، وعدم القدرة على استيعاب المواد الدراسية، لذلك ينصح الوالدين بضرورة معاملة أطفالهما بصورة تتماشى مع أعمارهما وتتناسب مع احتياجاتهما النفسية'. حسب عرب 48
اضافةتعليق
التعليقات