إن دعوة إبراهيم وإسماعيل في قوله تعالى: (رَبَّنَا وَابعَث فِيهِم رَسُولاً مِّنهُم يَتلُو عَلَيهِم آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَيُزَكِّيهِم إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) البقرة: 129
وبشرى عيسى (عليه السلام) : كما أشار إليه قوله - عز وجل- : (وَإِذ قَالَ عِيسَى ابنُ مَريَمَ يَا بَنِي إِسرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيكُم مّصَدِّقًا لِّمَا بَينَ يَدَيَّ مِنَ التَّورَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأتِي مِن بَعدِي اسمُهُ أَحمَدُ) الصف: 6
إنما هي التمهيد الأول لولادة النبي الخاتم الذي تنتهي عنده سلسلة الأنبياء المباركة.
عُرفت آمنة بنتُ وهب بـ "زهرة قريش"، وكانت مخفية عن العيون، حتى إنَّ الرواة كانوا لا يعرفون ملامحها، وقيل إنها عندما خُطبت لعبد الله بن عبدالمطلب كانت حينها أفضل فتاة فى قريش نسباً وموضعاً.
لم يكن "عبد الله بن عبد المطلب" بين الذين تقدموا لخطبة "زهرة قريش" برغم ما له من الرفعة والسمعة والشرف، فقد منعه من التقدم إلى "آمنة" نذر أبيه بنحر أحد بنيه لله عند الكعبة؛ حيث إن عبد المطلب حين اشتغل بحفر البئر، لم يكن له من الولد سوى ابنه "الحارث"، فأخذت قريش تعيب عليه ذلك، فنذر يومها إذا ولد له عشرة من الأبناء سوف ينحر أحدهم عند الكعبة، فأنعم الله عليه بعشرة أولاد كان أصغرهم "عبد الله" وهو الذى استقر عليه السهم ليكون هو الذبيح.
ولما أمِن عبد الله من الذبح، قرر عبد المطلب تزويجه، فأخذه إلى وهيب بن عبد مناف وهو عم آمنة بنت وهب وكانت تحت رعايته بعد أن مات أبوها، فكانت أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً وشرفاً، فخطبها لولده عبد الله، وتم الزواج وولدت آمنة لعبد الله محمداً (ص) وهكذا شاء الله أن تكون هذه المرأة الطاهرة زوجة لعبد الله وأماً لسيد خلقه وخاتم أنبيائه ليكون أشرف الناس حسباً وأكرمهم نسباً، فطهّره من الرجس ونقله من الأصلاب الشامخة إلى الأرحام المطهرة فكان خاتماً لأنبيائه وسيّداً لعباده فقد أعطى الله عز وجل آمنة من النور والعفة والبهاء والجمال والتمام، ما أهلّها لتكون سيدة قومها.
إنها المرأة التي تكلّلت بإكليل القداسة واتشحت بوشاح الشرف والمجد والسيادة، فاجتباها الله لحمل نور النبوة واصطفاها بأمومة أقدس إنسان عرفه الوجود، الإنسان الذي كان السبيل الطاهر بين السماوات والأرض، الإنسان الذي نادى بكلمة الحق بين جموع الجهل والاستبداد كما أمره ربه إذ ألقى عليه قولاً ثقيلاً.
اضافةتعليق
التعليقات