التربية الأخلاقية للجيل تعيد للمرء توازنه واتزانه خاصة أن الأخلاق الفاضلة تعتبر أساس المجتمع لتوطيده على أسس مثلى. وإن بناء الشخصية على أساس من القيم والأخلاق الرفيعة، تكون منذ نشأة الإنسان وتعلمه، وما العلم في جوهره إلا تجسيد للأخلاق، وإعلاء للقيم.
وقد ربط الإسلام بين العلم والأخلاق رباطاً وثيقا فيما يسهم في تكامل الفرد معرفياً وأخلاقياً وذهنياً حتى يتعاظم شأنه في ذلك، أما الإسلام يقرِّر ثباتَ الخلُق، ويُوجبه، ويُنشئ النفسَ عليه، ويجعله في حِياطة المجتمع وحراسته؛ لأنَّ هنالك حدودًا في الإنسانية تتميز بحدود في الحياة.
الجيل الذي يعرف التعاليم ويسير على مسيرتها ينعم في قوة الفصل بين انسانيته وحيوانيته. فالانسانية المحكمة تعرف التوازن والتفاضل بين الأمور وتعرف استقلال ذواتها والجيل الذي يعرف كيف يوزن كل تفصيل في حياته يبدع ويكون لذاته.
وليست مصادفة أن ينجح ويعرف مكامن نفسه بل يتوجب عليه السعي أولا فيما يريد. فالأخلاق على أنها في الأفراد هي في حقيقتها حكمُ المجتمع على أفراده، فقِوامها بالاعتبار الاجتماعي لا غير فالنشأة مهمة في ثبات الاخلاق.
الأخلاق هي الطريقةُ لتنظيم الشخصية الفردية على مقتضى الواجبات العامة، فالإصلاح فيها إنما يكونُ من عمل هذه الواجبات، أي من ناحية المجتمع والقائمين على حكمه، وأن للشعبِ ظاهرًا وباطنًا، فباطنُه هو الدينُ الذي يحكم الفرد، وظاهره هو القانون الذي يحكمُ الجميع، ولن يصلُحَ للباطن المتصل بالغيب إلا ذلك الحكمُ الدينيُّ المتصلُ بالغيب مثلَه.
وقد قال الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأخلاق: إنَّ من أحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقً وما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق.
أما الكون له أصل لا يتغيَّر ولا يتبدَّل، هو قانون ضبط القوة، وتصريفها، وتوجيهها على مقتضى الحكمة، ويقابله في الإنسان قانونٌ مثلُه لابد منه لضبط معاني الإنسان، وتصريفها، وتوجيهها على مقتضى الكمال، وكلُّ فروض الدين الإسلاميّ وواجباته وآدابه، إنْ هي إلا حركة هذا القانون في عمله، فالمحافظة على الضوابط الإنسانية الأخلاقية القوية التي هي مظاهر الأديان فينا، ثم إدخالُ الواجبات الاجتماعية الحديثة في هذه الضوابط لربطها بالعصر وحضارته، ثم تنسيق مظهر الأُمَّة على مقتضى هذه الواجبات والضوابط، ثم العمل على اتحاد المشاعر، وتمازُجها من أجل خلق قيمة ذاتية أخلاقية للحياة.
اضافةتعليق
التعليقات