بدا القلق يسامر لمياء فقد نضجت ابنتها براق وأصبحت شابة يافعة كيف لها أن تحتويها للحفاظ عليها دون أن تبالغ بذلك الاحتواء وفي الوقت ذاته تجعلها تعيش صباها كقريناتها من أبناء جيلها؟.
الطفلة براق هي الآن في أطر المراهقة تغيرت أفكارها ومشاعرها وأصبحت لا تتقبل ذاتها من حيث مظهرها الخارجي لكونها بدينة وقد أدركت هذا الأمر ليس من تلقاء نفسها إنما بسبب المجتمع المحيط بها حينما يلتقيها.
(بشرى حياة) كانت لها هذا الاستطلاع حول أبناءنا المراهقون ودوامة النمو:
انعزال
حدثتنا لمياء (والدة براق): دعيت إلى حفل زفاف والتقتنا قريبتنا التي نظرت لابنتي بازدراء ونعتها بالبدينة ثم استطرقت القول إلى جملة غير لائقة (هاي من هسا انت سمينة لعد من تزوجين ويصير عندج أطفال شلون...!) أنبتها لما قالت ونظرت لها ممتعضة ثم انصرفت.. إلا أن براق تأثرت بذلك الموقف الذي أصبح كابوسها المرعب مما جعلها لا تتقبل ذاتها..
وأضافت: انعزلت براق تماما عن المحيط الاجتماعي محاولة بشتى الطرق الابتعاد عن التجمعات العائلية والمناسبات حتى لا تتعرض لأي انتقاد يؤذي مشاعرها.
صنع المجتمع
ترى ابتهال الغانمي/ طالبة جامعي: إن تقبل المراهق لذاته يتعلق ببناء الشخصية منذ النواة الأولى للطفل.
فحينما ينضج لا يكون مدرك لعيوبه أو لمحاسنه وإنما المجتمع هو من يصنع له تلك المنغصات من حيث شكله الجسماني أو طوله أو لون بشرته من ثم يدرك الأمر فيصبح من الصعب تقبله لذاته، والعكس تماما إن كان حسن المظهر الجمالي فمديح أفراد المجتمع له سيجعله يغير من ذاته الذي نضج من الطفولة إلى المراهقة وبدل أن يكتسب صفات جميلة يعتريه الغرور.
وتابعت الغانمي: إن تقبل الذات لدى المراهق سواء ذكر أو انثى تقع مسؤوليته على ثقافة أفراد المجتمع في فن الحديث معهم بما يناسب فترة نضوجهم من أجل أن لا يتعرضوا لأي انعطافات فكرية تقودهم إلى الانحراف خصوصا ونحن نواكب عصر التكنلوجيا.
تقبل المراهق لذاته
وكانت لنا هذه الوقفة مع الاستشارية زهراء عبد الرسول التميمي من مركز الإرشاد الأسري في مدينة كربلاء قالت من خلالها: إن وعي المراهق وتقبله لذاته الجسمية يعد عنصراً مهماً في ثبات سلوكه واستقراره النفسي، وفي الوقت نفسه نجد أن تكوين صورة مرغوبة وثابتة للذات الجسمية عملية طويلة وربما تكون غير سارة، تستغرق مرحلة المراهقة وتمتد إلى مرحلة الرشد، إذ نلاحظ في بعض الأحيان عدم تقبل المراهقين لذواتهم الجسمية وصفاتهم الخلقية، فتعد الجاذبية الجسمية للمراهقين معياراً أساسياً للقبول الاجتماعي من وجهة نظرهم، فيشعر المراهق بأن هناك خطأ ما في طوله، أو وزنه، أو ملامح وجهه، أو لون بشرته، أو في جوانب أخرى، وتصبح هذه العيوب الذاتية محور اهتمامه، وتؤدي في كثير من الأحيان إلى رفضه لذاته.
وأضافت التميمي: كما هناك علاقة مهمة بين التوافق النفسي وبين مفاهيم المراهق عن ذاته، ولاسيما المظهر، والتي قد تدفعه في كثير من المواقف لتبني بعض الانحرافات السلوكية تعويضاً عن تلك المشاعر.
والأسباب خلف عدم تقبل المراهق لذاته الجسمية يعود إلى عدة عوامل منها سرعة تغيرات النمو الجسمي في هذه المرحلة، وتأثير التغيرات الجسمية على عدم الثبات في سلوك المراهق، والميل للانطواء ومظاهر القلق وقلة الثقة بالنفس عند المراهق، وأيضا نقص خبرات المراهق بدوره الاجتماعي.
ارشادات نفسية
ومن أجل معالجة مشاكل المراهقة في فترة النضوج قالت الاستشارية زهراء التميمي: اجعل ابنك المراهق يتقبل ذاته مهما كانت وعلمه كيف يثق بنفسه، والحرص على الارتقاء بشخصيته بالطرق المناسبة.
كما يجب المساهمة في بناء الصورة الإيجابية الواقعية، البعيدة عن المثالية التي يحملها المراهق عن نفسه.
ومن الضروري تقبل أبناءنا المراهقين وعدم مقارنتهم مع بعضهم البعض أو مع أقاربهم من ناحية الصفات الخلقية (الشكل)، بل يجب أن نؤكد لهم بأننا نحبهم جميعا وكل واحد منهم له جماله الخاص الذي يمتاز به، وبأن السمات الشخصية والقدرات المعرفية والمهارة أكثر أهمية من الجاذبية الجسمية.
ويجب مساعدته على التوافق النفسي مع ذاته، والوصول إلى مستوى جيد من الصحة النفسية، لأن تقبل المراهق لذاته الجسمية يرتبط بمدى صحته النفسية.
ومساعدته أيضا على اكتساب خبرات تؤهله لدوره الاجتماعي وقبوله للآخرين، وفي الوقت نفسه التخلص من التأثر بالمشاهير والابتعاد عن التقليد الأعمى، ومنه المبالغة في اجراء عمليات التجميل.
وابعاده قدر المستطاع عن أصدقاء السوء لأن سلوكهم مدمر للمراهق، ويمكن ذلك من خلال تعريفه على أصدقاء جيدين، وإشغاله بالعمل أو الدراسة وتكليفه بالمهمات المنزلية ليبتعد تدريجياً عنهم.
اضافةتعليق
التعليقات