لا يستطيع الانسان بالفطرة أن يعيش بصحبة نفسه دون علاقات تربطه بمن يحبهم ومن يرتضي صحبتهم أو يميل إليهم، كون الحياة الدنيا محطة يمكث فيها لعدد من الأيام على هذه الأرض المليئة بشتى الوسائل والطرق للتعايش الذي لابد منه مع الخلق الذين يشغلون سطحها ويعمروها بالعلاقات والرباطات المتنوعة التي تولد بينهم صفقات تقارب وتجارة وغيرها من أعمال متبادلة ضرورية لقيام الحياة عليها، بما يحملونه من اختلاف ظاهري وباطني بشكل عام..
كل واحد منا يحاول بذل قصارى جهده في الحفاظ على علاقة مهمة بالنسبة له تربطه بشخص قد يراه الآخرون عاديًا، لكنه مميز بالنسبة لنا وكثيرًا ما نحرص على إدامة العلاقة وتوثيقها ونصنع لها درعًا يقيها من الخراب أو الضعف والانتهاء، وعلى قدر مكانة هذا الشخص المقرب جدًا سيكون قدر الاهتمام.
فكيف لو كان هناك شخص فريد يمتلك كل ما أنت بحاجته، يتوق الجميع للتقرب إليه ويتمنى لقائه أو الظفر بنظرة حانية منه أو يفوز بسماع كلمة على لسانه يشفع لهم فيها لمساعدتهم في عبور هذه المحطة ويمهد لما يليها، كيف لو أن هناك علاقة تفوق كل علاقاتك بالخلق أهمية ورفعة أنت في غفلة عن تفقدها ومعرفة مدى تقدمك أو تأخرك للأسف في توطيدها، هل سألت نفسك يومًا كيف هي علاقتك مع إمام زمانك؟.
عادة ما ينقصنا تحريك العلاقة مع إمامنا المنتظر "عجل الله فرجه الشريف وسهل مخرجه" وتعزيز بناءها والاستفادة منها بطرق صحيحة، فإن الايمان بالعلاقة يحتاج إلى العمل بها، والعمل بها يحتاج إلى ترك ما ينتقص منها أو يُنافيها، فيجب أن نفعل ما يليق بالعلاقة ونترك ما يضر بها في أن نضبط سلوكياتنا كيفما ما نستطيع ونتجه للسير في الطريق القويم ونداوم على ممارسة ما يرفع من درجات العلاقة ويشد رباطها بقوة تمكنها من الثبات.
ومن مرتكزات هذه العلاقة:
أولًا: التسلح بالثقافة المهدوية الرصينة والتعرف على تفاصيلها من خلال البحث والقراءة والتفكر والتمعن والتأمل بتفاصيلها من عقيدة وفكر وتأريخ ومستقبل، والاطلاع على الشبهات وردودها، فقد كُتِب الكثير بشأن هذه القضية المباركة، وكل شيء متاح بضغطة زر.
ثانيًا: أن نهدي امامنا عليه السلام ثواب جميع أعمالنا الصالحة ونذكره وندعو له في صلاتنا وزياراتنا لبيت الله ونبيه وآل نبيه، وفي الحج والعمرة وباقي الأعمال حتى في اماطة الأذى عن الطريق وقول الكلمة الطيبة والأمر بالمعروف، ولن ينقص من ثوابنا شيء بل سيزداد ويضاف إليه ثواب اهداء العمل.
ثالثًا: أن نتخذ إمامنا وسيلة لنيل مطالبنا بحقه والتقرب من الله "عز وجل" لعظمة شأنه، نلجأ إليه ونندبه عندما نشعر بالضيق أو نقع في مأزق أو أزمة جسدية أو نفسية وغيرها، فإن من أعماله وديدنه صلوات الله عليه اعانة الملهوف واغاثة المضطر.
رابعًا: أن نجدد العهد معه والبيعة له وذلك من خلال المداومة على قراءة الأدعية والأعمال المخصوصة لإمام الزمان مثل دعاء الندبة ودعاء العهد وزيارة آل ياسين ودعاء الفرج والتي ذُكرت في الكتب المختصة التي من شأنها ادخال السرور على قلب الإمام المنتظِر لظهوره كما نحن منتظرون..
خامسًا: أن تكون نية مانقوم به من أعمال أو ما نكتسبه من خبرة نقدمها لمنفعة البشرية، ونستطيع جعلها بإسم صاحب الزمان وبنية الانتظار أو التمهيد والتهيؤ للظهور، فإنه عليه السلام سيخرج بدولة والدولة تحتاج الجميع..
سادسًا: علينا الالتزام بتعليمات مراجع التقليد وأن نستشعر كونهم نواب الامام عليه السلام وبرجوعنا إليهم وتقليدهم كأننا نرجع إليه ونقلده..
سابعًا: لا بد لنا الالتفات لقضية مهمة وهي أن امام زماننا يراقبنا وينتظر منا الصالحات وأن أعمالنا تعرض عليه كل يوم فينظر إليها، يفرح بحسناتنا ويحزن لسيئاتنا والعياذ بالله من عمل السوء..
ثامنًا: علينا التواجد في المكان والزمان الذي يحتمل أن يتواجد فيه إمامنا القائم، مثلًا في زيارة الأربعين أو موسم الحج أو زيارة مسجد السهلة ليالي الأربعاء، حيث تكون الأعمال في هذه الأوقات والمناسبات مباركة وأقرب للقبول في غير سواها وعسى أن نرزق بلقائه من غير علمنا..
تاسعًا: الاحساس واليقين بوجود الامام في كل ما نتوفق للحصول عليه من آمال وأحلام كانت ثم صارت ببركة دعاءه ومحبته، وعند اجتياز الكرب بفضل رعايته ونظرته لنا، والشعور بالامتنان لإمام زماننا..
عاشرًا: أن يكون أول من نقدم له التهاني والتبريكات بمناسبة ذكرى الولادات الطاهرة والأعياد الدينية، وهو المعزى بذكرى الواقعة الأليمة وكل ما مر على آل البيت من مصابهم وفقدهم واستشهادهم..
جعلنا الله وإياكم من المنتظرين المخلصين والملبين لنداء صاحب الأمر والزمان، اللهم اجعلنا من أنصاره وأعوانه والذابين عنه والمسارعين إليه في قضاء حوائجه، والممتثلين لأوامره والمحامين عنه، والسابقين إلى ارادته والمستشهدين بين يديه يا الله يا أرحم الراحمين.
اضافةتعليق
التعليقات