سؤال قد يُطرح عليك عدة مرات في اليوم الواحد، والإجابة ستكون كالمعتاد ومتعارف عليها (اسمي فلان ابن فلان، اسكن بالمنطقة الفلانية، اعمل العمل الفلاني، عندي كذا وكذا… الخ) بحديث قد يطول ان كان السائل لديه الفضول الكافي لمعرفة التفاصيل الحياتية الرتيبة، والمجيب طويل البال ويستسيغ ذلك!.
ولكن هناك حقيقة مُغيبة ومُهمشة عن هوية كُل شخص فينا، فهل سألت نفسك لمرة، من أنا وأجبتها بطريقة فلسفية عميقة؟ من أنت من الداخل وليس ما تبدو عليه! هل تَعَرفتَ على نَفسِك قبل ان تُعرفها للآخرين؟!
هذا ما طرحه موقع (بشرى حياة) على مجموعة من الاشخاص الذين فكروا بالاجابة ملياً.. حيث كان للمحامي (سلام السراي) رداً واضحاً وموجزاً قال فيه: أنا انسان تكالبت عليه هموم الدنيا بأسرها، ظاهري لطيف مُبتسم، داخلي ضجيج، وحُطام مشاعر تكسرت، أُحب كل الناس ولا أفرق بينهم أُبادر لمساعدة الجميع قبل طلبهم المساعدة، عيشي بسيط ومتواضع.
اما الشابة الطموحة (رسل الساعدي) التي تعمل بشركة لبيع الحاسبات والجدير بالذكر انها خريجة "تربية علوم صرفة قسم علوم حياة ومن الأوائل!" أجابت مستاءة: أنا عشرينة العمر ثلاثينة العقل، اما قلبي فيشبه قلب عجوز انهكه التعب، تعلمت من شمعتي التي احرقت سنينها لتُنير طريقي، ان الشهادة سلاح فكافحت حتى حصلت على سلاحي، كثيراً من أحلامي ماتت وسَهرت ليالٍ أبكِي حزناًعليها، إلى أن تعلمت بأن الدمع لا يُغير الاقدار بل العمل هو من يغيرها لذا عملت بشركات اهلية بعد يأسي من تعيينات "الحكومة"! إكتشفت موهبتي بالكتابة التي غيرتني، أصبحت أكثر قوة، قُدراتي التعبيرية والفكرية أصبحت في تقدم فقررت أن اشارك مجموعة من الكُتاب لترى حروفي النور وبذلك جاء وليدي الاول بعنوان: (لن اموت مرة أخرى) وبالفعل تعلمت دروسا ستقيني خطر الموت مستقبلا، اقصد هنا موت المشاعر والاحاسيس الانسانية والامل، لن ادعهم يموتوا ابدا..
وعن طالبة الماجستير (هديل خالد) قالت: أنا الطفلة الصغيرة التي طالما حلمت ان تنام على ذراع جدها الحنون ليروي لها اجمل الحكايات حتى تنام.. هذه أنا لم اتغير ابدا في نفسي، هذا واقعي الذي لم يُعرف عني يوماً، اظهرت الصلابة والقوة والتجاهل واللامبالاة، الكل يُظهر ليَّ الاحترام والتقدير لهذه الشخصية الظاهرة، والقليل جداً من المقربين من يظهر لي العطف والحنان لانه يعلم بأني لا ازال تلك الطفلة الحالمة بحكايات جدها الحنون.
وقد جاء رد الكاتب الاداري (حسام) بطريقة فلسفية جميلة حيث قال: أنا المستبعد.. الخارج عن القانون، الملعون الذي لا يستسلم، والبطل الذي يموت في الصفحة الأولى، أنا القِط الأعور الذي لا تُريد أيِّ عجوز أن تُداعبه! الحيوان الخائف من رِهاب الماء الذي يَعض اليد الممدودة بالرحمة،
وسوء الفهم الذي يؤدي إلى الشجار! أنا الشيطان الذي هَرب محبرة لوثر! وشريط الفيلم الذي ينقطع في ذروة الحدث، والهدف الذي أدخل في مرماي في الثانية الأخيرة! والطفل الذي ينخر رداً على تعنيف الأم، أنا خوف العُشب الذي على وشك أن يجزوه! لست أدري ما إذا كان البحر يصنع الأمواج أو يتحملها؟ لست أدري ما إذا كنت أنا المُفكر، أم فكرة عارضة؟!.
واتحَفَتنا الاعلامية (رواء الخيري) بردها قائلة: تستوقفني فكرةً تَجُول في خلُدي، كيف للانسان ان يتحدث عن نفسه؟ فأنا اغلب احياني معدومةً في اللاشيء، و كيف للاشيء ان يكون شيئاً مذكورا يترك خلفه بصمة وأثر.. ولوهلة اجد نفسي، ذلك يقين الحروف الذي اصابه وابل من الفكر الباذخ ساعٍ بجهدٍ للإطاحة بوهن العقول البالي ونفيه في فجوةٍ حيرى.. ثم اصرخ في نفسي ونصفي، انا امرأة رخامية الهوى سرمدية العهد.. ثرية الفكر.. برجوازية الحضور.. رفيقة الرصاصة والسيف والميل والقلم.. امرأة تفقه الدين، وتتجاهل سذاجة التقاليد، ثم تدفن القيد في مقبرة افكارها الحُرة لتخلو أبجديتها من الشرق والغربِ.
وأما معلمة الرياضيات (حنان عبد الرضا) اجابت: لطالما سألت نفسي هذا السؤال وكانت هناك المزيد من الإجابات تبعاً لما مررت به في هذه الحياة، ربما أنا روح لأمل ما، أو انتفاضة بداخل جسد، ربما أنا المختلفة عن الواقع والحالمة الواهمة بهذه الحياة، أحياناً أكون تلك العصفورة المحبوسة في قفص الظلم والظُلمات، التي تُحاول أن تجد القليل من الضوء والحرية لتهرب بعيداً عن قفصها، وأحياناً النجمة المضيئة التي تَهدي الآخرين وتُساعدهم على إضاءة طريقهم، أما هي تبقى بعيدة عنهم تخاف أن تقترب ويحرقهم لهيبها، حتى غادرت إلى أعماق البحار لتكون كزمردة فيه، جوهرة نادرة ولكن كثيراً ما أُخذ حقها، واستُبيحت حرمتها، تَعِبَت وخاب أدنى طموح لها ومازالت تناضل لتبقى وتنتصر فهي لها أمل لا يمل ولا يكل تلك أنا، ولا أعلم أحيانا من أنا..
وكان هناك رد آخر أتى فيه:
انا فتاة تنظر للعالم بنظرة جميلة كانت تُحب الحياة كثيراً وُتحب الناس وكل شيء، لاوجود للكراهية او الحزن بحياتها، تَرسُم على الوجوه ابتسامة جميلة، لكن اتت ايام لتقول فيها هذه الفتاة من انا؟ لا اعرف عني أي شيء! وأتى اليوم الذي تَعَرفَت فيه على نفسها لكن كيف؟ عندما حزنت وفقدت كل شيء، عندما واجهت الكثير من المتاعب والمشاكل، حينها تَعَرَفتُ على نفسي! انني قويةٍ وأستطيع فعل الكثير، اكتشفت مواهبي واستثمرتها، لا يهمني ماذا تكلم الناس عني او كيف استهزءوا بموهبتي، تعرفت على الفتاة التي تسكن داخلي تلك التي تتحدى المصاعب حتى تتطور بعملها وبعد كل يأس تمر به تنتظر الامل والنور بحياتها، تعرفت على شخصيتي كنت أظن أني ليست لديَّ شخصية، كنت لا أثق بنفسي لا اعرف من انا، لكن الان عرفتها وانتم ايضاً تعرفوا عليَّ(سُكينةعلي).
ان تَعرِف نَفسك هذا أمر بغاية الاهمية، فقد قال الامام علي (ع): [رحم الله امرء عرف قدر نفسه فوقف عنده] ومن هذا المنطلق يتوجب على المرء معرفة نفسه وعلى ماذا يرتكز، ما الذي يغفل عنه، وأي الامور تستهويه؟ وهل هو القائد أم المقود؟!
وبناءً على ذلك يجب على المرء ان يتبوأ المكان المناسب لقدره ويتفوه بالردود عن محض معرفة، حتى يتفادى سقوطه المحتم عن غير دراية الذي سيؤدي به الى المهانة والاستصغار ليقبع في بركة من الخجل وانعدام الثقة بالنفس..! لذلك من الضروري جداً مراجعة النفس ومسائلتها، وكما نفتخر بما حققنا من انجازات محددة، علينا الاعتراف بكل السلبيات والعادات السيئة المعتاد عليها والتي من شأنها ان تحط من مكانتنا الاجتماعية بصورة عامة والنفسية بصورة خاصة، لنُثابر على التخلص منها واستبدالها بما هو خير وصلاح يعود علينا وعلى محيطنا بالسلامة والمنفعة فدائما هناك الأمل، اما بعد.. لك عزيزي القارئ ان تُعرف نفسك.
اضافةتعليق
التعليقات
2020-08-01