في استطلاع أجرته مجلة Time وشبكة CNN الأمريكيتين، قال ثلثا الآباء الأمريكيين إنهم يعتقدون أنهم أفسدوا أبناءهم. إذ إن الراشدين في العديد من العائلات لا يفعلون شيئاً سوى العطاء، في حين لا يفعل الأبناء شيئاً سوى الأخذ. وهذا الأسلوب يؤدي إلى نشوء أطفال أنانيين مدللين، مثل هاتين الفتاتين المراهقتين، اللتين طلبت منهما والدتهما التي ترعاهما بمفردها المساعدة في تحضير العشاء، فأجابتا: «هذه مهمة الأم».
وتوصلت الأبحاث إلى أن الأبناء الذين نشأوا على أداء المهام المنزلية بصورة منتظمة -وهي مهام مناسبة لأعمارهم ولا يتقاضون عليها أجراً ولكنها وسيلتهم للمساهمة في الحياة الأسرية- يبدون اهتماماً أكبر بالآخرين، داخل الأسرة وخارجها. لذا، وضّحوا لأبنائكم أنهم مهمين لنجاح الأسرة، وأن مساعدتهم تُحدث فرقاً حقيقياً.
وتعاملوا مع المصروف بطريقة خاصة، على أنه أحد المنافع، مثل الطعام والمأوى، كونهم جزءاً من عائلة. واستغلوه كفرصة لتعليمهم العطاء بِحثِّهم على اتباع نظام يقسِّمون فيه مصروفهم بالتساوي بين ثلاثة برطمانات: الادخار، والإنفاق، والعطاء. وساعدوهم في اختيار القضية الخيرية التي يهتمون بها فعلياً. هذا الخطأ الأول.
أما الخطأ الثاني فهو: معاملتهم كأصدقاء وليس كأوصياء عليهم
يريد الكثير من الآباء أن يكونوا رائعين في عيون أبنائهم. ويرغبون في أن ينظروا إليهم على أنهم «أصدقاء» لهم ولا يشعرون بالراحة إزاء أداء دور الوصيّ عليهم. ويجدون صعوبة في الرفض وحث أبنائهم على طاعتهم والتحدث معهم باحترام.
ولكنّ الآباء الناجحين يتمتعون بشعور قوي بسلطتهم الأخلاقية، أي حقهم في أن يحترمهم أبناؤهم ويطيعوهم.
وأرست أبحاث أُجريت على تربية الأبناء على مدار نصف قرن ثلاثة أشكال أساسية من تربية الأبناء:
الاستبدادية (الأبوان يتفردان بالقرارات، والقليل من الحب، والقليل من النقاش).
التساهل (الكثير من الحب ولكن القليل من السلطة؛ ويتمتع الأبناء بالحرية الكاملة).
السلطوية المتزنة (تجمع بين المستوى العالي للتوقعات، والممارسة الحكيمة للسلطة، وتقدير طاعة قواعد ومتطلبات الوالدين، والدفء والرعاية، واستخدام المنطق لشرح المتطلبات، والاستعداد للإصغاء للأبناء إذا كانوا يعبرون عن وجهة نظرهم باحترام).
وفي جميع مراحل النمو -مرحلة الطفولة المبكرة، والمتوسطة، والمراهقة– وُجد أن أبناء الآباء الذين يستخدمون السلطوية المتزنة يتمتعون بالقدر الأكبر من الثقة والكفاءة والمسؤولية الأخلاقية.
الخطأ الثالث: الفشل في فرض ثقافة واعية خاصة بالأسرة
الثقافة تشكل الشخصية. ولا يمكننا الاعتماد على الثقافة العامة لمساعدتنا في تنشئة أطفال يتمتعون بالعطف والاحترام. إذ إن العالم المادي المهووس بالجنس والذي تحركه وسائل الإعلام، يُسلط على أبنائنا رسائل ونماذج سلبية يمكن ببساطة أن تؤدي دوراً أكبر من دورنا في تشكيل قيمهم وشخصياتهم.
وإذا أردنا أن نصل بتأثيرنا كآباء إلى أعلى الدرجات، يجب أن نكون أكثر وعياً وتيقظاً من آباء الماضي.
وهذا يعني اتخاذ خطوات مدروسة لتأسيس ثقافة عائلية إيجابية قوية بما يكفي لصد التأثيرات السلبية للثقافة العامة. يمكننا تشكيل هذا النوع من الثقافة الأسرية الواعية إذا:
اتخذنا مواقف واضحة توضح معتقداتنا وقيمنا (على سبيل المثال «استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في العائلة -بما في ذلك جميع الشاشات- هو امتياز وليس حقاً، ويجب ممارسته بطريقة تتوافق مع قيمنا العائلية»).
أعددنا «رسالة العائلة» أو «النهج العائلي» -بمشاركة الأطفال- أي سلسلة من العبارات التي تبدأ بـ «نحن» والتي تعبر عن نوع الأسرة التي نريد أن نكونها («نراعي الرفق في كلامنا وأفعالنا»، «إذا جرحنا أحدهم، نعتذر له ونفعل شيئاً لتعويضه»).
أرسينا قواعد صارمة حول استخدام الشاشات -مكان ومدة استخدامها- بحيث لا تهيمن على حياة الأسرة وتبعد أفرادها عن المحادثات المباشرة التي تؤدي دوراً مهماً في نقل القيم.
خصصنا وقتاً «للأنشطة التشاركية» مثل الوجبة العائلية، والقراءة للأبناء قبل النوم، والصلاة، والتعبد معاً، واحتفالات أعياد الميلاد والعطلات، والأنشطة المشتركة خارج المنزل، والمحادثات المباشرة. هذه الممارسات التشاركية تقوي علاقتكم بأبنائكم وتساعد في توفير نهج داخلي في عالم تتصارع فيه المؤثرات.
لذلك لا تفسدوا أبناءكم بعدم تكليفهم بمسؤوليات حقيقية في الحياة الأسرية، ولا تحرموهم الشخصية السلطوية التي يريدونها ويحتاجون أن تكونوا عليها، ولا تتركوا الثقافة تحدد نوع الأسرة التي أنتم عليها.
ولكن النبأ السار هو أن هذه الأخطاء الثلاثة الشائعة في تربية الأبناء يمكن تفاديها بنسبة 100%.
أيها الآباء احذروا هذه الأخطاء في تربية الأبناء
وهناك بعض السلوكيات الضارة التي تؤثر على نفسية الطفل، لذا يجب على الوالدين مراعاة كل القرارات التي يتخذونها فيما يتعلق بتربية أبنائهم، لأن هذا الأمر يؤثر بصفة مباشرة على نفسية الطفل.
تربية الأطفال أمر صعب للغاية، ولا يحق لأحد أن يحكم على أسلوب الأبوة والأمومة الذي ينتهجه البعض. لكن هناك فرق شاسع بين بعض الأخطاء التي قد يرتكبها الآباء في تربية أبنائهم. وتاليا بعض السلوكيات غير اللائقة التي يمارسها الأولياء خلال تعاملهم مع أطفالهم، بحسب تقرير نشره موقع "ليست لابز":
"خف مني وأحببني"
بالنسبة للآباء المتسلطين، تعتبر قراراتهم المتسلطة مرادفا للحب والاهتمام. ويعيش الطفل في مثل هذه العائلات في خوف مستمر، لأنه يسعى دائما إلى التعرف على الحالة المزاجية لأبويه، من خلال صوت إسقاط المفاتيح أو خطواتهم مثلا، قبل التواصل معهم. ويشعر هؤلاء الأولياء بالإهانة إذا تعامل أطفالهم مع أفعالهم الرقيقة بسلوكيات مريبة.
"كن الأفضل ولكن"
يتوقع الوالدان النرجسيان أن يحقق أطفالهما أفضل النتائج في كل ما يقومون به. كما أنهما يعتبران جميع الإنجازات التي حققها أطفالهما عادية. لكن، يمكن أن تدمر هذه النظرة حياة الأطفال، لأنها تجعلهم يكبرون معتقدين أنهم ليسوا سوى خيبة أمل بالنسبة لآبائهم.
يتوقع الوالدان النرجسيان أن يحقق أطفالهما أفضل النتائج في كل ما يقومون به (بيكسابي)
"تحدث بحرية ولا تتفاجأ"
يجبر الآباء المتسلطون أطفالهم على أن يكونوا صادقين، كما قد يجعلونهم يشعرون بالذنب في حال عدم رغبتهم في مشاركة مشاعرهم، لكن يستخدم الأولياء في وقت لاحق هذه المعلومات ضد أطفالهم، إما من خلال تأنيبهم، وإما عبر السخرية منهم لما فعلوه، وإما مشاركة هذه المعلومات مع الأقارب والجيران، معتقدين أنه لا حرج في ذلك.
"أنت سيئ.. لا تحاول"
كلما قل احترام الطفل لذاته، سهلت السيطرة عليه. ويناقش بعض الآباء المتسلطين إخفاقات أطفالهم وعيوبهم أمامهم. كما أنهم يسعون إلى استنباط بعض العيوب في حال عدم توفر عيوب واضحة. ويعزز هذا التصرف عقدة النقص لدى الأطفال. ولا يرغب هؤلاء الأولياء في أن يكون طفلهم ناجحا.
"حسّن من نفسك"
بعض الأولياء يرغبون في أن يكون أطفالهم ناجحين، لكنهم لا يهتمون بالطريقة التي سيحقق بها أطفالهم نجاحاتهم. فعلى سبيل المثال، قد يعتقد بعض الأولياء أن ولدهم يحقق مسيرة مهنية ناجحة طالما أنه لا يغادر الحي الذي يقطن فيه أو بلده. في الواقع، قد يسعد الأهل بإنجازات أطفالهم لسببين: الأول هو التفاخر بهذه الإنجازات أمام الآخرين، والثاني هو أن يضمن أطفالهم الناجحون حياة أفضل لهم.
"اتبع نصائحي، وعاتب نفسك"
الأولياء في هذه الحالة يعاملون أطفالهم على أنهم "غرض"، إذ إنهم يضعون الخطط المستقبلية ويتوقعون من أطفالهم اتباعها. كما أنهم لا يهتمون بعواقب هذا التصرف. وإذا أدت خططهم إلى حدوث خطأ ما، فيكتفون بالقول إنه "ليس خطأهم".
"اذهب بعيدا ولكن"
عادة ما يسعى الآباء إلى مساعدة أطفالهم في عيش حياتهم الخاصة. مع ذلك، لا يريد الآباء المتسلطون أن يتمتع أبناؤهم بحياتهم الخاصة، كما يتم تجاهل خياراتهم أو اعتراضاتهم في مثل هذه الحالات.
"اقبل مساعدتنا"
يشكر الأطفال أولياءهم على المساعدة التي يقدمونها لهم، كما يقدمون لهم خدمة في المقابل. لكن، سيذكّر الآباء أبناءهم دائما بهذه الخدمة التي قدموها لهم.
كيف تتعامل مع هؤلاء الآباء؟
يجب أولا أن ندرك أنه لا يمكننا تغيير الماضي، وأن العلاقة السيئة هي عبارة عن مرض مزمن. في الواقع، لكل شخص حقوقه واحتياجاته الخاصة التي لا ينبغي أن يخجل منها. وبناء على ذلك، لديك الحق في العيش في منزلك الخاص ووضع قواعدك الخاصة.
ولكن علينا أن نتذكر أن هذه القواعد تنطبق على جميع الأطراف. ويجب على الأبناء أن لا يقطعوا علاقتهم بآبائهم، وأن لا يأخذوا مساعدتهم السابقة كأمر مسلم به.
اضافةتعليق
التعليقات